دراسة: ماذا نفهم حين تطالب النيابة العامة بالبراءة وتصدر المحكمة حكما بالحبس النافذ؟

المجلس الأعلى اعتبر أن جـنحـة الـتحـريـض عـلى الـفسـاد لا تقوم إلا إذا كـان لـفـائـدة الـغيـر مـن الـقـرارات الشـهـمـة والجـريـئـة أن يـعـدل الـمـرء عـن خـطـئـه، ومـن الـقـرارات الـجـريـئـة، أن يـتـبـيـن لـسـلـطـة الاتـهـام عـدم ارتـكـاز مـتـابـعـتـهـا عـلـى أســاس، ومـن تمـة تـسـارع بـاعـتـبـارهـا الـعـنصـر الأسـاس فـي الـمـحـافـظـة عـلـى الـنـظـام الـعـام وتـمـثـل الـمجـتـمـع، إلـى أن تـطـالـب فـي مـرافـعـتهـا بالـتـصـريـح بـالـبـراءة. وهـذا الـموقـف لـيـس بـجـديـد عـلى أحـد الـسـادة أعـضـاء الـنيـابـة الـعامـة بـمـديـنـة الـدارالـبيضـاء الأسـتـاذ رشـدى الـصغـيـر، الـذي لا يـتـوانـى، وبـتحـمـل للـمـسـؤولـيـة، في الـجـهـر بـمـوقـفـه الـشـجـاع، وقـد سـبـق لـه مــرارا أن اتخـذ مـثـل هـذه الـمواقـف الـشجـاعـة والـتـمـس الـبـراءة حـيـن يـكـون لـهـا مـبـرر مـشـروع.أو لـيسـت الـنيـابـة الـعـامـة هـي السـاهـرة عـلـى تـطـبـيـق الـقـانـون، وهـي ممـثـل الـمجـتـمـع (تـنوب عـنـه) فـي تسـطـيـرالمـتـابـعـات، والـقـيـام بـالمتـعـيـن إزاء كـل مـن خـالـف الـقـانـون، وفـي الـوقـت نـفـسه تـأخـذ بـيـد الضعـفـاء لـتـأخـذ لهـم حـقـهـم مـن الـمغـتـصـب لـحـقـوق غـيـره، ومـن الـمـجـرم بـصـفـة عـامـة.مـجـال هـذه الـمـقـدمـة مـا حـدث فـي أحـد المـلـفـات الجـنحـيـة الـتـلـبسـيـة الـتـي كـانـت مـعـروضـة عـلـى الـمحـكـمـة الابـتـدائـيـة بـالـبيضـاء، والـتـي تـوبـع فـيـهـا أحـد الاشـخـاص بـتهـمـة الـتـغـريـر بـامـرأة مـتـزوجـة والـتـحـريـض عـلـى الـفـسـاد.وبعـد الـمـنـاقـشـة الـتـمسـت الـنيـابـة الـعامـة الإدانـة، لـكـن بـعـد الـمرافـعـة (مـؤازرة للـظـنيـن) والـتـي انصـبـت عـلـى الـمحـاضـر الـثـلاثـة - عـلـى عـلاتـها - والـتي تـجمـع كـلـها عـلـى الـتعـرف عـلـى الـفـتـاة الـتي ادعـت أنـهـا غـيـر مـتـزوجـة، وأن الابـن الــذي يـرافـقـهـا هـو شـقـيـقـهـا، وبـعـد أن فـاتـحهـا فـي الـزواج طـلـبـت مهـلـة الــى غـايـة حـضـور والـدهـا مـن الـديـار الـمـوريـتـانـيـة. قـلـت بعـد المـرافـعـة وعـدم وجـود عـنـاصـر الـتهـمـة تـنـاولـت الـنيـابـة الـعامـة الـكـلـمـة، وطـالـبـت بـالـتـصـريـح بـالـبراءة مـن أجـل الـتغـريـر بـامـرأة مـتـزوجـة، وبـخـصـوص الـتحـريـض عـلـى الـفـسـاد الـتمـس اسـنـاد الـنظـر.لـكـن المـفـاجـأة كـانـت رغـم ذلـك صـدور حـكـم بـالإدانـة فـي قـضـاء جـمـاعي ثـلاثي، وحـكمـت عـلـى الـظـنـيـن بـشـهـريـن حـبسـا نـافـذا.مـلـف جـنحي تـلـبسـي عـدد:2876/10/2011 حكـم 27/04/2011 ، بـرئـاسـة السيـد عـبد العـزيـز خـطـبان .بـعـد اسـتـئـنـافـه قـررت الـمحكمـة جـعـل الـعقـوبة مـوقوفـة التـنفـيذ، بعـد تـطـبيـق مقـتضيـات الـفـصـل 502 ق.ج أي الـتحريـض عـلى الـفسـاد ، قـرار بـتاريـخ 02-06-2011 مـلـف عـدد:3163/2011/2 .لـكـن الـفـصـل 502 ق.ج يـنص عـلى مـايلي:يعـاقـب بـالحبـس مـن شـهـر واحـد الـى سـنة وبالغـرامـة مـن 20 ألف درهـم الـى 200 ألف درهـم مــن قـام عـلـنـا بجـلـب أشخـاص، ذكـورا أو إنـاثـا لـتحـريضهـم عـلى الـدعـارة، وذلك بـواسـطـة إشـارات أو أقـوال أو كـتـابات أو أيـ وسـيـلـة أخـرى. ولا يـمكـن لسلـطـة الاتـهـام مـتـابـعة أي كـان بـمقـتضيـات الـفصـل 502 ق.ج إلا إذا كـان الـتحـريـض عـلـى الـفـساد لـفـائـدة الغـيـر بـمعـنى وجـود ثـلاثـة أطـراف ولـيـس طـرفـين.ولأن الـمجلـس الأعـلـى يـفـسـر الـقـاعـدة الـقـانونيـة بـاعتـبار أن الـدفـاع يـقـول بعـدم تـطـبيـق الـفـصل 502 ق.ج فـي حـالـة وجود رجــل وامـرأة فـي خـلـوة وتـوفـر شـروط أخـرى، والـنيـابـة العـامـة وبـعـدهـا فـي حـالات خـاصـة الـمحـكمـة تـعـتـبـر تـطـبـيـق الـفصـل 502 ق.ج واجـبا ، فـقـد أكـد المجـلـس الأعـلى عـلـى مـايـلـي: لا تـكـون جـنـحـة الإغـراء عـلـى الـفسـاد مـوجـودة بـصـورة قـانـونيـة إلا فـي حـالـة التـحـريـض عـلـى الفـسـاد لـفـائدة الـغـيـر، إمـا بمـقـابـل أو بـدونــه . . .قـرار صـادرعـن الـمجـلـس الأعـلـى بـتاريخ 23/12/1964 تحـت عـدد:262 منـشـور بـمجـلـة قـضـاء الـمجـلـس الأعـلـى عـدد:1ص80."لا تـكـون جـريـمـة الـتـحـريـض عـلى الـفـسـاد قـائـمة إلا إذا كـان الـتحـريـض لصـالـح الـغـيـر، وأن جـنـحـة اللإغـراء عـلى الـفـسـاد لا تـكـون مـوجـودة بـصــورة قـانـونـية، إلا فـي حـالـة الـتـحـريـض عـلـى الـفـسـاد لـفـائــدة الـغـيـر، إمـا بـمـقـابــل أو بــدونــه ..."قـرار عـدد:1160 صـادر عـن الـمجلـس الأعـلـى بـتاريـخ 09/02/1989 ملـف جـنحـي عـدد:4589/19871 مـنشـور بـمجـلـة الـمحـامـي عـدد:21 ص 143.دعارة التحريض عليهاتـحـريـض عـلـى الـفـساد ضـرورة تـوافـر أكـثـر مـن شـخـصـيـن نـعـم .قـرارعـدد:5992 صـادر بـتاريـخ 31/10/1985 مـلـف جـنحي عـدد:76130/85م ، 5980/85ن محكمـة الاستـئنـاف بالـبيضاء – مجـلـة المحاكـم المغـربيـة عدد:57 ص 146 .فـإذن الـتـوجـه الـذي سـار عـلـيه الـمجلـس الأعـلـى ومنـذ الستـينـات هـو أنـه لا يـمكـن تـصـور جـنحـة الـتحـريـض عـلى الـفسـاد إلا إذا كـان لـفـائـدة الـغيـر، بـمعـنى وجـود الـمحـرض والـمحـرض عـلـيه والـمحـرض لـفـائـدتـه، أمـا إذا كـنـا أمـام شـخـصـيـن فـنـكـون أمـام مقـتضيـات الفصل 490 ق.ج .كمـا أن الـمجـلـس الأعـلـى فـي شـرحـه لـمقـتضيـات الـفـصـل 497 ق.ج الـذي هـو الأخـر يـعـاقـب بـالحـبـس مـن سـنتـيـن الـى عـشـر سـنـوات وبـغـرامـة مـن عـشـريـن ألــفا الــى مـائـتي ألـف درهـم كـل مـن حـرض الـقـاصـريـن دون الـثامـنـة عـشـرة عـلـى الـدعـارة أو الـبغـاء أو شـجـعـهم عـلـيـها أو سـهـلـها لـهـم، أكـد انـه لا تـكـون جـريـمـة التـحـريـض عـلـى الـفـسـاد - إذا كـان الـفـتى أو الـفـتاة دون الـثامـنة عـشـرة – إلا إذا كـان الـتحـريـض لـصـالـح الغـيـر ، وأن جـنحـة الإغـراء عـلى الـفـسـاد لا تـكـون مـوجــودة بـصـورة قـانـونيـة إلا فـي حـالـة الـتحـريـض عـلـى الـفـسـاد بـصـفـة اعـتـيـاديـة لـفـائـدة الـغـيـر إمـا بمقـابـل أو بـدونـه . . . قـرار صـادرعـن الـمجلـس الاعـلى بـتاريـخ 09/02/1989 والـمـشـار إلـيـه أعـلاه.والأكـيـد أن الجـمـيع سـيعـايـن أن الـفـرع السـادس مــن الـبـاب الـثـامـن مـن الـقـانـون الجـنـائـي، أي مــن الـفـصـل 497 ق.ج إلــى الـفصـل 504 مـنـه يـتـكـلـم المشـرع عـن الـتحـريـض عـلى الـفـساد، ولكـن الـمجلـس الأعـلـى شـرح وعـلـل قـراراتـه بـأن الأمـر لـن يـكـون إلا بـالـنسـبـة إلى ـشـخـص ثـالـث.فـالـتـفـسيـر الـقـانوني يكـون حسـب الـفـصـل 502 ق.ج هــو الـتحـريـض لـفـائـدة الـغـيـر ، وإن كـان غـيـر ذلـك نـكـون أمـام جـريـمـة الـفـساد، إذا تـوافرت شـروطـهـا الـمبـيـنـة حـصـرا فـي الـقانون الجـنائي. بقلم: ذ/عبدالمجيد خشيــع, مـحــام بـهـيـأة الـدارالـبيضـاء

دراسة: ماذا نفهم حين تطالب النيابة العامة بالبراءة وتصدر المحكمة حكما بالحبس النافذ؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تقليد برنامج تلفزيوني في عملية سطو بالبيضاء

ستة أشهر حبسا لموظف بمراكش متهم بالتزوير

مقالات ذات صلة