الإدارة… القلعة المنيعة عن الإصلاح

طالما نبه الملك في خطبه ورسائله إلى تخلف الإدارة المغربية عن الركب، في غياب إرادة حكومية تباشر هيكلة شاملة وعميقة، وترسي أسس التدبير القائم على النتائج وتحسين جودة الخدمات المقدمة. في آخر خطاب للعرش، عدد الملك مفارقات الإدارة، ففي الوقت الذي "يتميز القطاع الخاص بالنجاعة والتنافسية، بفضل نموذج التسيير، القائم على آليات المتابعة والمراقبة والتحفيز، وبين القطاع العام، خصوصا الإدارة العمومية، التي تعاني ضعف الحكامة، وقلة المردودية، فالعديد من الموظفين العموميين لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة، ولا على الطموح اللازم، ولا تحركهم دائما روح المسؤولية، بل إن منهم من يقضون سوى أوقات معدودة، داخل مقر العمل، ويفضلون الاكتفاء براتب شهري مضمون، على قلته، بدل الجد والاجتهاد والارتقاء الاجتماعي"، كما يقول جلالته. لقد اعتاد الملك بعث رسائل عديدة إلى "من يهمه الأمر" مفادها عدم رضاه عن الإدارة المغربية، وخصص لها خطابا، في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية 2016، عدد فيها أزماتها، وشخص وضعيتها وطرح حلولا لإنقاذها، لكن لم تجد من يترجمها على أرض الواقع، إذ أشار جلالته بوضوح إلى "ضعف الأداء داخل الإدارة وتعقيد المساطر الإدارية، رغم المجهودات التي بذلت لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، وتأخير تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة في مواجهة الإدارة، والشطط في استعمال السلطة الذي انتشر في العديد من الإدارات، مما يؤدي إلى طول أجل منح بعض الوثائق للمواطنين، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين، إذ أكد جلالته على ضرورة تدبير شؤون المواطنين باعتبارها أمانة جسيمة ومسؤولية لا تقبل التهاون ولا التأخير، كما دعا إلى خدمة المصلحة العامة وعدم استغلال التفويض الذي منحه المواطن لتدبير الشأن العام في المصالح الشخصية والحزبية". واكتفت الحكومة، بعد الخطاب الملكي، بعقد ندوات وطرح تصورات لإصلاح الإدارة، دون أن يلمس ذلك المغاربة، علما أن الملك حدد أهم أولويات إصلاح الإدارة، من قبيل دعم مبدأ التنظيم اللامركزي بإعادة النظر في مهام الإدارة على ضوء الرؤية الجديدة لإعداد التراب القائمة على اللاتركيز واللامركزية والجهوية المتقدمة، وترسيخ قيم وأخلاقيات المرفق العمومي باعتباره دعامة أساسية لكسب رهان الإصلاح الإداري وتفعيل برامج التحديث، وتأهيل الرأسمال البشري على اعتبار أن تحديث الإدارة العمومية يبقى دون فعالية إن لم يتم الارتقاء بوسائل تدبيرها، وخاصة الموارد البشرية، وتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية لعموم المواطنين والمستثمرين، إذ من شأن هذا الإجراء إنعاش الاستثمار وتحقيق التنمية. لقد أصبحت الإدارة المغربية قلعة محصنة، تتمنع عن الإصلاح، مستغلة تداخل قطاعات عديدة في تحميل المسؤولية لجهة دون أخرى، سواء الوزارات المسؤولة أو النقابات، بالمقابل ظل المغاربة يكتوون، يوميا، بنار تخلفها. خالد العطاوي مواضيع الملف: الزلـزال السياسـي … الارتـدادات متواصلـة رؤية ملكية لربط المسؤولية بالمحاسبة الخطب الملكية ليست استهلاكا سياسيا مراكز الاستثمار على فوهة بركان هزات في محيط العقارات الموجات تتجاوز الحدود البيضاء دون برنامج عمل منذ سنتين ولاة وعمال تحت المجهر

الإدارة… القلعة المنيعة عن الإصلاح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكة للمخدرات بأكادير

التحقيق في مصرع فنان شعبي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات