الشنتوف: إجراءات المفتشية العامة غير قانونية

الشنتوف رئيس نادي قضاة المغرب قال إنها لاتتوفر على قانون يحدد اختصاصاتها بعد أن أثيرت نقاشات كبرى على ضوء المبادرة التي أطلقها نادي قضاة المغرب بشأن ترشيد الأحكام، حاولت "الصباح" كشف النقاب عن المبادرة من خلال الحوار الذي أجرته مع عبد اللطيف الشنتوف، رئس نادي قضاة المغرب، الذي اعتبر أن هناك مغالطات كبرى، كما عرج في الحوار ذاته على أهم الإشكالات التي تعترض السلطة القضائية ومؤسسة النيابة العامة، والمفتشية العامة والمعهد العالي للقضاء. وفي ما يلي نص الحوار: < بعد تنصيب مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية واستقلالها التام عن وزارة العدل، هل أنتم راضون عن أداء هاته المؤسسة ؟ < يمكننا الجواب هنا من شقين، الشق الأول هو العام، ويجب القول إن الوقت مبكر لتقييم عمل المؤسسة بشكل موضوعي، خاصة إذا علمنا أنها ولدت في ظروف صعبة من حيث انعدام مقر ملائم لها وكاف لعملها ولاشتغال الأعضاء بشكل مريح ولاستيعاب موظفيها، كما أنه لم يتم لحد الآن خروج الهيكلة الإدارية المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس إلى حيز الوجود، وكذلك النظام الأساسي لموظفي المجلس، فضلا عن الميزانية التي لم تقرر للمجلس إلا هذه السنة ( 2018)، وهنا نشير إلى أنه إلى الآن حتى الوضعية المادية للأعضاء لم تسو بعد، حسب علمي. إذن كل هذه المعيقات المادية لا بد وأن يكون لها تأثير على عمل المجلس بشكل مباشر. وأما الشق الثاني من الجواب فإنه نتيجة لهذه العوامل، فإن طريقة اشتغلال مؤسسة المجلس، ككل سواء باعتبارها إدارة أو أعضاء، وفي حدود الوقت الزمني الضيق (حوالي ثمانية أشهر من العمل )، كنا ننتظر باعتبارنا جمعية أن تكون أكثر من هذه الحصيلة، وقد عبرنا عن هذه الموقف في بيان أصدره المجلس الوطني للنادي بتاريخ 13 أكتوبر الماضي، وهذا كذلك موقف العديد من القضاة من خلال تواصلنا معهم بشكل مباشر، ولعل السبب في هذا ربما يعود إلى أن آمالنا كانت كبيرة أكبر من إمكانات المجلس الحالية، بحيث كنا ننتظر نقلة نوعية كبيرة مع المؤسسة الجديدة في طريقة تدبير الوضعية الإدارية والمهنية للقضاة. < ما هي أهم ملاحظاتكم على عمل المؤسسة تحديدا ؟ < ملاحظاتنا، سبق أن تضمنها بيان المجلس الوطني السابقة الإشارة إليه، وفي انتظار صدور باقي نتائج أشغال المجلس، فإننا نعيد التذكير بهذه الملاحظات، غياب الجانب التواصلي معنا كجمعيات مهنية ومع الرأي العام، وكذا المقاربة التشاركية التي اعتمدها المجلس في إعداد النظام الداخلي، اتسمت بعدم إشراك الجمعيات بشكل نهائي، رغم أننا قدمنا مذكرة مفصلة، لكن لم تتم مناقشتنا فيها ولا استدعاؤنا لإعطاء تصورات في الموضوع، والأمر نفسه ينطبق على مدونة السلوك، إذ تم إرسال كتاب لنا يحدد لنا أجل 15 يوما للإدلاء بتصورنا في موضوع هام كمدونة الأخلاقيات، مع أن القانون التنظيمي هو الذي فرض على المجلس إشراك الجمعيات المهنية في إعداد هذه المدونة، كما أن المجلس إلى حد الآن لم يعط أية إشارة لمعالجة وضعية القضاة ضحايا