حملة المقاطعة … بداية المصالحة

ظاهرة اجتماعية ستصحح عيوب الحكومة والأحزاب والمقاولات في خضم حرب التصريحات والتصريحات المضادة، وتباين الأرقام حول خسائر الشركات المتضررة من حملة المقاطعة، يرى خبراء اقتصاديون أن حملة المقاطعة "صحية" للاقتصاد الوطني، شرط أن تنفتح الشركات على المواطن وتعيد النظر في سياستها التواصلية معه. واعتبر علي بوطيبة أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، المقاطعة هدفا وطنيا (cause national) جمعت كل أطياف المجتمع المغربي سواء المتضرر والرابح منها، واصفا إياها بالمسيرة الاقتصادية، التي تستمد شرعيتها من الخطابات الملكية، التي تحدثت عن اقتصاد فيه توزيع عادل للثروات وتشجيع المبادرات الفردية والحرة. وأوضح أستاذ الاقتصاد، بخصوص اقتصار المقاطعات على ثلاثة منتوجات دون غيرها، أن الأمر يتعلق بمقاطعة ثلاثة «رموز» اقتصادية، وليس الشركات الثلاث بعينها، فالمغربي له علاقة خاصة بـ»الرمز»، والدليل حمل القرآن أثناء المسيرة الخضراء، وهذا يوضح أن المغاربة لم يكونوا يوما ضد مالكي شركة سيدي علي و»دانون»، مشيرا إلى أن عزيز أخنوش، كان إلى حدود الأمس شخصية محبوبة لدى جميع المواطنين، ساندوه خلال حقبة «بلوكاج» الحكومة، كما أن لقاءاته السياسية في المؤتمرات الإقليمية لحزبه، يحضرها أزيد من 6000 شخص، وهو رقم قياسي، بل إنه نجح في استقطاب مثقفين ورجال أعمال وفنانين كبار، قبل أن يتحول بين ليلة وضحايا إلى المستهدف الأول من قبل المقاطعين. واعتبر بوطيبة أن تفجير ملف المقاطعة، ما زال لغزا ويطرح علامات استفهام، وأن الحكومة والأحزاب السياسية ارتكبت أخطاء فادحة في التعامل مع هذه المقاطعة، عندما تم تسييسها من قبلهم، إذ اعتبروا الأمر تصفية حسابات سياسية، رغم أن الأمر يتعلق بظاهرة اجتماعية، والأمر نفسه للشركات المستهدفة في البداية، والتي «شيطنت» المقاطعين، ووصفتهم بالخونة و»المداويخ». وأوضح أستاذ الاقتصاد أن المقاطعة فضحت غياب تواصل في «عز الأزمة»، وهو أمر اعتبره فظيعا، وينم عن الارتجالية، فالمواطن بمقاطعته منتوجات محددة، فهو يعبر عن سخطه على ارتفاع الأسعار، وليس حقده على شركة معينة، والدليل أنه يقاطع منتوجا معينا ويقتني آخر للشركة نفسها، ما يكشف أن المشكل اجتماعي بامتياز، وفيه نوع من الرمزية، فالمقاطعة صارت رمزا، وتحول كل من عارضها في البداية إلى أكبر مساند، على رأسهم مسؤولون حكوميون وشركات. وأشار بوطيبة إلى أن المقاطعة عرت عن مشكل في الهيكلة لدى الشركات المغربية، إذ كان الجميع يترقب خروج مسؤولين اجتماعيين في الشركات الثلاث للرد على مجموعة من الاتهامات من بينها طريقة تحديد الأسعار، لكن لا شيء تحقق، وبالتالي فالمقاطعة فرصة للشركات المغربية عامة للخروج من «منطق الأرقام»، إلى منطق المسؤولية الاجتماعية، والتي تتطلب من أجل إنجاحها التعاقد مع مسؤولين في السوسيولوجيا وعلم نفس المستهلك، والانفتاح على الجامعات، خصوصا كليات العلوم الإنسانية من علم اجتماع وفلسفة وإنتربولوجيا، وبالتالي هذا الأمر سيوفر فرصا للعمل لطلبة هذه الشعب، التي تتهم أنها سبب تزايد عدد العاطلين عن العمل. وتساءل بوطيبة أن مقاطعة الشركات الثلاث يطرح سؤالا جوهريا حول قدرة باقي الشركات الأخرى على تلبية الطلب الداخلي، مبرزة أن هناك حلولا لتفادي الأزمة، أولها مضاعفة قدرة الإنتاج، والثاني الاستيراد من الخارج وإن كان سيطرح إشكالات عديدة، بحكم أن المغربي رغم مقاطعته للشركات المغربية، يظل يفضل المنتوج المحلي، ليخرج باستنتاج مهم أن الشركات المغربية عندما تكون أكثر مواطنة ووضوحا في التسيير من حيث الأرقام، بما فيها ثمن تكاليف المنتوج الحقيقية، فالمغربي مستعد لاقتنائها حتى لو كان سعرها مضاعفا مقارنة مع المنتوجات المحلية. مصطفى لطفي

حملة المقاطعة … بداية المصالحة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المقـاطعـة ... اللـغـز

الجزائر توقع بين المغرب وموريتانيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات