دار لقمان على حالها

مرتفقو العدالة لا يشعرون بأثر فصل السلطة القضائية بعد أشهر من دخول قرار فصل السلطة القضائية حيز التنفيذ، مازال مرتفقو المحاكم خارج سياق "الإصلاح"، إذ لا يشعرون بأي تغيير سواء على مستوى تسريع وتيرة المحاكمات، وعدم التهاون في معالجة الملفات الواردة على المحاكم. "الصباح" انتقلت إلى المحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع بالبيضاء، وعاينت الأجواء التي تلي الجلسات، كما استجوبت عددا من مرتفقي المحكمة، الذين عبر بعضهم عن جهلهم بقرار الفصل بين النيابة العامة والسلطة القضائية. أمام المحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع، تلاحظ عددا من المشاهد المتناقضة، بين من كان يضحك، لأن ما دار في الجلسة كان في صالحه، ومن يذرف الدموع ويصرخ احتجاجا على المسار الذي أخذته قضيته، بالإضافة إلى بعض المناوشات بين الأطراف المتقاضية وعائلاتهم. جهل "بالإصلاح" بعد تجاوز الحواجز الحديدية الموضوعة في الباب الخارجي لمحكمة عين السبع، يترجل مرتادوها في مسلك متاخم للسور، يؤدي مباشرة إلى الباب الرئيسي للمحكمة، حيث قاعات الجلسات وباقي المرافق. وبين هذين البابين يكتب عدد من الأحداث بشكل يومي، إذ عاينت "الصباح" جملة منها بعد نهاية الجلسات وخروج أطراف القضايا، أو أفراد عائلاتهم إلى باحة المحكمة. وطرحت "الصباح" السؤال على شيخ ذي لحية بيضاء كان يتكئ على عكاز، ويجلس قرب الباب الداخلي رفقة زوجته، هل لاحظت أي تغيير في مرفق العدالة بعد استقلال السلطة القضائية؟ لكن جوابه جاء خارجا عن سياق السؤال، إذ قال "أنا جيت غير على قبل ولدي مشدود على المعجون، وحكموا عليه بـ3 أشهر"، وقاطعه أحد عناصر القوات المساعدة، قائلا "رجع عندي نهار الاثنين نوقف معاك ودير ليه الاستيناف"، لكن ثلاثة شباب من أصدقاء المتهم نبهوا الشيخ وزوجته، إذ قال أحدهم "عنداك أعمي راه ممكن ايزيدوه غير خليوه هكا". السؤال نفسه طرحته "الصباح" على امرأة تبدو في عقدها الثالث، كانت رفقة فتاة صغيرة، إذ قالت "خويا مكاين لا إصلاح لا والوا كاين غير الكذوب"، قبل أن تسرد قصتها، موضحة أنها تتقاضى مع زوجها بخصوص النفقة، مضيفة أنه "يكذب على القاضي، ويقول له أنه فقير ولا يملك أي دخل"، غير أنها أشارت إلى أنه شخص غني وعائلته تملك شركة وعددا من الأملاك والعقارات، قبل أن تنفجر بالبكاء، قائلة "لي بقا فيا هو كيكذب ولحيتو فيها عشرين سنتيم، كيقول للقاضي خويا مسكني فبيت فالسطح وداير فراشة قدام الجامع، وهو عندو الأملاك والورث". وبعد لحظات تحلقت مجموعة من النساء حولها، وأخذن يحدثنها ويواسينها، وطلبت منها إحداهن أن ترافقها إلى منزلها لتستريح قبل أن تعود أدراجها إلى وجدة، غير أنها رفضت مرافقتها، مبرزة أنها تنتظر امرأة داخل المحكمة سترافقها إلى بيتها بالبيضاء قبل أن تعود إلى بيت أهلها. الثمار بعيدة المنال يقول محام بهيآة البيضاء، رفض الكشف عن اسمه، إن قطف ثمار فصل السلطة القضائية عن النيابة العامة يتطلب مسارا طويلا، وأنه لن ينعكس على مرتفقي المحاكم وجسم السلطة القضائية بعد أشهر من تطبيق القرار، موضحا أن الامتياز الذي منحه هذا الإصلاح، يتمثل في أن ممثلي السلطة القضائية بدؤوا في التخلص من الخضوع الإداري لسلطة وزير العدل، بمعنى أنهم أصبحوا سلطة مستقلة ولديهم جرأة في اتخاذ القرارات وإصدار الأحكام، مستدركا أنه رغم الجرأة التي بدؤوا يكتسبونها، إلا أنهم مازالوا مقيدين بإرث العقود الماضية. وأضاف المتحدث ذاته أن استقلالية السلطة القضائية ستعود بالنفع على القضاة بالدرجة الأولى، وقضاة النيابة العامة بدرجة أهم، لأنهم كانوا يعيشون تحت تأثير الخوف من التعليمات وأوامر جهات معينة. وأبرز المحامي بهيأة البيضاء، أنه "حينما يكون لدينا قضاء نزيه ومستقل، الأكيد أنه ستكون لديه انعكاسات إيجابية على المواطنين"، مشيرا إلى أنه في كثير من الأحيان لا يسعف القانون القضاة، ويضطرون إلى استعمال سلطتهم التقديرية وحدسهم. عصام الناصيري

دار لقمان على حالها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السجن لدركيين بشيشاوة

السلطة القضائية ... معيقات الاستقلال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات