عـكـاشـة يـودع زمـن القـفـة

الإدارة تراهن على المنع للقضاء على تجارة المخدرات داخل السجن وسط جو مشحون ودع سجن عكاشة قفة المؤونة، فلم يعد بإمكان الأهالي حمل الأغذية والأفرشة والتبغ لذويهم. قرار المنع نابع من رغبة السلطات القطع مع تسريب الممنوعات؛ التي تتفنن الأسر في طرق نقلها إلى داخل أسوار السجن، والقضاء التام على تجارة المخدرات. أمام السجن المحلي عين السبع يقف عشرات الزوار يحملون مواد متنوعة، من أغذية وأفرشة وفواكه وعلب التبغ، إلا أنهم فوجئوا بقرار المنع. أغلبهم نساء متقدمات في السن، فرغم أن سجن عكاشة هو آخر محطة طالها منع القفة، إلا أن القرار نزل على بعض الزائرين كالصاعقة، ولم تستسغه بعض الأسر. منع القفة سيضع حدا لمسلسل من المعاناة تعيش على وقعها آلاف الأسر طيلة مدة عقوبة السجين، فبالإضافة إلى نفقتها المالية المرتفعة، يتوجب على أغلب الأسر ارتياد السجن على رأس كل أسبوع، والدخول في دوامة من التفتيش الصارم للأطعمة والأشخاص، بغرض منع تسريب المخدرات والهواتف المحمولة والمواد الحادة إلى داخل الزنازين. نهاية المعاناة إيمان زائرة استحسنت هذا القرار، تقول"كنجيو متقلين من الأحسن يشريو من الداخل"، على عكس فاطمة، التي تقف تائهة أمام مدخل السجن، وهي تحمل أكياسا كبيرة مليئة بمواد مختلفة، تقول "جئت من بنسليمان وكلفتني هذه القفة 1000 درهم"، تردف قائلة "ماذا أصنع بها الآن وقد منعوني من إدخالها". لم يكن لفاطمة وأمها العجوز علم بقرار المنع، فقد جلبت لأخيها السجين كيلوغرامات من الموز وعشرات علب السجائر، إضافة إلى البيض ومواد التنظيف. تضيف المتحدثة "غير الكارو خلصت فية 200 درهم أش غاندير بيه دبا". تقف امرأة عجوز قبالة باب سجن عكاشة، وقد انتابها التردد في الدخول. تقول لـ الصباح "كل ما أملكه من مال اقتنيت به هذه القفة"، تضيف "عندي غير فلوس المركوب"، قرار المنع وضعها أمام خيارين لا تحسد عليهما، فإما أن تدخل لرؤية ابنها دون قفة ولا مال، أو تعود أدراجها وتدعه ينتظر. منع القفة التي تأتي من خارج السجن وتوفير متاجر بديلة في الداخل، لم يلقيا رفضا لدى الزوار، لكن ما أثار حفيظتهم هو عدم علمهم بالقرار، وقد جلبوا القفف ومنعوا من إدخالها. محمد البوشبتي، مدير سجن عكاشة يؤكد لـ"الصباح" أن أزيد من 97 في المائة من الزوار على علم بالقرار، وأضاف "على مدى 3 أشهر قمنا بحملات إخبارية داخل السجن، وعلقنا ملصقات وبيانات حددنا فيها تاريخ نهاية إدخال القفة"، يضيف مدير سجن عكاشة "أستغرب ممن يقول إننا فاجأناه بقرار المنع". الغاية من المنع يعد سجن عكاشة آخر مؤسسة سجنية تطبق قرار منع قفة المؤونة في المغرب. ولا تقتصر غايته على الحد من تسريب الممنوعات إلى داخل المؤسسة من طرف العائلات، بل تمتد وفق محمد البوشبتي إلى تخفيف العبء المادي عن الأسر، خصوصا تلك المعوزة التي لا تستطيع الإنفاق على ذويها من النزلاء. يضيف قائلا "سيمكننا القرار من ربح عدد كبير من الموارد البشرية التي كانت مكلفة بتفتيش قفف المؤونة"، هذه الموارد ستتم الاستعانة بها في الحفاظ على سلامة وأمن النزلاء. إدارة سجن عكاشة اشترطت بديلا على الزائرين باقتناء السلع من متجر داخل السجن، إلا أنه يعرف اكتظاظا جراء العدد الكبير من الوافدين، حيث إنه يؤوي حوالي 8 آلاف نزيل. وقد يقضي الشخص أزيد من ساعة في الطابور ينتظر دوره، إضافة إلى الازدحام وما قد يترتب عنه من تلاسن وعراك بين الزوار. فقد كشفت زائرة لـ "الصباح" أنه "في اليوم الأول من تطبيق القرار وقعت اشتباكات داخل الطابور"، وأضافت "واحد السيدة تحلو ليها الغرازي". ويؤكد مدير سجن عكاشة أنه سيتم تخفيف الضغط عن المتجر، من خلال تنظيم عملية البيع عبر تزويد الزائرين ببطاقات مرقمة، وستوضع لوحة إلكترونية أمام المتجر تظهر فيها تلك الأرقام بالتتابع للحفاظ على التنظيم وتجنب الضغط. ورغم هذه الحزمة من الإجراءات، إلا أن السجناء سيحرمون من المأكولات المنزلية، تقول امرأة مسنة، بنبرة منفعلة "ولادنا كيبغيوالماكلة د الدار". وبالنسبة للوجبات الغذائية التي تقدم للنزلاء، فيشير مدير السجن إلى أنها متوازنة ومسطرة من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. ويؤكد المتحدث ذاته أن برنامج التغذية الموحد سيؤسس لنوع من المساواة بين السجناء، وسيجنب البعض الشعور بالنقص أمام زملائه داخل الزنزانة. ويحرص المسؤولون داخل المؤسسة السجنية بعين السبع على التوزيع السليم للوجبات بين النزلاء، إذ تتكون قائمة المأكولات من اللحم والدجاج والبيض والأسماك و"الكفتة"، بالإضافة إلى الخضر والفواكه والقطاني، إضافة إلى الجبن والمربى والخبز. أما بالنسبة للأشخاص المصابين بأمراض تفرض عليهم تناول وجبات خاصة، فإنهم يعرضون أمام طبيب السجن لإرشادهم إلى حمية غذائية مناسبة. باي باي الممنوعات تتفنن عائلات السجناء في تسريب الممنوعات إلى داخل سجن عكاشة، وهو عامل دفع مندوبية السجون إلى إلغاء القفة. ففي 2016 تم إحباط حوالي 300 عملية تسريب، يقول عبد الله السعيد المدير الجهوي للمندوبية العامة للإدارة السجون وإعادة الإدماج بالدار البيضاء "نندهش كثيرا في بعض الأحيان من ذكاء بعض العائلات". يكشف السعيد، عن عمليات تسريب ضبطت في حالة تلبس، كان تصديقها صعبا لولا توفر المديرية الجهوية على أرشيف صور يؤرخ لهاته الحالات. إذ أوضح لـ "الصباح" أن موظفة داخل السجن اكتشف ذات مرة حالة في غاية الغرابة، بعد تجريد امرأة منقبة من ثيابها، اتضح أنها أخفت داخل عضوها التناسلي "نفاخة" بها 10 أقراص من مخدر "القرقوبي" وربطتها بخيط دقيق حتى تتمكن من إخراجها عند الحاجة. عشرات الصور تؤرخ لعمليات التسريب، فهناك صورة تظهر حشو لباب البرتقال بكميات من الحشيش، وأخرى تبين كيف حاول بعضهم حشو الموز والفلفل بالمخدر نفسه. صورة أخرى حاول صاحبها إدخال هاتف وسط عبوة الحليب. يقول عبد الله السعيد إن هذه المظاهر تسيء لسمعة المؤسسة وللمشرفين عليها، ناهيك عن خطورتها على صحة النزلاء، ما جعل منع القفة يكسب المشروعية. عصام الناصيري

عـكـاشـة يـودع زمـن القـفـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الطلباوي تحضر لعرض كوريغرافي

11 قتيلا في طرقات المملكة بأسبوع

مقالات ذات صلة