قراءة للمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية

المحتالون والمزورون انتصروا في خطتهم وورطوا المشرع لما أقره في هذه المادة (الحلقة الأولى) بقلم: السباغي مبارك * تدخل المشرع واعتقد أنه وجد الحل السحري من خلال الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون مدونة الحقوق العينية، بل فتح بابا زاد الطين بلة، بدلا من حل المعضلة المتعلقة بالاستيلاء على أملاك الغير بسوء نية. وحسب هذه المادة، من تضرر جراء تقييد حق برسمه العقاري دون علمه، عليه أن ينهض ويندد بهذا العمل الإجرامي، سعيا منه إلى استرجاع عقاره أو حقوقه المشاعة، وهو ساخط على الطرق الملتوية والمتسمة بالزور والتزوير واستعماله والتي أدت إلى الاستيلاء على حقوقه المشروعة. فهل ينجح في استرجاع حقوقه المغتصبة أو يستعصى عليه الأمر، فتضيع منه أمواله العينية، ولن يبقى له سوى طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه شريطة تقديمه لدعوى في الموضوع داخل الأجل القانوني المحدد ؟. كيف يحصل ذلك ؟. تقدم الوثائق المزورة إلي المحافظ العقاري الذي يطلع عليها شكلا ومضمونا حسب الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12-08-1913، كما تم تعديله وتتميمه بالقانون 14-07 فإن اقتنع بصحة الوثائق أمر بالأداء وبعده بالإيداع في السجلات العقارية ونتيجة لذلك يصبح العقار في اسم شخص جديد دون علم المالك الحقيقي الأصلي. نلاحظ هنا أن كلا من الموثق و المحافظ و غيرهما غير قادرين على اكتشاف التزوير، ما لم يكن مثيرا للشك لسبب من الأسباب أو بارزا ومكشوفا، فإن لم تكن الوثائق المعروضة على المحافظ العقاري متنافية مع الفصل 74 من الظهير نفسه، يأمر المحافظ بالتقييد. بعد الإيداع يصبح الحق في مأمن وهنا تبدأ المصيبة. ما العمل بعد اكتشاف الزور وما مصير الحق المقيد، وما مصير المالك المتضرر؟ كيف للمحتالين والمزورين والنصابين أن ينتصروا في خطتهم الجهنمية وينجحوا في أن يورطوا المشرع الذي لم ينتبه قط لما أقره في الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية القانون (39-08)، والتي ورد فيها بأن الرسوم العقارية وما تتضمنه من تقييدات تابعة لإنشائها تحفظ الحق الذي تنص عليه، وتكون حجة في مواجهة الغير، على أن الشخص المعين بها هو فعلا صاحب الحقوق المبينة فيها، وإن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية، كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر، إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله، شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه. 1 - إشكالية المادة الثانية من القانون 39-08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية من حيث الشكل. المشكل، هو أولا في وجودها ضمن مواد قانون مدونة الحقوق العينية، وثانيا عدم قانونية وشرعية الفقرة الأخيرة منها، كيف ذلك ؟. هذه المادة وردت ضمن قانون مدونة الحقوق العينية التي تنظم العقار المحفظ والعقار في طور التحفيظ والعقار غير المحفظ، خلافا لظهير 2-06-1915 الملغى، والذي كان لا يطبق إلا على العقارات المحفظة. وجودها ضمن الظهير الملغى، له ما يبرره نسبيا، لأنه كان لا يطبق إلا على العقارات التي لها رسوم عقارية تتعلق بالملكية التامة، وبالحقوق العينية المنصبة على العقار المحفظ كحق الانتفاع والحبس وحق الاستعمال والسكنى والكراء طويل الأمد وحق السطحية والرهن الحيازي والارتفاقات والامتيازات والرهون والحقوق العرفية الإسلامية والدعاوى العينية العقارية. وبالرجوع إلى هذا الظهير الملغى، نجد المادة الأولى منه تبين أن تحفيظ العقارات يتم حسب مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري (ظهير 12-08-1913)، والمادة الثانية منه تبرز أهمية شهر الحقوق العينية بالسجلات العقارية، والمادة الثالثة (التي هي حاليا المادة الثانية من القانون 39-08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية)، جاءت لتؤكد أن الرسوم العقارية والتقييدات اللاحقة المنصبة عليها، تحتفظ بالحق الذي تبينه ما لن يتم إلغاؤها، أو التشطيب عليها، أو تغييرها وتضمن الحجة بالنسبة للغير، أن الشخص المسمى (أي المقيد) هو حقيقة صاحب الحق المعين. تاريخيا هذا الظهير الجديد بالنسبة إلى المغاربة بداية القرن الماضي، كان ضروريا في فصوله الثلاثة أن يؤكد مرة ثانية على دور ومزايا التقييدات بالسجلات العقارية لأن المدة الفاصلة بينهما لا تتعدى سنتين، إذ كان ظهير 12-08-1913 مازال فتيا، لذلك ركز المشرع في ظهير 02-06-1915 على أهمية السجلات العقارية. وبما أن مدونة الحقوق العينية أدخلت في مقتضياتها العقار في طور التحفيظ والعقار غير المحفظ إلى جانب العقار المحفظ، فإن وجود المادة الثانية (الثالثة سابقا) ضمن القانون 39-08، لوحدها دون المادتين الأولى والثانية المذكورتين أعلاه (ظهير 02 - 06 - 1915 الملغى)، لا مبرر له ووجب على المشرع حذفها من القانون المذكور حفاظا على انسجام مواده و الاكتفاء بالتعريف بالحقوق العينية دون إعطاء الامتياز للحقوق العينية المقيدة، وإلا كيف يمكن حماية المالك الأصلي طالب التحفيظ أو صاحب العقار غير المحفظ بمقتضيات المادة الثانية ؟. على المشرع ألا يفضل الحقوق العينية المقيدة على باقيها المنصبة على مطالب التحفيظ أو على عقارات غير محفظة، بحمايتها حماية مطلقة، ويلتزم الصمت فيما يتعلق بحقوق عينية، لا تتوفر على رسوم عقارية، كيف يمكن حماية حسن النية لطالب التحفيظ أو للمستفيد من مقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري ؟. وكيف يمكن تصور حماية عقود للتصرفات العقارية في عقارات غير محفظة ؟. هل العبرة بالتقادم المنصوص عليه في قانون الالتزامات والعقود؟، أي من تاريخ العلم بالتزوير واستعماله ؟. * موثق بالدار البيضاء ومحافظ عقاري سابقا

قراءة للمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال مغتصب طفلة بمراكش

التزوير يورط موثقا وأرملة ملياردير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات