أثرياء الغفلة … الوافدون الجدد على نادي المليونيرات

جيل جديد من النخب الثرية لم يأخذ من صفات البورجوازية المقاولة إلا الحسابات البنكية خرج الوافدون الجدد على نادي المليونيرات بالمغرب، عن مسار تشكل النخب الاقتصادية منذ الحماية إلى بداية تسعينات القرن الماضي، وظهرت طرق سيارة نحو الثروة في ظل تحولات جذرية عرفتها بنية الاقتصاد في العشرين سنة الأخيرة، كان من مميزاتها تبني توجه اقتصادي يقوم على نهج إستراتيجيات قطاعية ودعم المنافسة الحرة إلى تحفيز مبادرات التشغيل الذاتي والاستثمار في البنيات التحتية. ومباشرة بعد الحملة التطهيرية التي أشعل فتيلها وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري، برز جيل جديد من الباحثين عن الثروة لا يأخذون من صفات المقاولين إلا التسمية مستغلين يتبني الدولة نهجا يواكب الخطى المتسارعة لقطار العولمة ويوظف الخيارات الإستراتيجية الكبرى للدولة. لكن الطفرة المقاولاتية لم تقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني بقدر ما ساعدت على صناعة جماعة من الأثرياء ليس فيهم من البورجوازية إلا الحسابات البنكية الكبيرة، ما وضع فئة رجال الأعمال المغاربة خارج سباق الحكامة والنجاعة المالية، كما هو الحال في دول جنوب شرق آسيا وذلك بالنظر إلى مجموعة من الخصائص المميزة لمقاولات القطاعين الإنتاجيين المهيكل وغير المهيكل، سيما متوسط عدد الأجراء وأعمارهم وجنسهم إلى جانب التخصصات القطاعية والتوزيع الجغرافي لهذه المقاولات. وأظهرت دراسة ميدانية أنجزها إدريس الكراوي ونور الدين أفاية، وضمناها كتابهما الصادر بعنوان «النخبة الاقتصادية المغربية .. دراسة حول الجيل الجديد من المقاولين»، الذي يعد محاولة منهجية لاستيعاب أصول ومكونات النخبة الاقتصادية المغربية عموما والنخبة الحديثة بصفة خاصة، في علاقتها برهانات الإصلاح الذي يعرفه المغرب المعاصر، أنه رغم توفر مقاولي الجيل الجديد على مستوى تعليمي مرتفع نسبيا، فإنهم لا يولون للثقافة سوى اعتبار ضئيل في مقاولاتهم. ولم تكن قنوات الاغتناء الجديد شرعية تساهم في تقوية الاقتصاد الوطني، إذ أن الشق غير المهيكل ظل المصدر الأول لآفة غسيل الأموال التي باتت تتغذى من أنشطة الاتجار في المخدرات والتهريب. وأنه رغم الجهود التي تبذلها الدولة لمكافحة الظاهرة، وتشجيع الولوج إلى القطاع المهيكل، إلا أن مساهمة هذا النشاط في الناتج الداخلي الخام تظل مرتفعة، حددتها دراسة حكومية قبل أربع سنوات في 42 مليار دولار. ورغم التدابير والإجراءات التي واصل بنك المغرب نهجها من أجل مكافحة كل الأنشطة غير القانونية، ومتابعة مصادر وحركات الأموال، بالتنسيق مع المؤسسات البنكية، يظل حجم الأموال التي يتم تبييضها في العديد من القطاعات والمجالات كبيرا، إذ ما زال ممكنا إيداع أموال ضخمة دون إعلان مصدرها لدى المؤسسات البنكية. وأفاد التقرير الأخير للخارجية الأمريكية أن من بين الطرق المعتمدة في هذه الأنشطة غير القانونية، هناك الصفقات المباشرة المعتمدة على النقد، وارتفاع حجم التحويلات المالية، وزيادة نشاط شبكات التهريب المختلفة، والتي ترفع من تحديات المغرب في مكافحة الجرائم المالية. أعمال في الظل رغم الترسانة القانونية والمؤسساتية التي وضعها المغرب لتعزيز نظامه المالي ومكافحة الجريمة المالية، خاصة قانون 114-13، الذي منح امتيازات للعاملين في القطاع غير المهيكل، أفرادا ومقاولات، من أجل تشجيعهم على الانتقال إلى النشاط المهيكل والقانوني، من خلال تحفيزات ضريبية، ومواكبة للاستفادة من شروط التمويل، في إطار العمل المهيكل، فإن معدل الانتقال إلى الشرعية ما يزال ضعيفا إذ لم يتجاوز عدد الداخلين إلى الاقتصاد المهيكل بضعة آلاف في السنة. لقد انتهج الأثرياء الجدد كل سبل الثراء السريع، بدون مراعاة لأي حاجز من الحواجز، أو قانون من القوانين المنظمة لتنمية الثروات أو الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل، إلى حد أصبحت تحوم حول الكثير منهم شبهات الاغتناء غير المشروع، خاصة أولئك الذين جمعوا ثروات ضخمة في أزمنة قياسية وبدون معرفة مصدرها. وتتعدد مؤشرات الربط بين تلك الثروات و شبكات المافيا، خاصة تجارة المخدرات والتهريب والدعارة وتبييض الأموال، وغيرها من الأنشطة الأخرى التي تتم في الظلام، وتحوم حولها الكثير من الشكوك، بأنها وراء تنمية الثروات غير المشروعة، والتي ساعدت على إبراز جزء من هؤلاء الأثرياء الجدد، الذين عرفوا كيف يتسلقون سلم الثراء في مجتمع يعاني تبعات تخلف مركب، ويئن تحت نير أزمة اقتصادية تتفاقم باستمرار. ياسين قُطيب

أثرياء الغفلة … الوافدون الجدد على نادي المليونيرات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أثرياء الغفلة ... الاتجار في البشر أيضا!

ملف: أثرياء الغفلة ... تجار الأزمة

مقالات ذات صلة