تجار تنصلوا من كل رادع لتسويق ألبسة وأغذية مزيفة وإفلاس شركات وتسريح عمالها
لا رادع لمغاربة عن الغش والتقليد والتزييف في المنتوجات، فالربح أولا قبل مصلحة الزبون، في تحلل تام من القيم والأخلاق، التي تمتح في شقها التجاري من مجموعة من الضوابط الدينية الإسلامية، المحرمة لهذا النوع من الممارسات من باب إحداث الضرر بالغير، وتصل إلى غاية النفي من العقيدة، وفقا للحديث النبوي الشريف “من غشنا فليس منا”. لكن الأهم هو هذا التحول في السلوك المجتمعي، بتبني الأنانية وتغليب المصلحة الشخصية على العامة.
وبهذا الخصوص، تظهر خلاصات دراسة أنجزها المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، حول تداعيات تنامي رواج المنتوجات المقلدة في الأسواق، حرمان خزينة الدولة من موارد ضريبة تتراوح قيمتها بين 20 مليار سنتيم و40 مليارا سنويا، إلى جانب التأثير السلبي للظاهرة على تنافسية المقاولات وتهديدها للاستثمارات، وكذا استقرار سوق الشغل، يتعلق الأمر بتأثير سلبي على مصير آلاف الأسر، عند تصنيع منتوج مقلد أو المتاجرة فيه.
“كل شخص قام بتقليد علامة معينة للألبسة الجاهزة مثلا، فإنه يعرض آلاف الأسر، التي يعمل معيلوها في مصنع هذه العلامة للتشريد”، يؤكد محمد مرتقي، مدير مكتب للاستشارات القانونية والأعمال بالبيضاء، موضحا بالقول إنه “عند تقليد العلامة التجارية تضعف تنافسيتها في السوق، بسبب تسويق منتوج آخر يشبهها بسعر أقل، وبالتالي يؤثر على القدرات المالية للمقاولة المصنعة، التي تضطر في النهاية إلى إغلاق أبوابها وتسريح عمالها”.
وأوضح مرتقي، أن مكتبه كثيرا ما يتلقى ملفات طلبات استشارات قانونية من مستثمرين أجانب، يعتزمون الاستثمار في وحدات صناعية بالمغرب، تحديدا في قطاعي النسيج والألبسة والصناعات الغذائية، إذ يتوجسون خوفا من ظاهرة تقليد منتوجهم، ويودون دراسة الأرضية التجارية التي سيدخلون غمار المنافسة فيها، ذلك أن تزييف منتوجاتهم سيكبدهم خسائر مالية مهمة.
وبعيدا عن المنسوجات وعلاماتها المعروفة، قريبا من مواد غذائية مقلدة تشكل خطرا على صحة المستهلكين، لا يتورع تجارها في تسويقها للعموم دون رادع أو مانع أخلاقي، إذ يظل هدفهم الأول تحقيق الربح المادي. وفي هذا الشأن، رصدت معطيات جديدة لجمعية “تجارة 2020″، التي تضم أكبر عدد من المتدخلين في مجال توزيع المنتوجات الاستهلاكية، استحواذ هذا النوع من المواد على 10 % من إجمالي عرض السوق، يتعلق الأمر بأطنان من الحليب والزيوت والخمور، وكذا الشاي والقهوة، نبهت الجمعية إلى وجود “مافيا” متخصصة في تقليدها وتسويقها بنقط بيع مختلفة، متمركزة في مخازن وورشات صغيرة.
ويتحدث مصدر صحي، عن تنصل تجار المواد الغذائية المقلدة من كل وازع أخلاقي، عند ترويج منتوجاتهم للمستهلكين، وتعريض حياتهم للخطر، موضحا أن حملات المراقبة المنجزة من قبل مراقبي المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية “أونسا”، رصدت تنامي ترويج المنتوجات الغذائية منتهية الصلاحية والفاسدة أيضا، خصوصا في البوادي والمدن الصغيرة، في صورة أكثر حدة من صور الغش، إذ يعاد تغليفها وتغيير عنونتها، لتحمل تواريخ صلاحية جديدة، ثم تسوق إلى المستهلك على أنها سليمة لا تشوبها شائبة.
رواج بـ12 مليارا
أصبحت المنتوجات الغذائية ومستحضرات التجميل مجال تركز ظاهرة التقليد، التي تمثل بين 0.7 % و1.3 من الناتج الداخلي الخام، وفق دراسة أنجزت من قبل اللجنة الوطنية للملكية الصناعية ومحاربة التزييف، أي بين ستة ملايير درهم و12 مليارا، فيما تتكبد الدولة خسائر ضريبية بالملايير سنويا، وفقدان 30 ألف منصب شغل.
بدر الدين عتيقي