دسترة “البراءة هي الأصل” لم تعد تسمح بتغليب الاعتقال

قضاء الحكم مطالب بالانخراط في التوجه الجنائي الجديد والتخلي عن قناعاته التقليدية النيابة العامة مطالبة بتغيير قناعاتها المحافظة وتعديل عقليتها السائدة عبر التخلي أولا وقبل كل شيء عن شعارها الكلاسيكي «الشك موجب للمتابعة» و «الاعتقال موجب لتحقيق الزجر»، بل يتعين عليها تحمل كامل مسؤوليتها في أثناء اتخاذ القرار، وجعل هاجس حماية الحرية الشخصية للفرد وحقوق الإنسان شعارها البديل، مع التمسك بالتنصيص التشريعي الذي يقضي بأن كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية، وأن الشك يفسر دائما لصالح المتهم. وهي في ذلك مطالبة بالتحلي بروح المسؤولية والشجاعة والبادرة التلقائية في اتخاذ القرار بمعزل عن أي مؤثرات معنوية أو رمزية أو مادية. من جهته فإن قضاء الحكم مطالب أيضا بالانخراط في مسلسل التوجه الجنائي الجديد، والتخلي عن قناعاته التقليدية التي ساهمت بتراكماتها السلبية في تكريس أزمة الجنوح البسيط. ولا يعد العامل القضائي المسؤول الوحيد عن شيوع أزمة اكتظاظ السجون في المغرب، إذ أن هناك مجموعة من العوامل الأخرى التي تتداخل فيما بينها لتشكل من جهتها أحد الأسباب الرئيسة للأزمة، ومن جملتها نجد دور العامل التشريعي والمؤسساتي. وغالبا عند الحديث عن اكتظاظ السجون، توجه أصابع الاتهام إلى الهيآت القضائية واتهامها بالجنوح نحو عقوبات سالبة للحرية في حق متهمين في قضايا تستدعي، على الأقل، وقف تنفيذ العقوبة أو اتخاذ قرارات أخرى بعيدا عن الاعتقال الاحتياطي، سيما أن المشرع خول للقاضي صلاحيات وسلطات واسعة للتصرف في الملفات حسبما استقرت عليه سلطة الملاءمة أو القناعة.وانعكست المغالاة في الاعتقال على أزمة السجون المغربية، لدرجة أن حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون، سبق له أن كشف أن المندوبية تتدارس فكرة إلغاء بعض العقوبات السالبة للحرية، في إطار مساعيها للتخفيف من ظاهرة الاكتظاظ، التي تخلف مشاكل جمة للمؤسسات المعنية، وذلك بتنسيق مع كبار أطر وموظفي وزارة العدل.وشدد بنهاشم، على ضرورة إيجاد حلول ناجعة وفعالة للسجناء الموجودين رهن الاعتقال الاحتياطي، من قبيل مراجعة الأحكام الصادرة في حقهم، والسماح بالإفراج عن بعض المسنين والنساء الحوامل، وغيرهم ممن أبانوا عن إمكانية ادماجهم من جديد في المجتمع، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، في قضايا معينة، مقابل عقوبات أخرى، مثل الغرامة مثلا والكفالة، في صيغة بديل آخر من أجل تفادي مشاكل الاكتظاظ الذي يسبب أزمات في السجون. وأخيرا فإن المبدأ الدستوري القائل بالبراءة هي الأصل، أصبح أكثر إلحاحا على نهج سياسة ترشيد الاعتقال، والميل أكثر للوسائل البديلة للاعتقال، إذ أن ذلك يمكن من عودة أجواء الثقة بين المواطن والسلطة، لأن القاعدة الأساسية تقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وليس العكس، ولذلك فلا داعي إلى إيداع مشتبه ما فيه رهن الاعتقال أو الحراسة النظرية، قبل استيفاء الشروط اللازمة لإدانته، خصوصا أن متابعته في سراح مؤقت قد تعطيه الفرصة لإثبات براءته، وهو الأمر الذي لا يوليه بعض القضاة أي اهتمام. المصطفى صفر

دسترة “البراءة هي الأصل” لم تعد تسمح بتغليب الاعتقال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بغداد : "شبيحة" وزراء ثقافة سابقين استغلوا المرفق لصالحهم

وهبي: ينبغي التخلص من عقدة الميل نحو الاعتقال

مقالات ذات صلة