ملفات الفساد… هل ترجع الأموال المنهوبة؟

إرجاع الأموال المختلسة لن يتأتى إلا بمصادرة ممتلكات المدانين وتفكيك اللوبيات المستفيدة من اقتصاد الريع شهدت البلاد، وتشهد منذ نحو عشر سنوات، محاكمات مدوية لشخصيات من العيار الثقيل، متورطة في جرائم نهب وتبديد للمال العام. لكن السؤال الجوهري المطروح حاليا، هو هل هذه المحاكمات يمكن أن تعود بفائدة، مثلا، هل يمكنها استرجاع الأموال المنهوبة بفضل المحاكمات، أم أن العقوبة السالبة للحرية لا تغني شيئا، وتكتفي بالزج بالمتورطين في اختلاس وتبديد الملايير في السجن لبضعة أشهر أو حتى سنوات، ثم يغادرون السجن ليتوجهوا قدما نحو المؤسسات البنكية، حيث توجد حساباتهم السمينة، ليحولوها إلى الخارج، أو ليبيضوها في مشاريع واستثمارات هنا وهناك.محاكمات عديدة لقضايا فساد شغلت الناس جميعا على مدى السنوات العشر الماضية، لكن الواضح أن اللصوص الكبار، المدانين في هذه القضايا، ونتحدث هنا بالطبع عن الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به، لم يعيدوا فلسا واحدا إلى الدولة.التقييم الأساسي الذي وضعته هيآت حقوقية ومدنية، هو غياب إرادة حقيقية لدى بعض مصالح الدولة في معالجة ملف الجرائم الاقتصادية، إذ أنها لم تتحرك في ما يخص الجرائم الاقتصادية.وفي رأي متخصصين، فإن عصب السياسات الفاسدة في الماضي هو كل مظاهر النهب والتبذير والرشوة، لأن الجرائم السياسية اعتمدت للتغطية على الجرائم الاقتصادية من طرف أقليات ومافيات تحكمت في ثروات البلاد بدون حسيب أو رقيب، كما أن اقتصاد الريع وغياب سياسة اقتصادية وطنية كانت نتيجته الأمية والفقر والبطالة والحرمان، مضيفا أن الدولة “عندما فكرت في تجاوز “السكتة القلبية”، التجأت إلى بيع القطاعات الحيوية إلى الشركات الأجنبية، والنتائج نلاحظها اليوم، متجلية في غلاء المعيشة والاحتجاجات”.المقاربة التي يطرحها الفاعلون في هذا الحقل، تنطلق من المعالجة القانونية والتحسيسية بخطورة جرائم الاختلاس والنهب وفق آليات زجرية ووقائية، والظروف الحالية التي تجتازها البلاد، تعتبر مناسبة لإطلاق محاكمات لإيقاف النهب واسترجاع ما تم اختلاسه من أموال عمومية والزج بالمتورطين في غياهب السجون، حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الترامي على المال العام، أو خيانة الثقة الممنوحة له.ويرى رجال قانون أن هناك مثبطات أخرى، فعلى المستوى القانوني، مثلا، هناك غموض في مسطرة تفعيل قوانين التصريح بالممتلكات وتبييض الأموال، خصوصا أنها ما زالت تنتظر المراسيم التطبيقية.ويبقى الحل الأمثل لتجاوز هذه الإشكالية على المدى القريب، الإصرار على متابعة المتورطين في نهب وتبذير المال العام والمخططين والموجهين والمشاركين والمنفذين، مع العمل على إرجاع الأموال المختلسة ومصادرة ممتلكات وأموال المدانين، على قاعدة عدم الإفلات من العقاب، وإلغاء نظام الامتيازات وتفكيك شبكات اللوبيات المستفيدة من اقتصاد الريع وخلق نظام وطني للتقييم والافتحاص وتفعيل لجن تقصي الحقائق الدستورية والبرلمانية وتوسيع اختصاصاتها.مرارا وتكرارا، نادت الهيآت المغربية التي تناضل من أجل حماية المال ومعاقبة المتورطين، إلى ضرورة اعتبار هذه الأفعال من الجرائم الاقتصادية الخطيرة، وجرائم دولة، نظرا لآثارها السلبية على فئات واسعة من المجتمع المغربي، وعرقلتها للتنمية، ومن الأفضل أن تقر المحاكم بعدم تقادمها، وعدم استفادة مقترفيها من أي عفو، والعمل الفوري على وقف نهب المال العام واستنزاف الثروات الوطنية. محمد البودالي

ملفات الفساد… هل ترجع الأموال المنهوبة؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قضايا في انتظار استرجاع المال العام

المال العام مغارة علي بابا بلا رقيب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات