انفلات في أعداد مرشحي الرئاسة بمصر

تساؤلات حول مواصفات الرئيس المصري المقبل الذي نراه الآن من انفلات في أعداد المتسابقين داخل سباق الترشح على كرسي رئيس الجمهورية.. يجعلنا نسأل: هل هذه الأعداد والنوعيات التي دخلت هذا السباق مؤشر على فهمنا الصحيح للديمقراطية بفتح الأبواب لانتخاب رئيس للجمهورية دون أن نضع مواصفات للرئيس المطلوب؟.. هل لم يعد مهما إن كان المرشح لا يحمل سوى شهادة محو الأمية.. أو أن يكون حلاقا أو «عجلاتي»؟وهل الديمقراطية أصبحت جوازا يحمله كل مواطن مهما كانت درجته العلمية أو المهنية ليكتسب حق الدخول في ما كان ممنوعا أيام النظام السابق؟.. أم أنها عنوان للنضج السياسي، إذ لا يدخل الانتخابات الرئاسية إلا شخص يتمتع بالحنكة السياسية، وعدة لغات أجنبية ولا يمنع من تعدد المؤهلات الدراسية، وأن تكون له خبرة في الإدارة ومناهج المدارس الاقتصادية.لكن أن نترك الباب مفتوحا، ونتباهى بمعطيات الثورة للشعب بعد رحيل النظام.. هذا غير صحيح، لأن الثورة لم تعط ل»العجلاتي» أو «الحلاق» الحق في ترشيح نفسه رئيسا للبلاد، وإلا لأصبح «الساعي» رئيسا لمجلس الإدارة و»الحمال» وزيرا للنقل.. مع أن الثورة من أهدافها التخلص من الديكورات السياسية والشعارات التجارية، ولم تسقط حق المواطن في الترشح، لأنه حق دستوري لكل من يرى في نفسه الكفاءة للقيام بمهمة رئيس الجمهورية.. المهم أن تضم قائمة المرشحين الأكفاء القادرين على إدارة شؤون البلاد، مع استبعاد المشتاقين الباحثين عن أدوار ل»الشو الإعلامي».. ثم إن الثورة التي أسقطت النظام السابق تعي تماما الفارق المطلوب بين رئيس ديكتاتور أسقط ورئيس ديمقراطي ننتظره.. المهم أن تكون مواصفاته أفضل من مواصفات الرئيس المخلوع.. فهل يعقل أن نستبدل مبارك ب»حلاق» أو «عجلاتي»؟.. مع أن مصر فيها من الكفاءات والعباقرة من لو وزعناهم على العالم العربي لتغير شكل العالم..؟ ولا أعرف لماذا تركوها «على البحري لكل مشتاق».طبعا لم يتوقع أحد هذا العدد الضخم في السباق على كرسي رئيس الجمهورية، فقد كان المنظر على أبواب الرئاسة مؤلما، والمشتاقون لكرسي الرئاسة يتسابقون في سحب أوراق الترشح، ولك أن تبحث بين هذه الوجوه عن الرئيس المقبل الذي سوف يدير شؤون البلاد.. أسماء ليس لها تاريخ، وليس لها سابقة الأعمال في السياسة كمعارضين للأنظمة السابقة، أو لها دور حزبي.. فمثلا المعلم جودة، الذي رأى في المنام أهل الحارة وهم يزفونه بعد انتخابه رئيسا للبلاد، قرر أن يحقق حلمه ووقف في الطوابير انتظارا ليأخذ دوره في سحب أوراق الترشح وفرصته أن يصبح مشهورا حتى ولو لم ينتخبه أحد. السؤال هنا.. هل اللجنة العليا لانتخاب رئيس الجمهورية تدرك هذا الوضع، حتى تضع أسماء القمة بين «عبده مشتاق ورفاقه»؟. ما ذنب الناخب أن يبحث عن اسم حمدين صباحي أو أحمد شفيق أو عمرو موسى أو حازم صلاح أبو إسماعيل أو هشام البسطويسي أو اللواء خير الله في قائمة تعدادها أزيد من 350 مرشحا، من المؤكد أنه سوف تحدث «فلترة»، لاستبعاد من هو ليس جادا ومن لا تنطبق عليه مواصفات الرئيس. إن «فلترة» الترشيحات مهمة جدا، لو وضعنا اشتراطات في المرشح لرئاسة الجمهورية، واشتراطنا أن تكون الشخصية هي المعيار في الترشح، ثم الأدوار السياسية والمؤهلات الدراسية، وقدرته على العلاقات الدولية، وإجادته اللغات الأجنبية.. أما عن البرنامج الانتخابي فالذي يحكم فيه هو الشارع المصري.إن أي ضوابط مطلوبة للحد من هذا الانفلات العددي.. ثم ما الذي يمنع أن يكون عدد المرشحين عشرين شخصية، رغم أننا لم نشهد هذا العدد في البلاد المتحضرة؟ انتخابات عهد مبارك و ما بعد الثورة شيء آخر.. لو عدنا بذاكرتنا إلى أول انتخابات رئاسية جرت على الساحة المصرية منذ ثورة يوليو 52 سوف تكون تجربة عام 2005 هي أول تجربة عندما أجرى الحزب الوطني تمثيلية سياسية لتثبيت مبارك رئيسا للبلاد في أول انتخابات بالانتخاب، لقد فتح الباب أمام المرشحين واشترطت القيادة السياسية أيامها أن يكون الترشح من داخل الأحزاب السياسية، لم يفتح الباب للمستقلين.. بل جعل الترشح مقصورا على عضوية الهيأة البرلمانية لكل حزب، فكان عدد المرشحين عشرة بمن فيهم مرشح الحزب الوطني، والذي يدهشك أن الدولة منحت كل مرشح مصاريف للحملة الانتخابية فصرفت مائة ألف جنيه لكل مرشح من خزينة الدولة أي من حكومة الحزب الحاكم على طريقة «من دقنة وافتلّه».. وطبعا هذه المصاريف معفاة من تقديم مستندات عنها، وكان الغرض منها عملية الإخراج السياسي لتمثيلية بطلها الحزب الحاكم والفائز فيها هو حسني مبارك، ونجحت التمثيلية، ويومها أشادت الصحافة المحلية والعالمية بأول تجربة لمصر في الانتخابات الرئاسية.. بعد سقوط المرشحين التسعة.. ولكي أكون منصفا فإن مرشح الرئاسة عن حزب الوفد رفض هذه المنحة الحكومية واعترض على صرفها ولم يجد اعتراضه أي صدى.طبعا انتخابات النظام، وانتخابات ما بعد الثورة شيء آخر.. وإذا كنا قد نجحنا في كتابة أول شهادة ميلاد للديمقراطية في انتخابات برلمانية حقيقية.. من المؤكد أننا سوف ننجح أيضا في كتابة شهادة ميلاد جديدة عندما نخوض أول تجربة نظيفة في اختيار ممثل للديمقراطية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية.. وحينها نكون قد حققنا الخطوات الحقيقية من خلال انتخابات حرة نظيفة وجئنا برئيس منتخب لحكم البلاد.. المهم أن تكون له هيبة وكاريزما لكي يعيد إلى الدولة هيبتها.. وحتى يعيد إلى الشارع المصري احترامه.. نريد رئيسا لا يعرف الخوف حتى يكون لنا عنوانا في الهيبة والاحترام.. فهل نجد مثل هذا الرئيس؟ بقلم: صبري غنيم, عن موقع «المصري اليوم»

انفلات في أعداد مرشحي الرئاسة بمصر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

متابعة "المهدي المنتظر" أمام ابتدائية وجدة

"الشدة في الله" جديد ميلود العرباوي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات