أثرياء الغفلة … الاتجار في البشر أيضا!

"حراكة" ووسيطات في شبكات التهجير تحولوا من فقراء إلى أثرياء لهم نفوذ على المسؤولين استغلوا الفرص والانضمام إلى شبكات الهجرة السرية وتهجير الفتيات، فغادروا عالم الفقر إلى جنة "الثراء"، في ظرف وجيز. فضل أغلبهم البقاء بالمغرب، واستثمار أرباحهم في مشاريع حولتهم إلى شخصيات نافذة. عانى سعيد (50 سنة) الفقر، فوالده مجرد "خماس" بضيعة ضواحي بني ملال، اضطر لمغادرة الدراسة واحتراف مهن وضيعة، قبل أن يقرر مرافقة أبناء الدوار في مغامرة محفوفة بالمخاطر للهجرة سرا إلى إيطاليا في التسعينات. كان الجميع يترقب لحظة ركوبهم القارب بخوف كبير، فأغلبهم يرى البحر لأول مرة، ولا يجيد السباحة. داخل منزل بمنطقة خالية، يشرف عليه أفراد مافيا الهجرة السرية، نجح سعيد بسبب قفشاته وبداوته في نسج علاقة بأعضائها، وبدل أن يهاجر مع رفاقه، فضل العودة، إلى دواره، ليس خوفا، وإنما لاستقطاب عدد من الراغبين من منطقة بني ملال في الهجرة السرية، إذ كسب ثقة أعضاء المافيا، وقبلوا به وسيطا لهم. شاءت الصدف أن يفارق نصف رفاق سعيد الحياة قرب سواحل اسبانيا، بعد أن تكسر قاربهم الخشبي في تلك الرحلة، واعتبر احترافه الوساطة في "الحريك" ولادته الثانية وأقسم ألا يغادر إلى إيطاليا إلا جوا. نجح سعيد في استقطاب العشرات بل المئات من أبناء المنطقة للهجرة السرية، مقابل ثلاثة ملايين للفرد الواحد، بل صار اسمه "مطلوبا" بعد أن شاءت الصدف أن ينجح كل من توسط لهم في الوصول إلى إيطاليا، فحقق ثروة خيالية، بعد أن كان نصيبه من العملية مليونا عن كل مهاجر. كل أسبوع يغادر بني ملال رفقة 40 شخصا أو أكثر صوب مدينة بالشمال، عبر عدة رحلات لتفادي افتضاح أمرهم.بعد إيصالهم إلى المكان المتفق عليه مع مافيا الهجرة، يستلم نصيبه من العملية، والذي يصل إلى 40 مليونا أسبوعيا، ويعود إلى بني ملال بحثا عن ضحايا جدد، إلى أن اعتقل من قبل الشرطة. سرعان ما عاد سعيد لمزاولة نشاطه لكن هذه المرة عبر مساعدين، وبعدها تحول إلى رجل أعمال مهم، اقتنى عقارات عديدة وضيعات بضواحي بني ملال وتحول إلى منعش عقاري بعدة مدن مغربية، كما صار له نفوذ كبير لدى العديد من المسؤولين، إذ صارت طلباته تنفذ ووساطته مستجابة في الحال. ليس سعيد المحظوظ الوحيد الذي تحول في رمشة عين من فقير إلى مليونير لاحترافه الهجرة السرية، بل أيضا أحمد، إلا أن الفرق بينهما أن الأخير ابتكر طريقة ذكية و"أنيقة" لتهجير الشباب إلى أوربا، عبر التحايل على القانون، إذ بعد معاناته البطالة بعد تخرجه من كلية العلوم، أسس مجلة شهرية باللغة الفرنسية، بمساهمة بعض المقربين منه.، عين نفسه مديرا للنشر وصديقا للدراسة رئيسا للتحرير. لكل مناسبة، يحضر أحمد 10 أشخاص راغبين في الهجرة إلى المجلة، ويوهم الجميع أنهم صحافيون، وبعدها يتقدم بطلبات إلى سفارات دول أوربية لمنحهم التأشيرة لإنجاز تحقيقات في بلدانهم. كان على كل مرشح تسديد أزيد من سبعة ملايين مقابل هذه العملية، والتي استمرت فترة طويلة، قبل أن تتنبه سفارة دولة أوربية، إلى أن بعض صحافيي المجلة لم يعودوا إلى وطنهم، ليفتح تحقيق في النازلة انتهى باعتقال أحمد وعدد من العاملين في المجلة، في حين نجح رئيس تحريرها في "الحريك" على متن قارب للموت إلى اسبانيا لتفادي الاعتقال. غادر أحمد السجن، واستثمر الأموال التي جناها من الهجرة غير الشرعية في مشاريع عديدة، بدأها باقتناء مقهى بالرباط، ومقاه أخرى بالبيضاء، ليتحول إلى رجل أعمال يملك عدة شركات. إلى جانب الهجرة السرية، تحولت "نعيمة" ابنة حي صفيحي شهير بالبيضاء إلى ثرية، إذ تحترف بيع وشراء العقارات الفخمة بالبيضاء والرباط. كانت لحظة التحول في حياتها، ليلة ساهرة مع خليجي، وجد نفسه متيما بها، استغلت الفرصة وتزوجت به لتستقر في بلده. طموح نعيمة لم يتوقف عند هذا الحد، بل كونت شبكة لتهجير الفتيات من المغرب إلى الخليج، بتنسيق مع أفراد عائلتها، إذ حققت أرباحا مالية كبيرة، حولتها إلى عقارات بأحياء راقية بالبيضاء، قبل أن تتخلى عن التهجير وتنصب نفسها مستثمرة في العقار تحقق أرباحا بمئات الملايين سنويا. مصطفى لطفي

أثرياء الغفلة … الاتجار في البشر أيضا!

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

أثرياء الغفلة ... الوافدون الجدد على نادي المليونيرات

مقالات ذات صلة