التقييم وتم التعامل مع هذه الحالات بالمنطق نفسه الذي تعامل به وزير العدل السابق والمجلس الأعلى للقضاء السابق، رغم علم الأعضاء بأن العديد من هذه الحالات مظلومة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتقييم جماعي للقضاة كما حصل في الناظور وبركان والخميسات وتارودانت وغيرهم من قبل مسؤولين قضائيين بعضهم أعفي من المسؤولية القضائية، وطلبنا يتمثل فقط في فتح أبحاث في هذه الملفات وإنصافها لا شيء آخر، ثم كذلك عدم اتخاذ تدابير لجعل عمل المجلس يتسم بالشفافية، مثل نشر لوائح المرشحين لمناصب المسؤولية ومؤهلاتهم ولاحقا نشر من اجتاز المقابلة منهم وما راج فيها حتى يكون القضاة وعموم الرأي العام على اطلاع بمن يتولى مسؤولية المرفق العام، بل لم لا التفكير حتى في نشر فيديوهات المقابلات معهم دون تصرف، كما يجري به العمل في التجربة الاسبانية القريبة منا والتي اطلع عليها بعض أعضاء المجلس في زيارة خاصة للمجلس العام للسلطة القضائية بإسبانيا منذ شهور. < هل نفهم من كلامكم أن الوضع السابق كان أفضل للقضاة ؟ < لا أبدا، الوضع السابق لم يكن أفضل حتى لو اضطررنا للتأسف أحيانا، لأن إصلاح الوضع يبدأ أولا باستقلال المؤسسة والمطالبة ثانيا بتجويدها، أما سيرها فهي مسألة يمكن تداركها مع الوقت ونأمل فقط أن تكون هذه معيقات البداية المرتبطة بانعدام الإمكانيات المادية وكثرة الأولويات. قانون المفتشية العامة < كيف ترون وضعية المفتشية العامة للشؤون القضائية ؟ < هذه المؤسسة الهامة للمرفق القضائي تعيش وضعا خاصا حاليا، إذ تم تعيين مفتش عام دون أن تتوفر المؤسسة على القانون الذي يحدد اختصاصها ومجال عملها، كما يحيل إلى ذلك القانون التنظيمي للمجلس، أو حتى على مقر خاص بها، إذ ما زالت تشتغل داخل بناية وزارة العدل، وبالتالي فإننا نعتقد أن جميع الإجراءات التي يمكن أن يقوم بها المفتش العام، وهو رجل قانون ويعرف هذا أكثر مني، تبقى خارج الإطار القانوني لوضوح نص المادة 53 من القانون التنظيمي للمجلس التي تنص بوضوح على ما يلي : « يتوفر المجلس على مفتشية عامة للشؤون القضائية يحدد القانون تأليفها واختصاصاتها وقواعد تنظيمها وحقوق وواجبات أعضائها...»، وبالتالي يبقى الحل هو إسراع المؤسسة التشريعية في إخراج قانون المفتشية العامة إلى حيز الوجود عن طريق القيام بخطوات تشاركية مع المجلس والمسؤولين والجمعيات المهنية للقضاة، ويجب على القانون المنتظر أن يقطع مع فكرة التفتيش بمعناه السلبي، بمعنى جهاز تخويفي و تأديبي آخر، فهذا الأمر لن يفيد عدالتنا في شيء. المفتشية في نظرنا يجب أن تلعب دورين. الأول يتمثل في الدور التأطيري التصحيحي، إذ يجب أن تكون مراقبا معقولا ومحايدا توصل المعلومة المتعلقة بمشاكل المرفق المادية والقانونية إلى الجهات المختصة، كما يجب أن تقوم أيضا في إطار دورها التقليدي بملاحظة الخروقات وترتيب الآثار القانونية عنها، وهذا لن يكون إلا بأمرين اثنين، أولا وجود عنصر بشري كفؤ يتم اختياره بناء على معايير واضحة في القانون مع منحهم التحفيزات المادية اللازمة وثانيا الاشتغال بطريقة حديثة باستعمال الأدوات المعلوماتية التي تمكن من تتبع مشاكل كل المحاكم واقتراح حلول لها، ومنها على سبيل المثال منحها صلاحية تتبع عدالة توزيع الأشغال على القضاة داخل المحاكم وغيرها من القضايا التي ستساعد على حل المشاكل التي تعود بالنفع على المواطن. تواصل النيابة العامة مؤشر إيجابي < وماذا عن مؤسسة النيابة العامة ؟ < النيابة العامة باعتبارها مؤسسة، ربما مهامها بحكم أنها مرتبطة بتطبيق القانون وبالسياسة الجنائية والمشاكل المتربطة بهذا الموضوع، يصعب الحكم عليها في غضون أربعة أشهر وسنحكم عليها نحن وغيرنا لأنها تشتغل في مجال مفتوح من خلال عملها، ولكن هناك بعض المؤشرات المهمة التي يجب الاعتراف بها لهذه المؤسسة، وهي السياسة التواصلية لرئيس النيابة العامة، وهذه ليست مسألة شكلية فقط بل إن التواصل يجعل المسؤول ينصت ويلتزم أمام الرأي العام لأنه يعلم أنه سيسأل ومطالب بتقديم أجوبة وربما هذه آلية مهمة للعمل، وهذه السياسة امتدت حتى للتواصل مع العمل الجمعوي من خلال استقبال رئيس النيابة العامة لممثلي الجمعيات المهنية القضائية وغيرهم، وهو شيء لا ننكره ونتمنى من المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن يقوم بالدور نفسه أيضا، كما نتمنى النجاح لهذه المؤسسة وأن تشتغل بنفس حقوقي في علاقتها بالمواطنين وبأعضائها بالمحاكم، حتى تكون في مستوى استقلالها وفي مستوى التعيين الملكي للوكيل العام لمحكمة النقض رئيسا لها. هذه حقيقة ترشيد العمل القضائي < البعض لاحظ عليكم لمناسبة طرحكم لمبادرة ترشيد العمل القضائي أنكم تودون رمي الأعباء عنكم إلى غيركم؟ < شكرا لطرح هذا السؤال لأنه سيتيح لي فرصة التوضيح من جديد. أولا المبادرة اسمها «ترشيد العمل القضائي « ولاحظوا أنه ليس ترشيد عمل القضاة، ثانيا لو كلفوا أنفسهم قراءة الورقة المرفقة بالمبادرة والمنشورة والتي اعتمدت أرضية للندوة، لعلموا أننا نتحدث عن شيء مختلف ويعم خيره الجميع وأولهم المتقاضي. مضمون المبادرة باختصار لأن الموضوع فيه تفاصيل كثيرة، يتجلى في ضرورة الاعتراف بوجود أزمة في طريقة عملنا الحالي قانونا وواقعا، وهو ما اعترفت به جميع الكلمات الافتتاحية الرسمية في الندوة التي نظمناها خلال أواخر دجنبر الماضي، واقترحنا لتجاوز هذا الإشكال، ضرورة القيام بتحديث العمل عن طريق حذف التكرار في العمل وذلك بتوفر نظام معلوماتي يتيح تبادل المقالات والمذكرات وتقارير الخبرة ومحاضر الجلسات ومحاضر الضابطة القضائية وغيرها بشكل إلكتروني، ثم كذلك نفتح نقاشا حول فائدة وقائع الأحكام، هل من الضروري أن نتركها أو نزيل بعضها أو نعطيها لجهاز آخر مكون لهذا الغرض لأنها في نهاية المطاف ليست بإبداع، هي مجرد نقل ما قاله فلان وذكره علان، لا يصح أن يضيع وقت القاضي بكتابتها وأقصد الكتابة فقط وليس الاطلاع جيدا وكلها تجارب موجودة بدول كلنا نستشهد بنجاحها. < ألا يضر ذلك بجودة الأحكام؟ < دعينا نتكلم بشكل صريح حول الموضوع الذي أعتبره بسيطا جدا ولا يحتاج إلا لقرار ورغبة وهو غير مكلف حتى ماديا بل ستربح الدولة منه ماديا وبيئيا ونجاعة، الأمر له بعد آخر متربط حتى بشفافية الإجراءات، لأن الانخراط التام في النظام المعلوماتي يقتضي الشفافية التامة من بداية الدعوى، وكم تستغرق إلى الحكم فيها ومن المسؤول عن التأخير حقيقة، إلى مرحلة التنفيذ، وهذه الأخيرة لا يعلمها العديد من الناس الذين يحسبون أن عمل القضاء ينتهي بصدور الحكم، وفيها الكثير مما يقال مما له صلة بالتنفيذ وكيفيته ولمن يتم ومن المستفيد منه وما قيمة بيوعات التنفيذ وشفافيتها مثلا، ومساطر معالجة صعوبات المقاولة وفي أي ظروف تتم، هذه هي الأسئلة الحارقة التي تحجب عنا الصورة الأولى، والتي سنسلط الضوء عليها في قادم الأيام المقبلة. منذ زمن والمعهد العالي يعاني مؤسسة المعهد العالي للقضاء هي مؤسسة لها تاريخ مهم ويجب علينا جميعا ان نحافظ على هذا التاريخ وأن نسهم في تطويره، عن طريق تقديم الرؤى والتصورات. ومنذ سنوات وليس الآن - حتى لا نحمل الإدارة الحالية مسؤولية حقب زمنية لا علاقة لها بها – وهي تعاني عدة مشاكل مرتبطة أساسا بغياب إرادة التطوير والموارد المادية، ولا أدل على ما نقوله هو أنه منذ 2011 ونحن جمعية ننادي بضرورة قيام المعهد بواجباته في التكوين المستمر الحقيقي المبني على الحاجات الحقيقية لتكوين القضاة، سواء المستمر أو الأساسي، ولكن عوض الانفتاح على أفكارنا ومناقشتها، تم الالتفاف على قرارنا بمقاطعة التكوين المستمر إلى حين إيجاد الحلول المرتبطة باختيار المواضيع وتوفير ظروف التكوين، عن طريق القيام ببعض الأنشطة التي سميت بالتكوين المستمر، مع أن الأغلبية العظمى من القضاة تعلم حقيقة عدم أهمية هذه الدورات، لذلك أعتقد أن الوقت قد حان لإعادة النظر في قانون هذه المؤسسة، بما يضمن الاشراف عليها من المجلس الأعلى للسلطة القضائية مع ارتباطها بشراكات حقيقية مع عدة مؤسسات أخرى. لا يمكنني البقاء على رأس النادي هل علينا أن نتشبه بالسياسيين ونفتح نقاشا حول الولاية الجديدة أيضا، أولا دعيني أسجل أن النادي وعلى مدى ست سنوات من الاشتغال وكنت داخل القيادة كما تعرفين، قام بعمل كبير وحرك المياه الراكدة في شتى المجالات القضائية بشفافية ووضوح، ودون توفره على أي مواد وإمكانيات, بل حتى رئيس الجمعية الذي يتحرك شرقا وغربا وشمالا وجنوبا لا يستفيد من أي تفرغ مهني بل يعمل مثله مثل باقي زملائه بالمحكمة، فضلا عن معيقات كثيرة داخلية وخارجية ليس المجال لذكرها الآن. وأعتقد أنني قمت بواجبي التاريخي تجاه الجمعية وأكثر وأنا مرتاح برفقة زملائي وزميلاتي بالأجهزة وكافة المنخرطين، لكن لا يمكنني البقاء في المشهد القيادي أكثر من هذه المدة. يجب فسح المجال لقيادة جديدة وعليها مواصلة الخط نفسه وتطويره، وإلا فإن منخرطي النادي والمتشبعين بفكره لن يرضوا عن خط النادي المعلوم بديلا . أجرت الحوار: كريمة مصلي - تصوير (فدوى بناصر)

الشنتوف: إجراءات المفتشية العامة غير قانونية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كواليس القمة الخضراء

الشناوي ينتقد رئيس الحكومة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات