حفيظ: لهذه الأسباب طالبنا بتعليق المقاطعة

قال إن النداء يهدف حمايتها من التلاشي والضغط على الحكومة وباقي الشركات قال محمد حفيظ، القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، وأحد الموقعين على نداء تعليق المقاطعة، إن مبادرة النداء لا صلة لها بالحزب، ولا يمكن ربطها به، فقط لأن أحد أعضائه ساهم في المبادرة أو وقع على ندائها. وأوضح حفيظ أنها من غير الطبيعي أن يصادر البعض حق المناضلين وحريتهم في القيام بمبادرات تهم قضايا المجتمع والمواطنين. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار : برحو بوزياني - تصوير (أحمد جرفي) < أثار توقيعكم على نداء من أجل تعليق مقاطعة الحليب ردود فعل واسعة انتقلت إلى حزبكم. كيف تردون على منتقديكم؟ < طبيعي أن يخلف النداء ردود الفعل. وقد كنا نتوقع ذلك، حين كنا نفكر في إطلاق هذه المبادرة. كنا نتوقع ردودا رافضة ومستغربة ومستنكرة، بل حتى الردود العنيفة التي غضت الطرف عن مضمون المبادرة وعن محتوى النداء واستهدفت الموقعين واستهدفت بعضهم بالتحديد بالتهجم والسب والقذف كنا نتوقعها. فمثلما كنا نتوقع أن يكون لمبادرتنا من يدعمها ويتفاعل معها بشكل إيجابي، كنا نتوقع أيضا أن يكون لها رافضوها وخصومها، بل كنا نتوقع أن يكون لها أعداؤها. وقد كان المستوى المنحط الذي وصل إليه اختلاق الأكاذيب واصطناع الأخبار الزائفة محط سخرية منا، لا أقل ولا أكثر. ولكن، في المقابل، كنا على يقين من أن من سيرجع إلى ندائنا ويقرؤه، عوض الاكتفاء بقراءة التعليقات والتدوينات هنا أو هناك، سيتفاعل بعمق مع محتواه ومع المنطلقات التي انطلقنا منها والأهداف التي سعينا إليها، وسيقوده صوت العقل والتعامل الواقعي إلى التفكير في مصير المقاطعة، وفي سبل حمايتها وتقويتها لتظل آلية نضالية في يد المغاربة يلجؤون إليها للدفاع عن قدرتهم الشرائية، والضغط على الرأسمال وعلى أرباب الشركات لاستحضار حقوق المستهلكين والمحيط الاقتصادي والاجتماعي الذي يستثمرون فيه عند تحديد هامش ربحهم. < كيف استقبلت تصريحات قياديين من حزبك رفضوا مبادرة النداء؟ < بالنسبة إلى انتقال هذه الردود إلى داخل الحزب وتداول الموضوع بين صفوف مناضليه كنت أتوقعه. ومن الطبيعي أن تكون المبادرة موضوع نقاش بين المناضلين، كما المواطنين. وأريد أن أجدد التأكيد على أن المبادرة لا صلة لها بالحزب، ولا يمكن ربطها به، فقط لأن أحد أعضائه أو أحد قيادييه ساهم في المبادرة أو وقع على ندائها. فللحزب أجهزته التي تتخذ قراراته، وتعلن مواقفه ومبادراته، ولا يضيره في شيء أن يبادر مناضلوه إلى الانخراط في مبادرات مع شخصيات محترمة ونزيهة ولها رصيدها النضالي في واجهات مجتمعية عديدة، بل ينبغي أن نعتز بانخراطها التلقائي في مبادرات مع مناضلينا. < لكن منتقديكم يرون أن النداء يشوش على مواقف الحزب الداعمة للمقاطعة. < لقد كان لعدد من الشخصيات مواقف ومبادرات ساندت فيها حزبنا ودعمته في معارك سياسية ومجتمعية وحقوقية. وما أثارني هو أن بعض مناضلي الحزب، ومنهم قياديون، هم من قاموا بالربط بين النداء والحزب. فمن خلال تتبعي لبعض ردود الفعل التي تستحق الاهتمام، لم أجد منها واحدة ربطت هذه المبادرة بالحزب أو حَملته مسؤوليتها، مع أن كل واحد من الموقعين على النداء، الذين يشرفني أن يوجد اسمي إلى جانبهم، وقع باسمه الشخصي، ولا أحد منهم يلزم في هذا التوقيع أي تنظيم أو هيأة، ومنهم من له انتماءات مدنية وحقوقية وعلمية ومهنية. لايجب مصادرة حريات الآخرين < طرحت المبادرة سؤال حرية التعبير. هل كان من الضروري مناقشة النداء داخل قيادة الحزب لأنك عضو بالمكتب السياسي؟ < قلت سابقا إن من الطبيعي أن تكون المبادرة موضوع نقاش بين المناضلين، لكن غير الطبيعي أن يصادر البعض حق المناضلين وحريتهم في الإقدام على مبادرات تهم قضايا المجتمع والمواطنين، وتقع في صميم الدفاع عن حقوقهم ومعاركهم. وبالرجوع إلى أدبياتنا ووثائقنا، نجد أنها تحث المناضلين على التفاعل مع قضايا المجتمع والمواطنين في الأحياء والمدن والقرى، وفي المصانع والمعامل والجامعات، وفي مختلف أماكن العمل والسكن، وتحثهم على أن يكونوا مبادرين، لا متقوقعين ومترددين ومتوجسين. لقد ساهمت مع رفاقي بالمكتب السياسي في صياغة موقف حزبنا الداعم للمقاطعة والمدافع عنها والملتقط لأهميتها كشكل جديد من أشكال الاحتجاج الذي نجح المغاربة في خوضه. ولا أجد في النداء الذي ساهمت في إصداره ووقعته أي تناقض مع هذا الموقف، فهو نداء يدعم المقاطعة، ويدافع عنها، ويتشبث بها باعتبارها شكلا احتجاجيا حضاريا وآلية ناجعة للضغط من أجل تحقيق المطالب. < لكن لماذا لم تطرح فكرة النداء داخل المكتب السياسي على سبيل الإخبار؟ < أقول مادامت مثل هذه المبادرات لن تصدر عن الحزب، ومادامت ستقدم إلى الرأي العام باسم موقعيها، فمن المفيد ألا يتم التداول فيها داخل القيادة. وهذا ما جرى ويجري به العمل داخل حزبنا. فالعديد من المبادرات أطلقت من خارج الحزب، ووقع عليها مناضلون وقياديون إلى جانب شخصيات مستقلة. وأكتفي هنا بالإشارة إلى الإعلان الذي صدر قبل أسبوعين عن المقاطعة نفسها، والذي حذر من خطورة استمرار الدولة في سياسة الهروب إلى الأمام، ودعا إلى التفاعل مع المقاطعة بما تستحقه من أهمية بالغة على حاضر البلاد ومستقبلها. وكنت وعدد من أعضاء بالمكتب السياسي والمجلس الوطني من الموقعين عليه، مثلما وقعت عليه نبيلة منيب بصفتها أستاذة باحثة. ضد صمت الحكومة < يقول منتقدوكم إن المقاطعة مبادرة شعبية وليس من حقكم أن تقرروا في أمر تعليقها، كيف تردون على هذا الدفع؟ < لكي أكون دقيقا، المقاطعة خاضها المواطنون إثر دعوة وجهت إليهم، دون أن يعرفوا مصدرها. لكنهم، بذكائهم وبفعل اكتوائهم بنار الغلاء، تجاوبوا معها بطريقة غير مسبوقة لم يتوقعها الكثيرون من الذين ترددوا في البداية في الانخراط فيها، ومنهم من شك في خلفياتها وجاهر بشكه لثني الناس عن الانخراط فيها. لقد استجاب المواطنون للدعوة التي وجهت إليهم للتعبير بقوة عن احتجاجهم ضد غلاء الأسعار، وللمطالبة بتخفيضها، بالإضافة إلى مطالب أخرى تبلورت بسرعة وبذكاء من قبل المقاطعين. وكان كل مواطن يجتهد في إبداع أشكال لدعم المقاطعة، وحث الناس على خوضها، عبر صياغة شعارات وإنجاز ملصقات والتقاط صور وبث فيديوهات وإطلاق أغان، وقد زاوج تقديم هذه الأشكال بين الجد والسخرية. وأقدم على هذا الإبداع النضالي أفراد من مختلف فئات المجتمع وشرائحه ومستوياته، وكان هذا هو السر وراء قوة المقاطعة، إذ شعر كل مواطن فرد بالحرية في الانخراط فيها ودعمها والدفاع عنها ومواجهة من هاجمها باللجوء إلى التحقير أو التخوين أو التهديد. ولم يكن أي أحد يواجه أي فرد بأنه ليس هو من دعا إلى المقاطعة. فبقدر ما تنسب المقاطعة إلى الشعب، كان كل فرد من هذا الشعب يشعر بالحرية في إبداع أشكال لحماية حملة المقاطعة. ومن هنا، اتخذت طابع الشعبية. وكان هذا منطلقنا في إصدار ندائنا، فهدفنا الذي عبرنا عنه بكل وضوح هو الدفاع عن المقاطعة وحمايتها. ونحن بإقدامنا على هذه المبادرة لا نتكلم باسم الشعب، ولكننا نتكلم من داخل الشعب. الموقعون على النداء ينطلقون من داخل المقاطعة، ووجهوا نداءهم إلى المقاطعين. ولا أحد وصي على المقاطعة ولا على المقاطعين. < هل كان إعلان مدير الشركة الفرنسية النية لمراجعة الأسعار كافيا لإصدار نداء "مشوش" على المقاطعة؟ < أولا، نداؤنا لم يشوش على معركة المقاطعة، بل جاء ليقوي آلية المقاطعة، ويثمن نجاعتها ويضغط من أجل تحقيق أهدافها. الذي حصل هو أن هناك من يحاول أن يغلط الناس، حين يصر على الحديث عن دعوة إلى توقيف المقاطعة، والحال أن النداء واضح، فهو يدعو إلى تعليق مقاطعة مادة واحدة من المواد الثلاث، وهي مادة الحليب،ولمدة محددة، وللأسباب التي ذكرناها في النداء. إن المقاطعة استهدفت ثلاثة منتجات تابعة لثلاث شركات، ونحن نقترب من إكمال الشهر الثالث من خوضها. وإلى حدود الآن، اختارت شركتان التجاهل واللامبالاة، بل إن إحداها حاولت أن تنقض على المقاطعة في محاولة بشعة لاستغلالها بمقايضة تخفيض الأسعار بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة، فتخرج كاسبة من المقاطعة على حساب المال العام، عوض الاستجابة لمطالبها، "باغيا تنقص زوج فرنك وتربح الملايير"، وهذا سلوك "تجار الأزمات". وبموازاة ذلك، يتابع المقاطعون باندهاش كبير خلال هذه الفترة من عمر المقاطعة ارتفاع أسعار المحروقات، حيث انطلقت المقاطعة بـ 9 دراهم للغازوال، واليوم وصل إلى 10 دراهم. وفي الجهة الأخرى المعنية بمطالب المقاطعين، نلاحظ ارتكان الدولة إلى الصمت والتفرج وكأنها غير معنية بما يجري منذ حوالي ثلاثة شهور. مبادرة "سنترال" تسائل الشركات الأخرى بادرت إحدى الشركات المعنية بالمقاطعة إلى التفاعل مع المقاطعة والمقاطعين. لقد حل رئيسها المدير العام بالمغرب، وتعهد بشكل علني ورسمي بتلبية مطلب المقاطعين بتخفيض الأسعار، بعد أن سجل أن من حق المغاربة أن يلجؤوا إلى المقاطعة للتعبير عن رفضهم لارتفاع الأسعار، وأقر بأن على الشركة أن تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطنين وكذا المحيط الاجتماعي والاقتصادي الذي تشتغل فيه. ومثل هذا التصريح لم يصدر لا عن الحكومة ولا عن الشركتين الأخريين المعنيتين بالمقاطعة. والأكثر من ذلك، فقد أعلن استعداد الشركة لبيع الحليب بثمن التكلفة، وتمكين المستهلكين والموزعين من كل المعلومات المتعلقة بتركيبة أثمان منتجاتها، ما يسمح لهم بالاطلاع على سلسلة الإنتاج، وإشراكهم في تحديد سعر الحليب، كما تعهد باحترام معايير الجودة المطلوبة وتمكين المستهلكين من مراقبتها. فهل يعقل ممن يخوضون المقاطعة من أجل تخفيض الأسعار أن يتجاهلوا تعهدات ومقترحات علنية ورسمية من شركة الحليب تجاوزت مطالبهم الموجهة إلى الشركات؟ هل يعقل أن يساوي المقاطعون بينها وبين من اختار التجاهل المطلق؟ إننا، بهذا النداء، الذي يسجل هذه التعهدات، ويتفاعل مع المقترحات، نمارس الضغط على شركة الحليب لتنفيذ ما تعهدت به وفي أفق زمني محدود وغير مفتوح. وفي الوقت نفسه، نسعى إلى الضغط على الطرفين الاقتصادي والسياسي اللذين يتجاهلان مقاطعة المواطنين. فالشركات المعنية مستمرة في تجاهل المقاطعة، بل الاستمرار في رفع الأسعار. كما أن الحكومة مستمرة في لامبالاتها. < هل هناك أفق للمقاطعة، خاصة مع تجاهل الحكومة والشركات المعنية لمطالب تخفيض الاسعار؟ < هذا هو السؤال الذي كان يشغل الموقعين على النداء وهم أفراد من الشعب، وهو سؤال لابد أن يكون الكثيرون من الناس قد طرحوه. ونحن، عبر ندائنا نقدم مقترحا عمليا وواقعيا يهدف إلى حماية حملة المقاطعة الجارية من التلاشي والموت البطيء، بتحقيق أهدافها المحددة على المدى القصير، والحفاظ على نجاعتها كآلية يجب أن تبقى جاهزة لتحقيق أهدافها المحددة على المديين المتوسط والبعيد. لقد حاولنا بهذا النداء دعوة المقاطعين إلى الدفع بالمقاطعة إلى الوصول إلى أهدافها وتحقيق المكاسب. نحن مقاطعون ولسنا مراقبين أو متفرجين.فإذا لاحظنا أن هناك اتجاها أو خطة لإقبار المقاطعة، لا بد أن نتحرك ونبادر ونقترح، لا أن نساير أو نهادن من يريد الذهاب بها إلى المجهول. لا لمغالطة الشعب إن منطلقاتنا هي المقاطعة، ونحن بادرنا من داخلها وفي إطارها، مثلما انخرطنا فيها وخضناها من أجل أهدافها المعلنة والمحددة بدقة ووضوح. فمن كانت له أهداف أخرى من المقاطعة، فليعلنها أمام المواطنين وأمام الشعب. لا يمكن أن نغالط الشعب أو نستعمله لأهداف لا علم له بها. فأهداف المقاطعة التي أنجحت حملتها الجارية، حين تم إطلاقها قبل ثلاثة شهور، وتفاعل معها الشعب وتجاوب معها وانخرط فيها وخاضها، فيها أهداف موجهة إلى الشركات، وهي التي تهم المطلب المستعجل المتمثل في تخفيض الأسعار، وفيها أهداف موجهة إلى الدولة ومؤسساتها، وهي محاربة الاحتكار ووقف التلاعب بالأسعار، واعتماد قواعد المنافسة والقوانين العادلة والشفافية والإنهاء مع اقتصاد الريع، والزواج بين المال والسلطة.

حفيظ: لهذه الأسباب طالبنا بتعليق المقاطعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طرائف فنانين ... البوعزاوي يحيي عرسا بالخطأ

فيديو ... اشتعال النيران في حافلة للنقل بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات