الأصالة والمعاصرة يعيد ترتيب بيته الداخلي

جناح اليساريين ربح معركة المجلس الوطني بانتخاب بنشماس يتجه حزب الأصالة والمعاصرة نحو إعادة تنظيم تحالفاته داخل الخريطة السياسية، فقد أبانت النقاشات داخل مؤتمره الاستثنائي أن «البام» يراهن على إحداث تحول في هويته السياسية من أجل يقترب أكثر من اليسار ويبتعد عن اليمين الإداري الذي انطلق التأسيس منه، ويكتسب الشرعية نفسها التي اكتسبها مؤسسو الحزب من اليساريين. قيادات من أحزاب اليمين تحولت إلى رقم صعب في المعادلة التنظيمية للحزب، بالنظر إلى أنها شكلت منذ البداية الذراع السياسي للأصالة والمعاصرة، وقد تأكد ذلك خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، إذ أن عددا من البرلمانيين الذين فازوا بمقاعد برلمانية، التحقوا بالحزب قادمين إليه من أحزاب يمينية، رغم أن الأصالة والمعاصرة تخلى عن عدد منهم، إما لاعتبارات لها علاقة بقرارات لجنة الأخلاقيات داخل الحزب أو نتيجة صراعات تنظيمية بين أقطاب «البام».بروز اسم مصطفى الباكوري خفف من حدة الصراع على الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، وكان بمثابة المسكن الذي يبتلعه الجميع، وإن كان البعض يعيب عليه أن علاقته بالحزب ارتبطت بالحركة من أجل الديمقراطية أكثر من ارتباطها بالأصالة والمعاصرة. غير أن الباكوري يبقى رجل إجماع بين جناحي الحزب وسيكون أمامه تدبير هذا الصراع بين اليمين واليسار داخل «البام»، الذي دبره محمد الشيخ بيد الله، حين كان أمينا للحزب، بأن ابتعد عن الصراع برمته واحتفظ لنفسه بمسافة متساوية بين طرفيه، ولعلها الرسالة التي أراد بيد الله توجيهها إلى خلفه حين قال: «كان الطموح أن نتوفر على أداة حزبية عصرية حديثة، ممأسس فعلها، واضح نهجها، تسمح للأجيال الجديدة بالتصالح مع الفعل السياسي.. قد نختلف في التقدير، وهو مطلوب، ومن مهام هذه المحطة التنظيمية النوعية»، وشكلت الرسالة دعوة صريحة إلى أن ينكب الخلف على استكمال بناء الحزب بعيدا عن الصراع.بالمقابل، شكل إعلان محمد الشيخ بيد الله، عدم ترشيحه لولاية جديدة على رأس الأمانة العامة للحزب، لحظة قوية تفاعل معها المؤتمرون خلال الجلسة الافتتاحية، إذ وقف الجميع مصفقا لها. غير أن الأمر لم يمر دون أن تلتقط قيادة الحزب إشارة أحد المؤتمرين الذين طالب أعضاء المكتب الوطني بأن ينهجوا نهج الأمين العام. بعض المتتبعين وجدوا في القرار فسحة أمام الحزب لاختيار بديل عن بيد الله، غير أن انتخاب حكيم بنشماس، رئيسا للمجلس الوطني للأصالة والمعاصرة، قد يدفع تيار اليمين داخل الحزب إلى إعادة حساباته، فالرئيس الجديد للجهاز التقريري (المجلس الوطني)، يقود جناح اليسار، بينما الأمين العام المرشح، مصطفى الباكوري، على مسافة واحدة بين الجميع، ما يعني أن جناح اليساريين ربح معركة داخل هذه «الحرب».بالمقابل، سارع عدد من قياديي الحزب إلى التقليل من تأثير وجود تيارين داخل الحزب، فقد اعتبر عضو المكتب الوطني أن الأمر يتعلق بـ»قراءة تنطلق من مرجعية فرعية متجاوزة اليوم وهي مرجعية التوافقات، معتبرا أن الأحزاب الأكثر تقدما في العالم أسست بداخلها بشكل مؤسساتي للتيارات، وهو أمر طبيعي «أن تكون داخل نفس العائلة حساسيات تخدم نفس الهدف ولكن بأساليب مختلفة»، مضيفا أن المرحلة المقبلة تفترض أن يعترف أي «حزب يبلغ مرحلة من النضج بالخصوصيات والحساسيات ويعطيها إطارا للتفكير والاشتغال». داخل أشغال المؤتمر الاستثنائي بدا واضحا وجود تقاطبات سياسية فرضت اللجوء إلى التوافق من أجل تجاوزها، كما أن إلغاء منطق الإقصاء يفرض أن يكون الجميع ممثلا في الأجهزة الوطنية للأصالة والمعاصرة، بالنظر إلى أن الحزب شارك الجميع في تأسيسه وكان «اليمين» القوة الضاربة داخل الحزب، سواء في تشكيل الفريق أو رئاسة الجماعات المحلية أو في التحالفات التي باشرتها قيادة البام قبل وبعد الانتخابات. إحسان الحافظي

الأصالة والمعاصرة يعيد ترتيب بيته الداخلي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة بصدد بلورة إجراءات لإصلاح المقاصة

"البام" أغنى حزب في المغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات