المغرب فشل في إخضاع حقل الإفتاء لسلطته

الرامي الباحث في الشأن الديني: هناك انفلات في حقل الإفتاء يجب تأطيره وضبطه أكد عبد الله الرامي، الأستاذ الباحث في الشأن الديني والحركات الدينية، أن حالة الانفلات في حقل الإفتاء لا تقتصر على المغرب بل تشمل كذلك باقي بلدان العالم العربي والإسلامي. وأوضح الرامي ان هذا الأمر راجع إلى مجموعة من التحولات التي عرفتها المنطقة والعالم، مشيرا إلى أن هناك نية لدى الدولة لإخضاع هذا المجال لمراقبتها، لكن الأمر مازال لم يُفعل بعد. وفي سياق متصل قال إن المفتين أو رجال الدين ليست لهم الإمكانيات أو الإطارات التي تساعدهم على الرصد والتشخيص والتحليل قبل إصدار الفتاوى، مستنكرا مجموعة من الفتاوى التي اعتبرها مثيرة للاشمئزاز صادرة عن مجموعة الفقهاء ورجال الدين المغاربة... تفاصيل أكثر في نص الحوار: كيف تقرؤون بعض الخرجات الإعلامية لرجال دين مغاربة والفتاوى التي يصدرونها؟حالة الإفتاء المنفلت أو غير الرسمي لا تقتصر على المغرب، بل تشمل باقي بلدان الوطن العربي والإسلامي، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية المسألة مرتبطة أولا بالتحول الذي شهده الحقل الإعلامي، إذ صرنا نعيش في عصر الفضائيات والإنترنت، وثانيا تصاعد الثقافة الدينية في الوسط الاجتماعي. إذن هذه هي الأسباب الأساسية، والتي لا تخص المغرب لوحده بل هي نتيجة التحولات التي تجري في الوطن العربي الإسلامي، وهي الأسباب ذاتها التي نجدها مثلا في مصر أو في المملكة العربية السعودية ... وكذلك هناك مسألة أخرى هي تساهل الجهات الرسمية أمام هذا الوضع. فمثلا في السعودية هناك صرامة وقوانين وُضعت للحد من هذا الإنفلات وتؤطر مجال الإفتاء، بالمقابل في المغرب هناك محاولات وتنبؤ بهذا الوضع لكن ليس هناك تدخل وتأطير صارم لهذا المجال، كما هو الشأن بالنسبة إلى الهيكلة الدينية وتأطير المساجد والدعاة... إذ ليس هناك تأطير قانوني لحقل الإفتاء وتنظيمه. أظن أنه كانت هناك مشاريع وتوجيهات وتوصيات في هذا الصدد، لكن مازالت لم تترجم بشكل قوي على أرض الواقع. وكما قلت فإنها حالة عامة في العالم العربي ونتجية للتحولات التي عرفها العالم والمنطقة، فالحكومات داخل الوطن العربي والإسلامي تعاني هذه الظاهرة. والدولة التي استطاعت إلى حد ما أن تؤطر هذا المجال وأن تتحكم فيه هي العربية السعودية وبعض دول الخليج. وبالنسبة إلى السياق المغربي هل الأمر دليل على فوضى تطبع مجال الإفتاء؟الإفتاء يمكن تقسيمه، فمن جهة يمكن القول إنه يندرج في سياق الحريات، ومن جهة ثانية هناك مجالات لا يمكن أن يكون الإفتاء فيها خاضعا للعفوية أو العبث خصوصا في كل ما يمس النظام العام أو القضايا الاستراتيجية الخاصة بالجهات الرسمية أو الدولة التي تحسن تقدير المواقف ولها الإمكانيات لفعل ذلك. وبالنسبة للمفتي كشخص الأمر يتعلق بتقدير القضايا وتشخيصها بشكل دقيق، وهذه الإمكانية لا تتوفر في المفتين في القضايا التي تتعلق بالمجتمع وتمس النظام العام وفي القضايا الإستراتيجية. فتشخيص أوضاع بهذا التعقد يخص المؤسسات والهيآت التي لها الإمكانيات، بينما شخص المفتي أو ما يسمى بالعالم المستقل، أي لا يتحرك في إطار في مؤسسات تقدر وتشخص وترصد وتراقب، والذي تقوم به الدولة والأحزاب السياسية التي لها هذه الإمكانية، ليس له إمكانية للتشخيص وهذا ما يجعل المواقف عبثية بالرغم من أنه يستنبط الأحكام من النصوص والمشكل ليس هو الاستدلال النصي، بل هو تشخيص الوقائع، وبالتالي هنا يحدث الضرر وهنا تطرح الإشكالية أو القضية، وليس في بعض القضايا الدينية المحضة المرتبطة بالعبادات أو الأخلاقيات، بل في ما يخص ما هو معاملات الذي يتطلب إمكانيات رصد وتحليل وتشخيص، وفي هذه الحالات فإن الاستدلال النصي يأتي في الرتبة الثانية. ألا يدل الأمر على أن هناك إهمالا لمجال الإفتاء من طرف الدولة الوصية على الشأن الديني؟لا بالعكس الدولة انتبهت إلى هذه المسألة والدليل هو تنظيم مجموعة من المؤتمرات التي خرجت بعدة توصيات في مجال الإفتاء، بالإضافة إلى ذلك فهذا الموضوع شغل الرأي العام، مثل بعض الفتاوى التي أثارت الانتباه، وأكثر من ذلك فهي تعي الأبعاد الخطيرة لهذا الأمر عليها وعلى المجتمع في آن واحد. وفي جميع البلدان الدولة تعمل على مراقبة هذا المجال. وهذا لا يعني أنه غافلة عنه أو تغض طرف فهي مدركة لمخاطره وأهميته، لكن ضبطه يبقى موضوع تساؤل، لماذا الدولة لم تنتبه إلى ضبط مجال الفتوى؟ وفي رأيي هذا راجع إلى التحديات التي يطرحها هذا الموضوع والتي تفوق إمكانيات الدولة، لكن المطلوب هو أن تحاول الدولة وضع قوانين لتنظيمه كما وضعت قوانين لتنظيم المجال الدعوي والمساجد، إضافة إلى وضع بنيات رسمية كما في السعودية، كما فعلت في مجال الدعوة. المغرب مزال مترددا في الإقدام على هذه الخطوة الكبرى وليست سهلة لأن بنية الدولة في السعودية ليست هي البنية في المغرب، لأنها بنية دينية في جوهرها ومؤسسة الدولة بأكملها مرتبطة بالدين، بينما في المغرب نلاحظ سيادة قوانين مدنية. لكن رغم هذه الصعوبات ينبغي وضع قوانين لتنظيم مجال الإفتاء والحد من الفوضى التي تطبعه، حتى لو سلمنا بأن الإفتاء يدخل ضمن الآراء الدينية، لأنه ليست هناك مؤسسات يمكن من خلالها تصريف الفتوى، وهي تتسرب من عدة أقنية خارجة عن مراقبة الدولة حتى في الشارع أو عبر الهاتف...وكيف تنظرون إلى الفتاوى التي تجيز ممارسة الجنس مع جثة الزوجة أو استعمال بعض الخضر لإشباع الرغبة الجنسية درءا للوقوع في الزنا أو تزويج ذات التسعة سنين، وهي فتاوى أثارت جدلا واسعا؟هذه المسائل مرتبطة بالإعلام أكثر من ارتباطها بالشخوص لأن الإعلام هو الذي أعطاها زخما وأهمية كبيرتين ما أثار الرأي العام، ولأنها صادرة عن أشخاص لهم مكانة في أوساط الرأي العام، وثانيا لأن مضمون الفتوى مثير للاشمئزاز مما يجعلها تستأثر بانتباه الرأي العام، والإعلام هو الذي أعطاها هالة أكبر من حجمها، لأن بإمكان أي أحد ان يصدر فتوى غريبة ويعممها عن طريق وسائل الإعلام، لكن ما ينبغي الانتباه إليه هو أن العقلية التي صدرت عنها هذه الفتاوى هي خارجة عن ضبط الدولة، كما أنها صدرت عبر وسائل متطورة مثل المواقع الإلكترونية. السؤال هو كيف يمكن ضبط هؤلاء الأشخاص الذين يستمدون ثقافتهم من المخزون الديني، وكيف يمكن أن تمنعهم من الإدلاء بأرائهم الدينية؟ علما أن هذه الآراء تصدر خارج أي سياق مؤسساتي يمكن مراقبته. أجرى الحوار: محمد أرحمني

المغرب فشل في إخضاع حقل الإفتاء لسلطته

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أبو زيد يعوض "فالانتاين" بيوم للعفة

فتاوى المشارقة الأكثر إثارة للجدل

مقالات ذات صلة