الحكومة تعيد النظام التعليمي ثلاثة عقود إلى الوراء

الوفا يلغي بيداغوجيا الإدماج دون بديل أو تقييم لمشروع كلف الدولة ملايين الدراهم خلال أربع سنوات قرر محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، فسخ العقد المبرم مع الخبير الدولي البلجيكي كزافيي روجرز، رئيس المكتب الدولي لهندسة التربية والتكوين، الذي عمل مستشارا علميا للوزارة خلال تنزيل مشروع بيداغوجيا الإدماج، بموازاة إرجاء العمل بهذا المشروع بالسلك الثانوي الإعدادي إلى حين وضع تقييم لنتائج تطبيقه بالتعليم الابتدائي.وتوصل مديرو الإدارات المركزية ومديرو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ونواب الوزارة، يوم الخميس 16 فبراير الجاري، بمذكرة موقعة من محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، يقرر فيها الاحتفاظ ببيداغوجيا الإدماج في التعليم الابتدائي على أساس منح الصلاحية لمديري المؤسسات التعليمية والأساتذة من أجل اعتماد هذه المنهجية، مع إلغاء التقويم الوارد في المذكرة رقم 204 الصادرة بتاريخ 29 دجنبر 2010، لتيسير عملية التقويم، ثم إرجاء العمل بهذه البيداغوجيا بالسلك الثانوي الإعدادي إلى حين وضع تقييم لنتائج تطبيقه بالتعليم الابتدائي، كما قرر الوزير توقيف جميع عمليات التكوين المرتبطة بها.وتأتي قرارات وزير التربية الوطنية بإرجاء العمل بمشروع بيداغوجيا الإدماج، المعمول بها منذ موسم 2008/2009، يوما قبل الاجتماع الموسع الذي عقده المسؤول الحكومي، مرفقا بعدد من مسؤولي الوزارة والمديرين المركزيين، مع ممثلي النقابات القطاعية الأكثر تمثلية، وكان من نتائجه الإعلان عن عدد من القرارات وصفت بالتاريخية لتخفيف حدة التوتر والاحتقان بالقطاع، منها إلغاء العمل بالمذكرة 204 المنظمة لعملية التقويم في إطار بيداغوجيا الإدماج، وتوقيف العمل بالمذكرة 122 المتعلقة بتدبير الزمن المدرسي، وتعويضها بمذكرة جديدة تطرح على النقابات في اجتماع لاحق.وحسب مصدر، فإن "شلال" القرارات الصادرة عن الوزارة في ظرف 48 ساعة، يخفي قرارا بالتخلي نهائيا عن مشروع بيداغوجي وديداكتيكي ضخم انطلق قبل أربع سنوات، وصرفت فيه الدولة ملايين الدراهم، إذ وصلت ميزانية تسريع تنفيذ المشاريع البيداغوجية برسم سنة 2011 وحدها إلى 350 مليون درهم.وقد تطلب إرساء هذا المشروع توفير كم وافر من العدة البيداغوجية، خاصة كراسات الوضعيات للتلاميذ ودلائل الإدماج للأساتذة والمفتشين ودلائل المرجعية الخاصة بالمقاربة بالكفايات. ولهذه الغاية، طبعت الوزارة ووزعت، ما بين أكتوبر ونونبر 2010 ما يناهز 4411400 نسخة بملايين الدراهم، "يشطب عليها اليوم بجرة قـــلم".وقال المصدر نفسه إن إقرار مشروع بيداغوجيا الإدماج جاء بعد إجراء تقييم لمختلف الإشكاليات التي واجهت النظام التربوي بالمغرب، وضمنها مشكلة تجزيء المعارف التي ميزت المناهج السابقة، ما يؤدي إلى تراكم هذه المعارف لدى المتعلم، ويحول، بالتالي، دون امتلاكه لمنطق الإنجاز والاكتشاف والتدبير والتواصل، بمعنى أنه يجد نفسه يتعلم من أجل أن يتعلم، وليس لفعل شيء ما أو تحليل واقع والتكيف معه استنادا على ما تعلمه.ولتجاوز هذا الوضع تبنى الميثاق الوطني للتربية والتكوين منذ أزيد من عشر سنوات المقاربة بالكفايات، وظلت دون تطبيق إلى أن اعتمدت وزارة التربية الوطنية منذ 2008 بيداغوجيا الإدماج إطارا عمليا لتفعيل المقاربة بالكفايات واختيارا بيداغوجيا يرمي إلى الارتقاء بمردودية المتعلم، باعتماد نظام متكامل ومندمج من المعارف والخبرات والمهارات تساعده على النجاح في الحياة، من خلال تثمين المعارف المدرسية وجعلها صالحة للتوظيف والاستثمار في مختلف مناحي معيشه اليومي.وقال إطار بوزارة التربية الوطنية، تعليقا على قرارات الوزير، إن التخلي عن بيداغوجيا الإدماج يعني الرجوع بالنظام التعليمي بالمغرب إلى ثلاثة عقود حين كان هذا النظام يشحن التلاميذ بعدد من المعارف والموارد المقطوعة من سياقها، مؤكدا إن إلغاء هذا المشروع يليه، عمليا، إلغاء مختلف التخطيطات لإرساء التعلمات وممارسة الكفايات في وضعيات إدماجية، كما سيترب عن القرار، حسبه، فوضى في العملية التعليمية وضياعا للزمن المدرسي (ضياع أسبوعين على الأقل من أصل ثماني أسابيع كانا مخصصين للوضعيات الإدماجية).ونبه المصدر نفسه إلى المشاكل التي ستلي قرار إلغاء هذا المشروع البيداغوجي على مستوى التقويم، سواء على مستوى المراقبة المستمرة (تقييم الموارد أم الكفايات، أو الاكتفاء فقط بالموارد في ظل إلغاء المذكرة رقم 204)، أو على مستوى الامتحانات الإشهادية التي لا يعرف هل ستتم عبر وضعيات، حسب منطق مشروع بيداغوجيا الإدماج، أم عبر موارد وفق النظام الكلاسيكي؟ ما سيفتح الباب، حسبه، أمام فوضى عارمة. يوسف الساكت

الحكومة تعيد النظام التعليمي ثلاثة عقود إلى الوراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصعوبات المالية تؤخر تقديم مشروع الميزانية للبرلمان

البرلمان يختتم دورة الخريف بحصيلة "صفر"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات