“بيجيدي” مطالب بنقد ذاتي

ماء العينين القيادية في العدالة والتنمية قالت إن نتائج الانتخابات الجزئية دقت ناقوس الخطر قالت أمينة ماء العينين، نائبة رئيس مجلس النواب والقيادية بحزب العدالة والتنمية، إنه من السابق لأوانه الحديث عن تراجع شعبية "بيجيدي"، دون نسيان مؤشرات الانتخابات الجزئية، التي سيكون من الخطر على العدالة والتنمية إغفالها والاستخفاف بنتائجها. وأضافت ماء ال عينين في حوار مع "الصباح"، أن بنكيران شخصية أخضعت نفسها لاستفتاءات شعبية متتالية وخرجت منها منتصرة، ولا يمكن اليوم لأحد القول إن ذهاب بنكيران من رئاسة الحكومة هو انسجام مع الإرادة الشعبية، التي عبرت عن نفسها في صناديق الاقتراع. ولم يفت البرلمانية المثيرة للجدل القول إن إعادة محاكمة حامي الدين في قضية مقتل أيت الجيد، فعل ذو بعد سياسي، ما جعل حزب العدالة والتنمية يساند أحد قادته المستهدفين. في ما يلي تفاصيل الحوار : أجرى الحوار: محمد بها - تصوير: (عبد المجيد بزيوات) < نتابع ملاسنات في "فيسبوك" بين ما يسمى تيار الاستوزار وتيار بنكيران. ما الذي يقع بالضبط داخل "بيجيدي"؟ < لا توجد ملاسنات بهذا التعبير، ولكن يوجد تعدد في وجهات النظر لم يخفه حزب العدالة والتنمية بل حرص على تدبيره بطريقة ديمقراطية، وخروج النقاش للعموم يعكس طبيعة "بيجيدي" الذي يعتبر حزبا حقيقيا يضم مناضلين مقتنعين بمشروع سياسي. بمجرد أن حدثت هزة سياسية خرج الناس ليعبروا عن آرائهم لأن حزب المصباح بعيد عن الأحزاب الأخرى التي يتم توجيهها من قبل القيادة أو التي يتم تدبيرها من الخارج. "بيجيدي" كان صوتا واحدا في ولاية بنكيران وكان صوتا واحدا في تدبير "البلوكاج" في كل محطاته بكل شفافية، وكان صوتا واحدا في التفاعل الإيجابي مع بلاغ الديوان الملكي حول الإعفاء واختيار شخصية ثانية، لكن المشكل نشأ داخل الحزب فقط بعد بداية تشكيل الفريق الحكومي الحالي. المشكل الحقيقي تفجر عند انطلاق تشكيل الحكومة الحالية والشروط التي قبلنا بها لتشكيل حكومة الدكتور سعد الدين العثماني وبعدها تدبير الوقائع السياسية والخط السياسي للعدالة والتنمية ومنظوره في تدبير هذه المرحلة وما بعدها، وفي تفاعله مع وقائع الحياة السياسية ووضعية الاختيار الديمقراطي، وهذه كلها عوامل أدت إلى ظهور تيارين على مستوى وجهات النظر، وهما تياران معروفان داخل الحزب، لكن لا توجد تلاسنات بل هناك تعبير ديمقراطي عن الرأي. اليوم تم الإعلان عن حوار وطني لمعاودة فتح النقاش ولمحاولة تقريب وجهات النظر في ما يتعلق بتشخيص وضعية العدالة والتنمية وأدائه السياسي، وباستشراف المستقبل لتحديد أي رؤية سيدبر بها "بيجيدي" مستقبله السياسي. < ومتى سينطلق هذا الحوار؟ < قريبا. رغم أني لست ناطقة باسم لجنة الحوار التي أعلنت عنها الأمانة العامة ويترأسها الأمين العام، وستعلن أجندة هذه اللجنة بعد اعتمادها. < ألا ترون أن الانقسام الداخلي ل"بيجيدي" يمكن أن يترتب عنه تراجع نتائجه في الانتخابات المقبلة؟ < عمليا أطروحة الانقسام بعيدة جدا عن واقع "بيجيدي" في ما يتعلق ببنية التنظيم، ولكن في ما يتعلق بوجهات النظر أؤكد مرة أخرى أنه يوجد اختلاف، بل في أحيان أخرى يصل إلى درجة التناقض سواء ما يتعلق بتشخيص الواقع وأداء الحزب خلال مرحلة ما بعد "البلوكاج" وما بعد إعفاء بنكيران وتشكيل حكومة العثماني، أو في ما يخص التدبير الحكومي والبرلماني. نعم هناك اختلاف في الجانب السياسي لكنه يظل بعيدا عن الانقسام. من السابق لأوانه الحديث عن شعبية الحزب ولكننا داخل "بيجيدي" معنيون بتحسس مستوى هذه الشعبية والإنصات إلى انتقادات الناس الذين لديهم ملاحظات على الأداء السياسي والبرلماني والحكومي للحزب ولديهم انتقادات للتوجه الذي اختاره "بيجيدي" ما بعد المؤتمر، ونحن معنيون بالإنصات إليها، ولكن المحطة الحاسمة هي محطة الانتخابات المقبلة لأنها دالة ومعبرة. < وماذا عن مؤشرات الانتخابات الجزئية؟ < لا يجب أن ننسى مؤشرات الانتخابات الجزئية، إذ سيكون من الخطر على العدالة والتنمية إغفالها والاستخفاف بنتائجها. لقد كانت خلالها مؤشرات قوية في مناطق ودوائر معينة وكانت فيها تراجعات وعلى الحزب أن تكون لديه القدرة للقيام بنقد ذاتي والإنصات إلى المواطنين. الخطأ الكبير الذي سيقع فيه العدالة والتنمية هو يوم يدبر مساره السياسي بعيدا عن الوقع الذي يتركه لدى المواطنين، لأن عمق الحزب وقوته والدعم الذي يحظى به توجد فقط عند الفئات الشعبية التي تؤمن بمشروعه، ولذلك على "بيجيدي" الانتباه إلى هذا الأمر. العثماني ليس ضعيفا < بعد انتخاب العثماني على رأس الأمانة العامة هناك من وصفه بأنه ضعيف سواء من خلال تدبير الأزمات الاجتماعية أو عدم امتلاكه كاريزما بنكيران في التعامل مع خصوم الحزب. ما رأيك؟ < مرة أخرى سأقول إن المقارنات ستظل صعبة بين بنكيران والعثماني. أصعب شيء في السياسة هو المقارنة بين شخصيتين. وأتصور أنه يجب تقييم تجربة أداء بنكيران ثم نقيم تجربة العثماني لوحده، أما المقارنة بينهما فصعبة لأنها ستكون مجحفة. العثماني ليس ضعيفا ولديه أسلوبه في التواصل وفي الأداء وفي الممارسة. قد نتفق معه وقد نختلف. لكن بكل صدق المقولة التي أختلف معه حولها وأعبر عن ذلك بشكل صريح هي اختيار سعد الدين العثماني القول "نحن حكومة إنصات وإنجاز". تعدد المهام يستوجب تعدد التعويضات < هناك من يرى أن رفض فرق الأغلبية بالبرلمان لمشروع قانون اقترحه الاتحاد الاشتراكي ينظم حالات التنافي من أجل القطع مع التعويضات السمينة، مؤامرة من أجل الاستمرار في الاستفادة من الريع. ما ردك؟ < هناك أمور عديدة يجب أن نعرف حقيقتها كما هي. أولا الفريق الاشتراكي ومعه حزب الاتحاد الاشتراكي الذي أصدر خروج هذا المقترح في بيان مكتبه السياسي يمارس حقه الدستوري المشروع. هذا الحق الذي مارسه الاتحاد الاشتراكي اعترفنا له به، لكن يجب أن يتم التعامل مع فريق العدالة والتنمية بالأسلوب نفسه، لأنه بمجرد أن يودع فريق "بيجيدي" مقترح قانون ما مثل قانون إصلاح نظام المعاشات تقوم القيامة ويتهمونه بأنه خرج على إجماع الأغلبية وأنه لم يتشاور مع مكوناتها وأنه قام بمبادرات انفرادية، وتتم مهاجمته إعلاميا ووصفه بأنه يقوم بمزايدات وأن ذلك يمكن أن يثير إشكالات داخل الأغلبية ومن خلاله تمارس ضغوطات على الفريق البرلماني للعدالة للتراجع. نحن لن نتصرف بالطريقة التي يتصرفون بها ولكننا متمسكون باستقلالية قرارنا السياسي والتشريعي. طبعا التنسيق مع الأغلبية ومحاولة إقناعها نعمل به، لكن هذا المنهج لا يمكن أن يفقد فريقا نيابيا كبيرا حقه في المبادرة من خلال ممارسة السيادة على قراره التشريعي. مقترح الاتحاد الاشتراكي لم نهاجمه ولم نعرقله ولا مصلحة لنا في ذلك، ولكن سجلنا حوله ملاحظات ذات طبيعة قانونية، إذ اعتبرنا أن ما جاء به ممكن ألا يدخل في مجال التشريع وقانون البرلمان، ولذلك قلنا إن إشكال تعدد التعويضات في المهام الانتدابية ليس في منح التعويضات، ولكن في الإمكانية القانونية في الجمع بين تلك المهام. اقترحنا الذهاب في اتجاه مقترح قانون يضع حدا لحالات التنافي حتى لا يجد الشخص نفسه في عدة مهام. أما إذا مارس مهامه فسيتلقى عنها تعويضات. ولذلك فبدل الحديث عن عدم الجمع بين التعويضات يجب الحديث عن التنافي في المهام لأنه أسلم ويتميز بمقتضى قانوني بنص الدستور. قمنا بطرح مقترح القانون وهو اليوم يوجد قيد الدراسة والتشاور وسندعو مكونات الأغلبية للتوقيع عليه لوضعه، وهكذا سنحل به إشكالية التنافي في المهام وتلقائيا وآليا سينطبق ذلك على سحب التعويضات. المحتجون ليسوا أعداء للوطن < وبماذا تفسرون تراجع شعبية العدالة والتنمية في المهرجانات الخطابية التي أصبحت تنظم بمقاعد شبه فارغة؟ < لدي تحفظ على كلمة كراس شبه فارغة، ولكن سأعود إلى نظرية المقارنة. يصعب جدا المقارنة بين مهرجانات كانت تنظم في وضعية سياسية مختلفة بحضور زعيم سياسي يتمتع بموهبة خطابية ولديه مصداقية وبين مهرجانات تنظم في الفترة الحالية. بنكيران لم يحبه الناس لأنه كان يتقن فن الخطابة فقط. ولكن الذي جعل رئيس الحكومة السابق قريبا من الناس هو صدقه واقتناع المواطن بما يقوله لهم. هذه المواصفات توفرت لعبد الإله بنكيران ولذلك يصعب مقارنة الوضع السياسي الحالي بالوضع السابق. يجب تقييم كل مرحلة حسب معطياتها والقيام بنقد ذاتي للنظر في المكتسبات التي تم ربحها والإشكاليات التي يجب تجاوزها. < سبق أن قلت في تدوينة لك على حسابك ب"فيسبوك"، "قوى الفساد والتحكم تسعى للنيل من بنكيران، ما هي هذه القوى؟ هل يمكن أن تسمي الأشياء بمسمياتها؟ < الخطاب السياسي في العالم بأسره وليس في المغرب فقط يتميز بخصوصية، وتمرر من خلاله رسائل. السؤال المطروح لماذا لم يسمح لعبد الإله بنكيران بتشكيل حكومته؟ هذا سؤال سيظل مطروحا. لماذا اضطر المغرب ليعيش فترة "بلوكاج" قاسية كانت لها كلفة على مساره الديمقراطي وكلفة على مساره الاقتصادي والاجتماعي. بنكيران شخصية أخضعت نفسها لاستفتاءات شعبية متتالية وخرجت منها منتصرة، لا يمكن اليوم لأحد القول إن ذهاب بنكيران من رئاسة الحكومة هو انسجام مع الإرادة الشعبية، لأنها عبرت عن نفسها في صناديق الاقتراع. تم اصطناع بلوكاج سياسي في مرحلة سابقة أسهمت فيه أحزاب سياسية كانت لديها اختيارات، ولكني ما زالت أقول إن اختياراتها كانت ضد الإرادة الشعبية وتعبر عن مصالح قوى غير مرتبطة بمصالح المواطنين، الذين عبروا عن اختيارهم بطريقة ديمقراطية. < ما هي قراءتكم للأحداث التي تشهدها جرادة منذ أشهر؟ < أحداث جرادة كما الشأن بالنسبة إلى الريف، هي حركات احتجاجية بمواصفات متحولة، ودعوت دائما إلى القيام بقراءة وطنية شاملة لتطورات الحركات الاحتجاجية في المغرب لأنها ستظل مرشحة للتنامي. لماذا؟ لأن تحولات ذات طبيعة سياسية واقتصادية واجتماعية وقعت في المجتمع المغربي. وقعت لدينا تحولات على مستوى التواصل وآلياته البديلة التي لا يمكن إلغاؤها. الحركات الاحتجاجية يجب قراءتها بطريقة إيجابية، لا أن ننظر إلى المحتجين كخصوم وأعداء للوطن. يجب أن ننظر إلى المحتجين بأنهم مواطنون مغاربة اضطروا إلى النزول إلى الشارع والاحتجاج لأن لديهم مطالب معينة يجب الإنصات إليها. احتجاجات جرادة مشروعة خرج فيها الناس لرفع مطالب اقتصادية واجتماعية وأصروا على أن يعبروا عنها بتلك الطريقة بعد أحداث أليمة شهدتها "السندريات" وطبعا الحكومة اعترفت بهذه المطالب وحجت إليهم، وكان هناك حوار لكن يبدو أن المقاربة لم تقنع، لذلك يجب الاستمرار في نهج الحوار والتعامل الإيجابي مع الحركات الاحتجاجية في المغرب. < مساندتكم لحامي الدين أليست محاولة للتأثير على القضاء قبل أن يقول كلمته؟ < جوابي البسيط هو أن القضاء قال كلمته فعليا وحامي الدين قضى عقوبة حبسية نافذة بحكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به وحامل لمقرر تحكيمي من هيأة الإنصاف والمصالحة اعترفت فيه بالشطط والتجاوز الذي حدث في محاكمته. ما الذي نريده بعد ذلك؟ هل نطعن في القضاء الذي قال كلمته بشكل نهائي في الشخص الذي قضى عقوبة حبسية ونطعن في مقرر هيأة تحكيمية كبيرة التي هي هيأة الإنصاف والمصالحة لنخفي البعد السياسي للملف؟ لا يمكن. البعد السياسي لملف عبد العالي حامي الدين حاصل وواضح بمؤشرات متعددة، لذلك اليوم مساندة حامي الدين هي مساندة من قبل حزب العدالة والتنمية وليس من قبل مكون داخل الحزب. حرية المعتقد أقرها الله < سبق أن أعلنت في لقاء مع طلبة صحافيين بالبيضاء أنك مع الحريات الفردية وأنه لا مانع لديك أن يفطر رمضان من شاء وأن الكل حر في عقيدته وله الحرية المطلقة أن يفعل ما شاء بجسده. ألا يتناقض ذلك مع توجه الحزب؟ < حسب رأيي الشخصي فأنا مع إقرار حرية المعتقد. حرية المعتقد أقرها الله قبل أن تقرها التشريعات الإنسانية. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. بمعنى أن يمارس الناس اعتقاداتهم بحرية. هذا جوهر الدين القائم على الحرية. أنا مع ممارسة الحريات الفردية كلها داخل الفضاءات الخاصة، لكن حينما ننتقل إلى الفضاء العام فليس المغرب فقط بل العالم أجمع يعتبر تدبيره التعاقدي للحياة العامة يستحضر ما هو ثقافي واجتماعي وتاريخي وحضاري وقانوني. هذا التدبير يتطلب حوارا حتى نصل إلى المستوى الذي يضمن التعايش بين الناس واستمرار التعاقد بينهم في دولة عصرية ديمقراطية وحتى تضمن للناس ممارسة حياتهم الخاصة دون المس بأسس التعاقد الاجتماعي. وإذا كان الحوار على هذا الأساس فلا أتصور أنه يتناقض مع توجه حزب العدالة والتنمية. في سطور - من مواليد 1980 بقرية "آيت رخا" نواحي تزنيت. - نائبة رئيس مجلس النواب. - عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين. - نائبة رئيس جهة سوس ماسة. - عضو المجلس البلدي لتزنيت. - متزوجة وأم لطفلين. - اشتغلت مدرسة في الابتدائي بعد تلقيها تكوينا في مركز تكوين المعلمين. - نالت شهادة الإجازة في تخصص علم الاجتماع من جامعة القاضي عياض. - التحقت بالمدرسة العليا للأساتذة بفاس وأصبحت أستاذة للفلسفة. - انضمت إلى حزب العدالة والتنمية، سنة 1997، وتدرجت في المهام إلى أن انتخبت في 2009 وكيلة لائحة في جماعة تزنيت. دخلت البرلمان في 2011 عبر اللائحة الوطنية.

“بيجيدي” مطالب بنقد ذاتي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تنافس

أعطاب الصحة أمام جطو

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات