مدير أكاديمية الرباط استفاد من هذا الامتياز لتمرير صفقة غير سليمة للحراسة بدعوى وجود مواد كيميائية كشفت وثائق حصلت عليها «الصباح» لجوء مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالرباط-سلا-القنيطرة، إلى طلب رخص للاستثناء من وزارة المالية والاقتصاد لتمرير صفقات تحوم حولها «شبهات»، أبرزها الصفقة «23 أوه 2015» الخاصة بحراسة المنشآت التابعة للوزارة بالجهة، والمدارس والمؤسسات التعليمية والإدارات. وحسب مراسلات بين مدير الأكاديمية ووزير المالية والاقتصاد، فإن الأخير نبه مسؤول وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إلى احترام القانون ومراعاة الضوابط المعمول بها في مجال الصفقات العمومية، حتى تحظى طلباته بالموافقة في المراحل المقبلة. وأعطى الوزير موافقته على الصفقة الخاصة بالحراسة، أخذا بعين الاعتبار التبريرات التي أوردها مدير الأكاديمية في رسالة إلى الوزير مؤرخة في يونيو 2015 يقول فيها إن أي تأخير في التأشير على الصفقة، معناه وضع عدد من منشآت وزارة التربية الوطنية ومختبراتها موضع خطر. وقال مدير الأكاديمية في الرسالة نفسها (15/8140 الموجهة إلى مدير مديرية المنشآت العامة والخوصصة بوزارة المالية والاقتصاد)، إنه توصل برسائل تحذيرية من المديرين الإقليميين تنبه إلى العواقب الوخيمة المحتمل وقوعها إثر توقيف خدمات الأمن والحراسة بالمؤسسات التعليمية وما سيترتب عن ذلك من ضياع وإتلاف يهم أثاث الداخليات ومعدات الطهو المدرسي والتجهيز المعلوماتي بالمرافق الإدارية والقاعات المتعددة الاستعمال، إضافة إلى التجهيز والعتاد الديداكتيكي، خصوصا المواد الكيميائية الخطيرة الموجودة بالمختبرات العلمية. وحسب مصادر مقربة من الملف، فإن مدير الأكاديمية لعب الورقة الخاصة بـ»المواد الكيميائية الخطيرة الموجودة بالمختبرات العلمية والخوف من السطو عليها من قبل مجموعات مريبة واستعمالها في صناعة مواد محظورة»، من أجل تحريف المساطر القانونية والحصول على «براءة» من وزارة المالية والاقتصاد في إطار الاستثناء (مقتضيات الفصل 9 من قانون 69.00 الخاص بمراقبة المالية للدولة على المنشآت العمومية). وقالت المصادر نفسها إن الأمر يتعلق بصفقة 23 أوه 2015 المثيرة للجدل التي سبق أن توصل رئيس الحكومة السابق بملف «ثقيل» حولها، وطرحت في إحدى جلسات البرلمان. وتشرح وثيقة حصلت عليها «الصباح» كيف أن الصفقة التي وصلت إلى عشرة ملايير و200 مليون سنتيم كانت نموذجا للصفقات المدبرة بشكل «ممركز» من قبل مدير الأكاديمية، عوض إعمال مبدأ التفويض إلى المديرين الإقليميين الذي كان معمولا به منذ 2012 لتدبير ميزانية الاستثمار. وحسب الوثيقة نفسها، فإن شبهة التلاعب بدأت من مسطرة طلب العروض والإعلان عنه في الوسائل المتاحة لذلك، رغم تنبيه مراقبة الدولة التي سجلت ملاحظات على بعض النقاط غير القانونية وطلبت حذفها من دفتر الشروط لكن المدير لم يفعل. وأعلن عن الصفقة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يونيو 2015، وتنتهي في يونيو المقبل، إذ فازت بها شركتان قدمتا أقل عرض (الحصتان 1 و2 لشركة والحصة 3 للشركة الأخرى)، وهي الصفقة التي صادقت عليها مراقبة الدولة، قبل أن يفاجأ الجميع بقرار المدير إلغاءها، مع إتلاف الصفحة الأخيرة من عقد الاتفاق المتضمنة لتوقيعات الطرفين. (لم ينتبه المدير أن النسخة التي كانت بحوزته مجرد نسخة طبق الأصل بالألوان). بعد ذلك، طلب المدير من لجنة الأظرفة العدول عن الصفقة السابقة، ومنحها إلى شركة من مكناس قدمت عرضا مرتفعا، بفارق 12 مليونا و500 ألف درهم، علما أن هذه الشركة طعنت في المسطرة القديمة واعتبرتها غير سليمة، ورد عليها المدير بأن الصفقة احترمت القانون. ووفق المعلومات المتوفرة لـ»الصباح»، فإن صاحب الشركة التي حولت إليها صفقة الحراسة، تعامل مع المدير حين كان مسؤولا بأكاديمية جهة مكناس، وذكره بأن مبلغا مقدرا بـ90 مليون سنتيم مازال في عهدته عن خدمات النظافة والحراسة. يوسف الساكت