سجون ما بعد الاستقلال: “أكدز” … عقاب جماعي

سجون ما بعد الاستقلال 5 شهد المغرب، بعد الاستقلال، جوا مضطربا على المستويين الاجتماعي والسياسي، فقد أسهمت متغيرات انتقال الحكم، بعد وفاة محمد الخامس، في سقوط الكثير من الضحايا، نتيجة المعارضة القوية لليساريين الراديكاليين والمتورطين في الانقلابات العسكرية، ما استدعى تشييد العديد من السجون السرية في عهد الحسن الثاني، كانت مسرحا لشتى صنوف التنكيل والتعذيب. وأحصت تقارير هيأة الإنصاف والمصالحة نحو ثلاثين معتقلا سريا إبان مغرب ما بعد الاستقلال. تسلط "الصباح" الضوء في هذه الحلقات على أشهر السجون التي أصبحت جزءا من الذاكرة الجماعية للمغاربة. الجلادون كانوا يدفنون الموتى في وقت متأخر من الليل حتى لا يلفتون الانتباه ارتبط اسم البلدة التي تبعد شمالا بنحو تسعين كيلومترا عن المركز الحضري زاكورة، بمعتقلها السري "أكدز" الشهير لدى سكان المنطقة باسم "سجن الحد"، لكن ما يميز هذا السجن الرهيب عن باقي السجون الأخرى، تشييده منذ فترة الحماية الفرنسية، من قبل أحد خدام الاستعمار، التهامي الكلاوي، باشا مراكش. "ممنوعون من الخروج، ممنوعون من النظر في النوافذ، ممنوعون من التجول بعد صلاة المغرب في كل يوم، ممنوع الصعود إلى سطوح المنازل"، يقول أحد سكان المنطقة الذي عايش تلك الأحداث. كان المعتقل يعج بالفئران والعقارب والثعابين، جراء الحرارة المفرطة التي تعرفها زاكورة خلال فصل الصيف، إذ تناهز خمسين درجة، ما يزيد من مآسي السجناء، الذين يواجهون مختلف أشكال التعذيب الجسدي والنفسي. غرف صغيرة يستحيل العيش داخلها، فقد كانت ملوثة للغاية، كما كان يمنع على المعتقلين الولوج إلى المراحيض التي تكون في الهواء الطلق. ويقوم الجلادون بدفن المعتقلين في وقت متأخر من الليل، إذ تتم بطريقة سرية لا تلفت الانتباه، لكن السكان كانوا يسمعون أشغال حفر القبور، رغم الاحتياطات التي يتخذها الحراس. وتفيد شهادات بعض السكان، أنهم عاشوا محنتين، الأولى تتمثل في إجبارهم على بناء قصر "الكلاوي" خلال الاستعمار الفرنسي، أما المحنة الثانية أن عددا من أبناء المنطقة راحوا ضحية الاعتقال التعسفي، فكانوا من سجناء القصر الذي تحول إلى مأوى سري في منتصف سبعينات القرن الماضي. ويحكي السكان أنهم كانوا ممنوعين من الصعود إلى أسطح بيوتهم، رغم الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، فضلا عن أوقات التجوال المحدودة والرقابة الأمنية المفروضة على الأسر، خاصة عند الاقتراب من "قصر الكلاوي" سابقا. كان الجميع سواسية أمام التعذيب، بل حتى الحراس نالوا حصتهم، إذ كانت وضعيتهم أشد صعوبة من المسجونين، الذين يجلسون داخل الزنزانة طيلة اليوم، بينما يظل "المخازنية" يقظين يوميا، ما يجعلهم يواجهون أشعة الشمس الحارقة خلال النهار ورياح البرد القارسة في الليل، فضلا عن دوريات الحراسة الليلية التي لا يتقاضون فيها أي أجر تعويضي. وذاق مئات المعتقلين طعم الجحيم داخل ردهات هذا القصر، بمن فيهم أبناء الجنوب الشرقي وبعض القبائل الجنوبية بالصحراء، والعديد من المعتقلين الذين يتحدرون من البيضاء والرباط وغيرهما من المدن. مصطفى شاكري

سجون ما بعد الاستقلال: “أكدز” … عقاب جماعي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سجون ما بعد الاستقلا: "تاكونيت" ... اعتقالات عشوائية

مــؤامــرة 98

مقالات ذات صلة