حان الوقت للتحديث

الراجي: الصراع معاكس لدستور 2011 والأغلبية ملزمة بتنزيله بدل معارضته يرى الحسين الراجي، المحامي بهيأة مراكش ورئيس نقابة المحامين بالمغرب، أن صراع مختلف مكونات المجتمع لإعمال المبادئ الدستورية، ووقوف الأغلبية الحكومية والتشريعية معيقا لها، يطرح أحد الأمرين، إما أن هذه الأغلبية لا تمثل إرادة الشعب المغربي، المعبر عنها في دستور 2011، أو أن هناك طرفا ثالثا يقود هذا الصراع ويوجهه حسب متطلبات المرحلة.... تناولت نقاشات فكرية العديد من القضايا الخلافية بالمغرب، هل لكم أن تستعرضوا ملامح الصراع الدائر حولها، سيما أنها تخلط بين الديني والتشريعي؟ صحيح، يجب الاعتراف بأن هناك صراعا دائرا بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، و هذا أمر قد يبدو طبيعيا لو أن هذا الصراع يخضع لأبسط قواعد المنطق. فالطرف الأغلبي –سياسيا- في هذا الصراع، يعاكس التوجهات التي أرسى دعائمها دستور 2011، و المنطق يقتضي أن تدافع هذه الأغلبية على النسق الدستوري وأن تعمل على تنزيله عمليا لأنها هي نفسها جاءت في السياق الذي أنتج هذا الدستور. فكان على الأغلبية الحكومية سواء في صيغتها الحالية أو في صيغتها السابقة أن تكون سباقة ومبادرة للعمل بمبادئ هذا الدستور، الذي أنتجها وبوأها رتبة قيادة السلطتين التشريعية والتنفيذية وهذه هي طبيعة الأشياء. ما معنى هذا؟ أما أن تكون باقي مكونات المجتمع لا السياسي ولا الحقوقي ولا الاجتماعي تصارع من أجل إعمال المبادئ المعلنة دستوريا، وتكون الأغلبية الحكومية والتشريعية هي المعيق الأول لهذه الجهود، فإن ذلك يطرح أحد الأمرين: إما أن هذه الأغلبية لا تعكس و لا تمثل إرادة الشعب المغربي، هذه الإرادة التي صاغها دستور 2011 باعتباره أسمى تعبير عن إرادة الأمة، وإما أن هناك طرفا ثالثا هو الذي يقود هذا الصراع ويوجهه حسب متطلبات المرحلة. لذلك يصبح أمرا طبيعيا أن تطفو على السطح بين الفينة و الأخرى هذه السجالات حينما يعطى الضوء لتتحول من مكبوتات فكرية إلى نقاشات عمومية، لقياس مؤشرات التصورات المجتمعية المتصارعة. فالقضايا الخلافية في المجتمع (المساواة في الإرث، و إلغاء عقوبة الإعدام، وتقنين الإجهاض، والمساواة بين الجنسين ...) هي تعبيرات مختلفة عن المشروع المجتمعي الذي يؤسس له كل طرف. حين يحتدم النقاش حول موضوع خلافي، من قبيل إلغاء الإعدام أو الإجهاض وغير ذلك، تظهر قوى محافظة، وتجر الصراع إلى حلبة الدين، لتضيع النقاشات بل تنتهي بعدم الحسم في مجموعة من الجوانب، إلى ما تردون ذلك؟ أرجع ذلك إلى أن الذي يمتلك قرار الحسم في هذه النقاشات، ليس هما الطرفان المتصارعان نفسهما، وإنما لطرف آخر، هو الذي يتحكم في موازين القوى، وتمثله المؤسسة الملكية، باعتبارها مؤسسة دستورية لها من الصلاحيات الدستورية ما يكفي لأداء هذه الرسالة، ودليل ذلك أن أغلب هذه المؤسسات الدستورية يترأسها الملك، فضلا عن أن تعيين أعضاء هذه المؤسسات يكون بالدرجة الأولة من قبل الملك. وهذا ما يعبر عنه الكثيرون بالخصوصية المغربية، حيث تحتفظ المؤسسة الملكية بهامش دستوري مهم يمكنها من لعب دور الحكم بالنسبة إلى كل الخلافات (حتى لا أقول الصراعات) التي يعيشها المجتمع المغربي. و بطبيعة الحال، فإن إضفاء الطابع الديني على النقاشات الفكرية العمومية يعجل برفع الأمر للمؤسسة الملكية باعتبار الملك يمثل إمارة المؤمنين. هل يمكن القول إن حرب الثوابت معلنة وإن أي تطور رهين بمحاباة جهة لأخرى، أم أنكم ترون طريقة أخرى للحسم؟ أعتقد أن المغرب يجب عليه القطع مع الأساليب القديمة في إدارة وتسيير النقاشات الفكرية داخل المجتمع، وأن يعتبر أنه كما طوى صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة بإقرار المصالحة، عليه اليوم أن ينتقل إلى مرحلة الإنصاف وذلك بتبني إستراتيجيات واضحة تروم بناء المواطن المنخرط في تشييد مجتمع مغربي قوي، وليس في إنتاج مواطن يعتبر الدولة وكل مظاهرها خصما، أو عدوا. هل يمكن أن توضح أكثر هذه الصورة؟ بتعبير أكثر وضوحا، يجب على الدولة أن تتبنى مشروعا مجتمعيا واضحا تدافع عنه أولا وقبل كل شيء الأغلبية، وليس العكس، ومتكاملا يقوم على أساس اقتلاع جذور الفساد المتأصلة داخل جل بنيات المجتمع ومؤسسات الدولة على السواء. أجرى الحوار: المصطفى صفر في سطور > محام بهيأة مراكش > رئيس نقابة المحامين بالمغرب > فاعل جمعوي وحقوقي > له إسهامات عديدة في الندوات القانونية

حان الوقت للتحديث

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عصيد ... إصلاح التعليم والدين

غوتيريس يتجاهل توتر المنطقة العازلة

مقالات ذات صلة