متعاقدو التكوين المهني…الحكمة والتهييج

تفاصيل نزاع اجتماعي استمر أكثر من ستة أشهر اختلطت فيه الحسابات النقابية بسوء الفهم لمساطر الوظيفة العمومية دخل ملف متعاقدي مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، منذ أيام، منطقة ارتداد حاد، اختلط فيه حابل الصراعات النقابية الضيقة، وبنابل التهييج والتهور الذي وصل حد الاعتداء على موظفين بالإدارة العامة للمكتب والتهجم عليهم، ما استدعى تدخل السلطات القضائية التي تنظر في الدعوى يوم الاثنين 6 فبراير المقبل. الملف بدأ، منذ يونيو الماضي، بمعركة نضالية من طرف بعض المكونين غير المتعاقد معهم برسم السنة التكوينية 2011/2010، تطورت إلى قرار قاس بخوض اعتصام مفتوح أمام مقر إدارة مكتب التكوين المهني بعين البرجة بالدار البيضاء (بمحاذاة محطة القطار المسافرين) استمر عدة أشهر في ظروف إنسانية صعبة، تجاوب معها مسؤولو المكتب الذين دعوا إلى عدة اجتماعات لإيجاد حل نهائي لنزاع اجتماعي تتحمل مسؤوليته عدة أطراف.وفي هذا السياق، سعت إدارة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والجامعة الوطنية للتكوين المهني، العضو في الاتحاد المغربي للشغل، لدراسة ملف الأساتذة المكونين، كما عقد الطرفان، بحضور السلطات المحلية، اجتماعات بتاريخ 26 يوليوز و2 و12 غشت الماضيين، تم خلالها حصر اللائحة الاسمية للمكونين المعنيين التي تضمنت 80 أستاذا.وتوجت هذه الاجتماعات، حسب مصادر قريبة من الملف، باجتماع رابع يوم 19 غشت الماضي بحضور الأطراف المعنية، التزم مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل خلاله، بتشغيل المكونين الذين اجتازوا بنجاح المباريات التي نظمت ابتداء من يوليوز الماضي والذين لم يتم تشغليهم لعدم وجود خصاص، وذلك حسب حاجياته من المكونين في مختلف التخصصات، كما التزم أن تجري هذه العملية طبقا لمقتضيات القانون الأساسي للمكتب، وبعد التأكد من عدم تسجيل أي سلوك صادر عنهم يتنافى ومهمة التكوين.وحسب محضر الاجتماع نفسه، تعهد المكتب المهني، حسب حاجياته، باستدعاء الأشخاص الذين لم يحالفهم الحظ في اجتياز المباريات من أجل المشاركة من جديد، بغية تشغيلهم في حالة تفوقهم وفق المسطرة المشار إليها أعلاه، مع تشكيل لجنة للمتابعة بعضوية مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والجامعة الوطنية للتكوين المهني.وتجاوبا مع هذا الاتفاق، أصدر مكتب سكرتارية متعاقدي مكتب التكوين المهني المتخلى عنهم (الجامعة الوطنية للتكوين المهني)، يوم 22 نونبر الماضي، بلاغا يعلن فيه تعليق الاعتصام المفتوح الذي استمر زهاء خمسة أشهر أمام مقر الإدارة بعين البرجة، لفسح المجال للإدارة لحل هذا الملف "في جو من الثقة المتبادلة بعيدا عن كل الضغوطات والمزايدات"، مثمنا "هذه المبادرة التي تنم عن حسن نية الإدارة العامة في التعاطي مع هذا الملف بصفة إيجابية"، مع التنبيه إلى موافقة أغلب أعضاء السكرتارية على هذا القرار، "باستثناء قلة قليلة لا يتجاوز عددها أصابع اليد، حاولوا غير ما مرة عرقلة مسار هذا الملف".قبل تعليق الاعتصام المفتوح، كان عدد من الأساتذة المكونين، أصدروا يوم 6 أكتوبر الماضي من الرباط قرار انسحابهم من الجامعة الوطنية للتكوين المهني والتحاقهم، رسميا، بالجامعة الحرة للتكوين المهني، العضو في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، محتجين على طريقة تدبير ملفهم محملين جامعة الاتحاد المغربي للشغل مسؤولية ذلك، معبرين عن رفضهم العقدة غير المحددة تماشيا مع مبدأ الإدماج للجميع، مع احتساب السن بالرجوع إلى تاريخ أول عقدة مع مكتب التكوين، واحتساب الأقدمية كاملة.في تفاعل مع ذلك، عادت الإدارة العامة إلى بسط جميع التوضيحات المتعلقة بهذا الملف، في رسالة إلى والي جهة الدار البيضاء الكبرى، أكدت خلالها أن المكتب شرع في العمل في إطار تعاقدي مع المكونين منذ 2005 لمواكبة مستلزمات النمو الذي انخرط فيه من خلال البرنامج الحكومي الخاص بتكوين 400 ألف متدرب خلال الفترة ما بين 2002 و2007، ثم المخطط التنموي الرامي إلى تكوين مليون متدرب في أفق 2011-2016.ولتحسين ظروف عمل المكونين المعنيين والتمكن من جلب كفاءات عالية لشغل مهمة مكون، عمل المكتب في غضون 2010 على وضع نظام جديد للتعاقد صودق عليه عبر مقرر مزدوج لوزارة التكوين المهني ووزارة المالية والاقتصاد، من ضمن بنوده تمديد العقد ليشمل سنة كاملة قابلة للتجديد مرتين (بدل من 7 أشهر في النظام القديم) مع ضمانه لامتيازات إضافية من قبيل الزيادة في الأجر والتعويض عن التنقل والتعويض عن الساعات الإضافية ورخصة سنوية حسب القوانين الجاري بها العمل.وقبل عودة الأطراف إلى طاولة الحوار في غشت الماضي لتسوية ملف ما تبقى من مكونين، كانت الإدارة العامة وصلت إلى اتفاق، في يونيو الماضي، في إطار بروتوكول بين المكتب المهني والشريك الاجتماعي ووزارة الاقتصاد والمالية، يقضي بإدماج جميع المكونين المتعاقدين الذين يبلغ عددهم 2400 مكون على أربع مراحل هي:- أقدمية تفوق أو تساوي 3 سنوات (فاتح يونيو 2011)- أقدمية تفوق أو تساوي سنتين وتقل عن 3 سنوات (فاتح يناير 2012)- أقدمية تفوق أو تساوي سنة وتقل عن سنتين (فاتح يونيو 2012)- أقدمية تقل عن سنة (فاتح دجنبر 2012)ونص البروتوكول، فيما يتعلق بالحالات الخاصة، على معالجتها على نحو يمكن من جهة المكونين الذين تجاوزت أعمارهم السن القانوني للتوظيف والمستوفين للشروط الأخرى من إعادة توظيفهم في إطار عقد غير محدد المدة بأجر مماثل لنظرائهم النظاميين حسب الدبلوم المحصل عليه في التخصص الملقن، ومن جهة أخرى تمكين المكونين الحاصلين على الشهادات التي لا تمكنهم من ولوج السلم 7 والمتوفرين على جميع الشروط الأخرى ما عدا السن، من إعادة توظيفهم في إطار عقد محدد المدة بأجر مطابق للسلم 5.وحسب المكتب المهني، كلف تنفيذ مقتضيات هذا البروتوكول مبلغا ماليا قدر بـ120 مليون درهم، وتم تفعيل مضمونه مباشرة بعد التوقيع على المقرر المزدوج بين وزارتي الاقتصاد والمالية والتشغيل والتكوين المهني في 13 شتنبر الماضي، وبمقتضاه تم إدماج وصرف رواتب 667 من المكونين من بينهم 83 مكونا في إطار عقد غير محدد برسم الشطر الأول.ويبدو أن هذا الاتفاق لم يرض بعض الأطراف داخل المكونين، إذ استمرت الاحتجاجات أمام مقر الإدارة العامة بعين البرجة، تعاطت معه الإدارة وشريكها الاجتماعي بعقد جلسة أخرى للحوار بتاريخ 19 غشت الماضي، قامت بعدها الإدارة بتوظيف تسعة منهم تتوفر فيهم الكفاءة واستدعاء 31 آخرين للمشاركة في مباراة التوظيف، حضر منهم 27 شخصا ونجح منهم 19 مكونا، هم بصدد الالتحاق بعملهم مباشرة بعد انتهاء الترتيبات الإدارية، فيما اختار ستة آخرين الاستمرار في الاعتصام أمام مبنى الإدارة، مساهمين، حسب رسالة موجة إلى والي الجهة، في عرقلة السير العادي للعمل واقتحامات متتالية لمرفق الإدارة والسب والقذف في شخص المدير، وصلت حد محاولة الاعتداء عليه، ما استدعى تدخل السلطات القضائية للنظر في الموضوع. يوسف الساكت

متعاقدو التكوين المهني…الحكمة والتهييج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حطب التدفئة يقض مضجع سكان المناطق الجبلية

موريتانيا... ربيع ديمقراطي أم تقاسم للمناصب؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات