الأحزاب و شبيباتها … انتصـار الديناصـورات

قيادات شابة تدفع ثمن صراعات داخلية ومعارضة مفروضة ومحنة فراق الزعيم لم يفوت رئيس الحكومة فرصة وجود "شباب الأحزاب" معه دون توجيه انتقادات إلى بعض الممارسات التي طالت الترشيحات في اللوائح الوطنية المرتبطة بالشباب والنساء معا، مؤكدا أن "بعض قادة الأحزاب أنزلوا بالمظلات في آخر لحظات أقرباء، وأخواتهم وإخوانهم، وصديقاتهم"، فتم ضرب مبدأ الكفاءة. واتضحت براغماتية الشبيبات، حينما غادر الاستقلال حكومة بنكيران، وانتفضت شبيبة الحزب، واتهمت أمينها العام السابق حميد شباط، بأنه تسبب في ضياع قرابة 60 منصبا في دواوين الوزراء واتبع تعليمات أحد قادة أحزاب المعارضة، إذ أطلقوا عليه " الكاهن" الذي نثر الأوهام في طريق الاستقلال الذي حصد الخيبات، وغادر الحكومة على أمل رئاستها فكان موقف الأمين العام، أضحوكة " القرن"، ما دفع شبيبة الاستقلال إلى طلب يد عون مجلس رئاسة الحزب، الراحلين عبد الكريم غلاب، وامحمد بوستة، قصد التدخل وإرجاع الأمور إلى نصابها، فتم إحياء شبيبة الحزب للعمل بجد تحضيرا لانتخابات 2021، وهي المؤسسة التي تعاني حاليا بسبب هيمنة الانتماء القبلي لآل الرشيد الذي يحكم بقبضة من حديد على كل مفاصل الشبيبة، ضدا على باقي مكونات الجهات التسع الذين شكلوا تيار " 11 يناير" ويتعرضون لضغوطات. وبالنسبة إلى شبيبة الحزب الحاكم العدالة والتنمية، عاشت محنة طلاق الزعيم بنكيران، وإقالته من رئاسة الحكومة، ونشطت افتراضيا في مواقع التواصل الاجتماعي، بحماس شديد للدفاع عن عودته، ومنحه المكانة التي تليق به كي يخطب فيهم أسبوعيا في لقاءات لا يكل فيها من مواجهة العفاريت والتماسيح. ورغم الاصطدامات بين مساندي بنكيران، والآخرين التي وقعت في العدالة والتنمية، تمكنت شبيبة الحزب من عقد مؤتمرها صفيح ساخن، شكل منصة خطابية قصف فيها بنكيران حلفاء حزبه وكاد يسقط حكومة صديقه سعد الدين العثماني. وخفت صوت شباب الأصالة والمعاصرة، رغم أنه حديث النشأة، الذي ظهر مدافعا عن الحداثة أثناء المؤتمر التأسيسي، وفي ظل الدفاع عن اللائحة الوطنية، لكنه لم يقم بأي شيء يذكر، سوى تنظيم بعض الأنشطة في بعض المدن، وفي بعض الجامعات، ليتوارى خلفا، وبرز الصراع الداخلي بين القياديين المؤسسين، الذين غادروا والآخرين الذين لا يزالون يمارسون مهامهم، فاتضح أن شباب " الجرار" تاه في زحمة سلخ الذات وتضارب المصالح وتبادل المنافع. ولم تسلم أحزاب الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، والاتحاد الاشتراكي، بدورها من حالة الجمود والكساح الشامل، إذ لم تظهر تلك الشبيبات إلا أثناء توزيع المناصب في دواوين الوزراء وفي البرلمان، والمجالس المنتخبة، وفي السفريات، إذ تنافس الأعضاء على ربح منصب، أو تحصيل منفعة، فالبراغماتية السياسية لا تتجلى في الدفاع عن مصالح الوطن، والمواطنين، وإنما تتجلى في التموقع في المؤسسات والصعود في السلم الاجتماعي، وتحسين الوضع الاجتماعي. لكن غياب الشباب عن مراكز القرار لا يرجع إلى هيمنة الديناصورات الحزبية، بل إلى غياب الشباب أيضا الذي ينتظر أن تمنح له القيادات الفرصة التي عليه أن ينتزعها، وهذا يصطدم بواقع حي هو أن 1 في المائة من الشباب المغربي له بطاقة انخراط حزبي، وهو إحصاء رسمي أنجز من قبل مؤسسات رسمية من قبيل المندوبية السامية للتخطيط، وأن 82 في المائة منهم لا يمارسون أي نشاط، و72 في المائة حسب الظروف منشغلون بأمور غير منتجة، و75 في المائة بدون تغطية صحية، و6.4 ملايين شاب يعانون الهشاشة، ولا يدرسون ولا يتوفرون على شهادة تكوين مهني، والخمس منهم يعانون اضطرابات نفسية.ينتظر أن تشتعل الحرب بين شبيبات الأحزاب لضمان التمثيلية في المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، مع التأكيد أن المتحدرين من البوادي هم الأكثر حظوة في الحصول على المناصب بالسرعة المطلوبة، لأن صعوبة الحياة علمتهم أنه لا حياة بدون مال ولا جاه، ولا أجرة سمينة، لذلك يتسابقون لتولي المسؤوليات، وحينما يجدون أنفسهم بدون أي منصب، يحتجون في مواقع التواصل الاجتماعي أو يقودون مسيرات احتجاجية. أحمد الأرقام

الأحزاب و شبيباتها … انتصـار الديناصـورات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

توصيل "الأنسولين" لمنازل المرضى

لعنة المقاطعة تلاحق مسلم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات