وضع إقليمي ملتهب يحيط بالرئيس المصري المقبل

يتعين عليه اتخاذ مواقف حاسمة وإعادة تعريف الأمن القومي ورسم تحالفات إقليمية ودولية الرئيس المصري الجديد الذي سيتولى مهام منصبه منتصف هذا العام قد يجد نفسه منذ الأيام الأولى لرئاسته محاطا بوضع إقليمي ملتهب، عليه أن يتخذ فيه فورا مواقف حاسمة من شأنها إعادة تعريف الأمن القومي ورسم خريطة تحالفات مصر الإقليمية والدولية وطبيعة علاقاتها الخارجية لسنوات مقبلة. فالحماقة الإسرائيلية قد تفتح على المنطقة أبواب جهنم إذا ما أصرت على مواجهة إيران، وهو ما سيفرض نفسه فرضا على القيادة المصرية.وطبيعة تلك المواجهة وأبعادها قد تتضح بعض معالمها هذه الأيام، فعشية انعقاد المؤتمر السنوي لمنظمة إيباك، لوبي إسرائيل في واشنطن، تنعقد في العاصمة الأمريكية سلسلة من اللقاءات بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم الأمريكيين. وتأتى تلك اللقاءات في أجواء مشحونة بسبب طبول الحرب التي تدقها إسرائيل وأنصارها في واشنطن ضد إيران منذ أسابيع. وهي الحرب التي تعارضها إدارة أوباما ولم تتوقف منذ العام الماضي عن إرسال مبعوثيها لتل أبيب لثنيها عن ضرب إيران أو على الأقل مطالبتها بإخطار مسبق قبل توجيه تلك الضربة. وليس سرا أن هناك توترا ملحوظا في علاقة إدارة أوباما بحكومة نتنياهو لأسباب متعددة منها الموقف من إيران. وقد صرح الكثير من المسؤولين الأمريكيين، وعلى رأسهم أوباما نفسه أمام مؤتمر إيباك، بأنهم يعارضون استخدام القوة العسكرية ضد إيران في هذه المرحلة، لكن المسؤولين الإسرائيليين يهدفون خلال هذا الأسبوع لخلق رأي عام أمريكي مؤيد لتوجيه ضربة لإيران ومتعاطف مع إسرائيل، بما يسمح لهم بمطالبة أوباما باستخدام لغة أكثر عدوانية تجاه إيران وبإعلان خطوط حمراء إذا ما تخطتها إيران توجه أمريكا لها ضربة عسكرية.ورغم أن موقف إدارة أوباما الرافض لتوجيه ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية لإيران معلن ومبني على تقدير الإدارة لحجم الكوارث المترتبة عليها، فإن هذا لا يعني ألا يتغير موقف أوباما في المستقبل. فإسرائيل اختارت بعناية التوقيت الحالي لتدق فيه طبول الحرب ثم الصيف المقبل لمهاجمة إيران. ففي الصيف، تكون الولايات المتحدة في خضم حملة انتخابات الرئاسة، وهي التي تدور هذه المرة وسط أجواء غير مسبوقة من التطرف اليميني الذي يدفع بالحزب الجمهوري كله إلى المزيد من التطرف والتعصب. والمرشحون الجمهوريون قد خاضوا بالفعل منذ أسابيع سباقا محموما في حب إسرائيل وإعلان الولاء لها، الأمر الذي يجعل منهم مؤيدين فوريين لأي هجوم محتمل لإسرائيل على إيران. وهو الموقف نفسه الذي تتبناه دوائر نافذة في الكونغرس أعلنت أخيرا تأييدها لأوباما إذا ما قرر ضرب إيران.ويضع كل ذلك أوباما الذي يسعى لإعادة انتخابه في مأزق. فهو إذا أصر على موقفه الحالي وقامت إسرائيل بمفردها بضرب إيران فإن التأثير المباشر للضربة، سواء كان ارتفاع أسعار النفط أو اتهام أوباما بالضعف وبالتخاذل إزاء حماية إسرائيل، قد يودى بفرصه في العودة إلى البيت الأبيض، أما إذا تبنى أوباما الهجوم على إيران وحول المسألة إلى حرب لحماية الأمن القومي الأمريكي، من الممكن ولو على المستوى القصير (أي من يوليوز إلى انتخابات نونبر) أن يتحول أوباما إلى القائد الذي يلتف الجميع حوله وقت الأزمات الخارجية فيعاد انتخابه.بعبارة أخرى، فإن حسابات واشنطن وقتها لن تتعلق بحجم الدمار ولا بحمامات الدم التي ستشهدها المنطقة برمتها نتيجة مثل تلك المواجهة، وإنما ستكون حسابات براغماتية لا قلب لها تتعلق بالمكسب والخسارة الانتخابية. غير أن الدمار وحمامات الدم تلك ستفرض على كل دولة من دول المنطقة فرضا أن تتخذ موقفا واضحا من تلك الحرب التي لن تبقى ولن تذر.وعندنا هنا في مصر، سيكون على البرلمان والرئيس الجديد اتخاذ موقف حاسم إزاء ما يجرى. أما بخصوص البرلمان، يحسن لأصحاب الموقف الرافض لإقامة علاقات مصرية مع إيران أن يراجعوا مواقفهم مراجعة جدية من الآن لأنها مبنية على أسس واهية وتضر المصالح المصرية. فلا يمكن لعاقل أن يصدق أن البرنامج النووي الإيراني، الذي لم يكتمل أصلا يمثل تهديدا للأمن القومي المصري أكثر من السلاح النووي الإسرائيلي القابع على حدودنا، والذي قد يستخدم بالمناسبة في ضرب إيران. أما من يريد مقاطعة إيران لأنها شيعية فعليه إذن أن يقاطع كل دول العالم التي لا تدين بالإسلام. والمراجعة هنا مطلوبة لأن هذا الإصرار غير المبرر على غياب العلاقات مع إيران، إذا ما اندلعت المواجهة العسكرية اللعينة في المنطقة، سيحد من حرية حركة مصر في حماية أمنها القومي ومصالحها الحيوية ويجعلها أيضا بلا دور إقليمي يليق بها. تدخل عسكري ضد إيران يشكل نقطة فاصلة بالمنطقة نحن في حاجة إلى مناظرات مفتوحة بين مرشحي الرئاسة لنسأل كل واحد منهم عما سيفعله إذا ما تم توجيه ضربة إسرائيلية فعلا لإيران. وماذا سيكون موقفه إذا ما جرت إسرائيل أمريكا معها أو إذا ما انضمت أمريكا طوعا للهجوم على إيران. وماذا سيكون بالضبط موقفه إزاء المطالب الأمريكية التي ستوجه له عندئذ لمنحها تسهيلات أو ما شابهما؟وتوجيه عمل عسكري لإيران سيمثل نقطة فاصلة في المنطقة لا يبدو أن أيا من دولها قد استعد لها بشكل جدي. فسيكون الفرز هذه المرة مختلفا وصعبا. فهل ستقف مصر مع إسرائيل ضد إيران بحجة التزاماتها الدولية أم تقف مع إيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وتعيد ترتيب تحالفاتها؟ أم أن مصر ستتخذ موقفا ثالثا أكثر تركيبا ومبدئية من هذا وذاك؟ بقلم: منار الشوربجي, عن موقع «المصري اليوم»

وضع إقليمي ملتهب يحيط بالرئيس المصري المقبل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نسـاء الـربيـع الـديـمـقـراطي

مهرجان سينما أعالي الجبال ينفتح على الفيلم الأمازيغي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات