شكري: انتحال الصفة سببه عدم اتزان نفسي

الباحث في علم الاجتماع قال إن انتحال الصفة تعويض للأنا في شعوره بالنقص أكد الدكتور عبد الجبار شكري (باحث في علم الاجتماع والنفس) أنه عندما يصل انتحال الصفة الاستهامي عند الشخص لرجل الأمن، إلى حالة من الشذوذ وعدم الاتزان، يتحول إلى سلوك إجرامي متمثل في انتحال الصفة الواقعي فينتحل المنتحل شخصية رجل الأمن من أجل أن يمارس النصب والاحتيال على المواطنين... ما لمقصود بانتحال صفة وماهي أنواعه؟انتحال صفة هو تقمص الشخص شخصية آخر، و أميز في حالة انتحال الصفة بين نوعين، الأول أسميه انتحال الصفة الاستهامي. والثاني هو انتحال الصفة الواقعي. بالنسبة للنوع الأول فلا يمكن تجريمه، أما النوع الثاني فيدخل في باب الجريمة وهي جريمة النصب والاحتيال، ومع ذلك فإن انتحال الصفة الاستهامي إذا وصل إلى درجة مرضية فهو يؤدي إلى انتحال الصفة الواقعي الإجرامي.هل يمكن أن يوجد انتحال الصفة الاستهامي لرجل السلطة بما فيه رجل الأمن؟نعم يوجد انتحال الصفة الاستهامي لرجل الأمن، وهو التقمص الاستهامي لنموذج معين من الشخصية يملك سلطة على المواطنين، باعتبارها تشكل عند المنتحل النموذج المثالي في رغباته وتطلعاته، وهذا التقمص الاستهامي لرجل الأمن من جهة فهو يشمل منظومة التفكير المعرفية أو الفنية أوالإيديولوجية أو القيمية الأخلاقية أو الدينية المذهبية لرجل الأمن . ومن جهة ثانية فهو يشمل تقمص الأنماط السلوكية ، وردود الأفعال، وطريقة الاستجابات للمثيرات الخارجية لرجل الأمن ، كما يشمل هذا التقمص أيضا المزاج والذوق لرجل الأمن.كيف يشكل رجل الأمن النموذج كموضوع لانتحال الصفة الاستهامي؟انتحال الصفة الاستهامي في بعده السيكولوجي النرجسي ، يتجه فيه المنتحل إلى رجل الأمن النموذج كوجود قائم بذاته يفصله المنتحل المستهيم عن العالم الخارجي وعن كل ما يحيط به، ويجعل منه أنطولوجيا غارقة في صفات مقدسة وكأنها متعالية عن خصائص الوجود الإنساني وعن خصائص العالم الخارجي في كل أشكاله وأنواعه وبنياته، إلى درجة أن هذه الانطولوجيا المقدسة المتعالية للشخص النموذج، والتي تشكل موضوع انتحال الصفة الاستهامي يصل بها المنتحل المستهيم إلى قمة الأنطولوجيات الأسطورية المقدسة، يتماهى معها أنطولوجيا على المستوى النفسي والاجتماعي، وكنموذج على ذلك إلى جانب انتحال صفة رجل الأمن هناك أيضا الانتحال الاستهامي للمريد في الطريقة الصوفية لشيخه، أو الانتحال الاستهامي للمناضل السياسي أو النقابي للزعيم السياسي والنقابي في الحزب أو النقابة، أو الانتحال الاستهامي للإسلامي لأميره في الجماعة الإسلامية الأصولية، أو الانتحال الاستهامي للمرؤوس لرئيسه أو المجرم لرئيس عصابته، إلى غير ذلك من الانتحالات والتماهيات الاستهامية في كل أشكال الوجود المتنوعة الإنسانية والشيئية والاعتقادية .ماهي أسباب انتحال صفة رجل الأمن؟أولا من وجهة نظر التحليل النفسي أن الجهاز النفسي للشخص يتكون من ثلاثة أنساق، نسق اللاشعور ونسق الأنا ونسق الأنا الأعلى، وفي تفسيري أنه من أسباب وجود انتحال الصفة الاستهامي هو أنه يرجع إلى أحد النسقين السيكولوجيين اللاشعور أو الأنا الأعلى. ففي حالة أن انتحال الصفة الاستهامي يرجع إلى نسق اللاشعور، فان رجل الأمن كموضوع للانتحال الصفة الإستهامي يشكل موضوع رغبات ليبيدية مكبوتة تدفع الأنا إلى التقمص اللاشعوري لرجل الأمن والتماهي معه. أما في حالة أن هذا الانتحال الاستهامي، لرجل الأمن، يرجع إلى نسق الأنا الأعلى فالأمر جد مختلف تماما، ففي هذه الحالة ، يدخل هذا الشخص النموذج ضمن عناصر النموذج المثال، للأنا الأعلى والذي يشكل معيارا من المعايير الواعية لمراقبة سلوك الأنا في علاقته بالواقع وفي علاقته باللاشعور، مما يؤدي بالأنا إلى استحضاره في عمق كينونته الواعية، لكن في كلا المرجعيتين النسقيتين، فان الأنا يمارس انتحال الصفة الاستهامي لرجل الأمن، كتعويض نفسي برجماتي في تصريف التوتر المزعج له ، وكتعويض سيكولوجي أيضا لضعفه أمام إكراهات الواقع بمختلف آلياته القمعية في تحقيق الرغبات اللبيدية المكبوتة في اللاشعور أو في المقابل كتعويض للأنا في شعوره بالنقص بسبب سلوكاته المنحرفة عن النموذج المثال في الأنا الأعلى .ثانيا يشكل المخزن الذي يمثله رجل الأمن رمزا للسلطة والجبروت في المخيال الذات الجماعية المغربية، إن انتحال الصفة الاستهامي للمخزن في أي شكل من أشكاله، يتجه في بعده النرجسي الاجتماعي نحو السلطة باعتبارها النموذج المطلق القوي الفارض لوجوده في سيرورته التاريخية، والصامد أمام تقلبات الزمن والظروف فالسلطة نموذج يوجد خارج منطق الزمن والمكان متعالي عنهما، كما أنه نموذج لا يخضع لمنطق الانهزامية والاستسلام والمساومة فهو متعال عليها جميعها . فالذات الجماعية لا تعي ذاتها ولا تعي أنطولوجيتها المعيشية في كل أبعادها النفسية والاجتماعية، إلا في الاستغراق الكلي في هذه الانطولوجيا للذات الجماعية في انتحالها الاستيهامي لسلطة المخزن نموذجه هو رجل الأمن، فلا يمكن لهذه الذات الجماعية أن تتصور أن لها وجودا، إلا داخل هده الانطولوجيا التاريخية للذات الجماعية الاستيهامية، مما يدفع بعض الأشخاص في الذات الجماعية إلى انتحال استهامية الذات الجماعية للمخزن، ففيها يتقوى أناه النرجسي النفسي والاجتماعي وبها يواجه ويحارب كل من يعادي هذه الانطولوجيا التاريخانية للذات الجماعية الاستيهامية، وكنموذج على ذلك تماهي الإنسان المغربي مع سلطة المخزن في الأسرة والعمل والحي وفي أي مجال يخترقه.وهذه الانتحالات والتماهيات الاستيهامية للمنتحل، مع الانطولوجيا للذات الجماعية، تشمل الوجود التاريخي للمخزن في كل أشكال تمظهراته، ينغلق على هذه الأنطولوجيا الجماعية ويفصلها المنتحل الاستهامي، في سيرورتها الزمنية ، عن كل أشكال الوجود الأخرى لذوات جماعية أخرى، إن هذا الانغلاق الأنطولوجي، الذي يمارسه كل منتحل استيهامي داخل الجماعة هو الذي حافظ على استمرار هذا الانتحال الاستهامي لسلطة المخزن المتمثلة في رجل الأمن في كل أشكال و أنواع وجودها .ومن ثم فإن أي شخص لايمكن أن يعيش أنطولوجية معيشية نفسية واجتماعية منفردة ومنغلقة على نفسها ومنفصلة عن أنطولوجية المعيش اليومي للذات الجماعية . ففي لحظة الانعزال المطلق للشخص في أنطولوجيته النفسية والاجتماعية ، تحضر في وعيه أنطولوجية الذات الجماعية، من خلال التفكير القصدي الموجه إلى جزء أو عنصر أو مظهر من هذه الأنطولوجيا. فعلى حد تعبير جان بول سارتر إن الجحيم هو الآخر. إن الوعي الشقي للذات في سيرورته المتواصلة من خلال الآخر يخلق في الذات استراتيجية التجاوز والتعالي وتغييب الوعي الشقي، وذلك من خلال اندماج الذات في الجماعة بشكل إيجابي، ولكن ايجابية هذا الاندماج لا تتم إلا بالانتحال الاستهامي للذات الجماعية في انتحالها الصفة الاستهامي لسلطة المخزن في شكل رجل الأمن. فرغم وجود العدم الانفصالي القائم بين الشخص والذات الجماعية على مستوى المعيش اليومي يضطر الأنا لحماية نفسه من جحيم الذات الجماعية إلى أن يدخل معها في عشق استهامي. إن في العشق الاستهامي للذات الجماعية ، إبادة للوعي الشقي، الذي يؤسسه الخوف والرعب الذي ينتج عن علاقة العداء بين الأنا والذات الجماعية . إن العشق الاستهامي للذات الجماعية هو تعويض لعدوانيتها وفي ذلك يضمن المنتحل اندماجه في الجماعة وتوافقه معها ويعمل على تقويض العداء الواقعي الذي قد يؤسسه سوء التفاهم والاصطدام في سيرورة المعيش اليومي بسبب انزلاق الأنا و انغلاقه ، في التمركز على نرجسيته ، ونتيجة لخوف الأنا اللاشعوري من الانزلاق في التمركز النرجسي ، لا يجد أمامه إلا ممارسة الانتحال الاستهامي للذات الجماعية . وكمثال على ذلك نجد بعض تطلعاتها توجه أبناءها بالقول « بغيتو يخرج بوليسي أو جردامي أوكوميسير».في إطار حديثكم عن انتحال الصفة الاستهامي لرجل الأمن فما علاقته بانتحال الصفة الواقعي لرجل الأمن ؟عندما يصل انتحال الصفة الاستهامي عند الشخص لرجل الأمن، إلى حالة من الشذوذ وعدم الاتزان، ففي هذه الحالة يتحول إلى سلوك إجرامي متمثل في انتحال الصفة الواقعي فينتحل المنتحل شخصية رجل الأمن من أجل أن يمارس النصب والاحتيال على المواطنين ، كأن ينتحل شخصية عميد الشرطة ، أو شخصية شرطي، تكون ذات قوة إيحاية في التأثير على فئة معينة من المواطنين بسبب حاجياتهم المفرطة، فيما يشكل موضوع النصب عليهم، وهكذا يتمكن المنتحل من ممارسة النصب والاحتيال عليهم، وأحيانا قد لا ينجح في ذلك إلا بتواطؤ البعض من رجال السلطة معه . أجرى الحوار: الصديق بوكزول

شكري: انتحال الصفة سببه عدم اتزان نفسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تنامي حالات انتحال صفة رجال ونساء الأمن

زوجة إطار أمني تنصب باسم العمل الخيري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات