تقارير المجلس الأعلى للحسابات سحابة صيف

ضجة إعلامية لا تواكبها محاسبة كل المسؤولين عن فساد المؤسسات العمومية طلما شغلت تقارير المجلس الأعلى للحسابات الرأي العام، ثم فجأة يخفت وهجها مع مرور «سحابة الصيف»، وتتوارى الاتهامات إلى الخلف، تاركة المجال أمام نقاش يُشتم منه عجز الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية عن طي صفحة تشخيص داء المؤسسات العمومية للانتقال إلى مرحلة العقاب أو تنفيذ توصيات المجلس الأعلى. وعادة ما يساهم صدور تقرير للمجلس الأعلى للحسابات في تحريك البرك الآسنة، دون أن تساير قرارات الحكومات السابقة حجم الاختلالات في مؤسسات عمومية، فتفضل الركون إلى الصمت، والوعد بإحالة الملفات على القضاء، ثم تطوى الصفحة من جديد في انتظار تقرير جديد يعيد النقاش إلى نقطة البداية.ويجمع مهتمون أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات بمثابة سلاح في يد الحكومة لمواجهة الفساد ونهب المال العام، وخطاب يعكس الإرادة السياسية في الإصلاح، شرط أن تتوفر لديها الإرادة للقطع مع التجاوزات والاستفادة من الأخطاء السابقة، فلا معنى إطلاقا أن يجمع الرأي العام على مواجهة الفساد في بعض المؤسسات، ويعلن جلالة الملك أن لا أحد يستثنى من العقاب، في حين يتم غض الطرف على تجاوزات مسؤولين ذكرهم التقرير بالاسم... إنه العبث الذي سقطت فيه الحكومات السابقة. فهل تستفيد حكومة بنكيران من الدرس؟لقد أثارت تقارير المجلس، عقب صدورها، جدالا يعكس حيوية المجتمع، بل نجحت في خلق دينامية للأحزاب السياسية، بدل حالة الجمود القاتلة، فخاضت المعارضة هجوما على الحكومة داخل غرفتي مجلس النواب والمستشارين، وتطور السجال، أحيانا، بعد دخول المنظمات الحقوقية على الخط من خلال عقد ندوات تمحورت حول قراءة نتائج تقرير المجلس الأعلى للحسابات ومصير خلاصاته.إنها حالة صحية، ويخطئ من يعتقد أن هذه التقارير مجرد وثائق فقط، فهي تعكس رغبة المغرب في انتقال ديمقراطي حقيقي والتأسيس لدولة الحق والقانون وعدم الإفلات من العقاب، ومثالا على قدرة المؤسسات الرسمية في تحريك مسطرة المتابعة القانونية لكل من تورط في هدر المال العام، واختبارا حقيقيا لجرأة المغرب المؤسساتية.ويجمع الرأي العام أن المرحلة الراهنة تفرض القطع مع ممارسات سابقة للحكومات في تجاهل هذه التقارير، فالمسؤولية تقتضي الحرص على تنفيذ توصيات المجلس الأعلى إلى مداها، بدل الصمت أو التماطل والتسويف، علما أن الحكومة السابقة سقطت في الفخ، وفضلت سياسة الانتظار بعدما ظلت أغلب تقارير المجلس في الرفوف، ولم تسرع في عرضها على القضاء، رغم الوعود الرسمية بفتح تحقيق قضائي حول كل قضية، ووضع حد للإفلات من العقاب الذي يشكل لا محالة تأسيسا لصفحة جديدة تنطلق من مبدأ المحاسبة والمساءلة.لا أحد فوق القانون. إنه شعار المرحلة الحالية التي تفرض مواجهة فضائح بعض المؤسسات العمومية، فجوهر كل الاصلاحات يبدأ من تقديم ناهبي المال العام أمام العدالة، تفاديا لسياسة «الكيل بمكيالين» التي تلحق خسائر فادحة بالخطوات التي قطعها المغرب لبناء مجتمع يسود فيه القانون، فالسكوت عن خلاصات تقرير المجلس الأعلى للحسابات يعد «إدانة سياسية» للحكومة، وأدائها في تدبير الشأن العام. فهل يستفيد بنكيران من أخطاء سابقيه؟ خالد العطاوي

تقارير المجلس الأعلى للحسابات سحابة صيف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تساؤلات حول معايير اختيار المؤسسات الخاضعة للمراقبة

الخلفي: عازمون على تنفيذ توصيات التقرير

مقالات ذات صلة