المحكمـة الدستوريـة تسقـط برلمانييـن متسلليـن

19 برلمانيا فقدوا العضوية بتهم التدليس والغش واستغلال الرموز الوطنية تواصل المحكمة الدستورية إصدار قراراتها في شأن الطعون الانتخابية الخاصة بنتائج انتخابات أعضاء البرلمان، وفق القانون التنظيمي للمحكمة، والذي ينص في المادة 32 على البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان، داخل أجل سنة، ابتداء من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها. ويمكن للمحكمة الدستورية تجاوز الأجل المحدد بموجب قرار معلل، إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها، أو استلزم ذلك الطعن المقدم إليها. بلغ عدد المقاعد البرلمانية التي تم إسقاط عضوية الفائزين بها في اقتراع 7 أكتوبر، 19 برلمانيا ينتمون إلى مختلف الفرق النيابية من الأغلبية والمعارضة على حد سواء. كما قضت المحكمة الدستورية برفض عشرات الطعون التي تقدم بها بعض المرشحين، بسبب عدم اقتناع المحكمة بالمبررات التي استندت إليها في تقديم الطعن، آخرها القرار رقم 52/17، القاضي برفض طلب زكية المريني، برلمانية عن الأصالة والمعاصرة، الرامي إلى إلغاء انتخاب الفائزات والفائزين عن اللائحة الوطنية لحزب العدالة والتنمية. برلمانيون يستنجدون بالمحكمة شكلت المحكمة الدستورية ملاذ جميع الأحزاب، رغم عدم طعن أغلبيتهم في نزاهة الانتخابات، والتأكيد على سلامة العملية الانتخابية، إذ لجأت جل الأحزاب بعد تلقي صدمة النتائج إلى تشكيل لجن لدراسة الملفات الواردة عليها من فروعها ومرشحيها، ودراستها قبل اتخاذ قرار إحالتها على شكل طعون على المحكمة الدستورية، معززة بما اعتبره أدلة على وجود تدليس أو غش أو تزوير من قبل المرشح الفائز. وبالعودة إلى القرارات التي أصدرتها المحكمة، سنجد أنها شملت ثمانية أحزاب من الأغلبية والمعارضة، في مقدمتها الأصالة والمعارضة الذي فقد خمسة مقاعد، اثنان بوجدة، ليوسف هوار وعبد القادر حظوري، والثالث لحميد وهبي بأكادير، والرابع بكرسيف لمحمد البرنيشي، والخامس لمحمد غالم من إنزكان. أما حزب الاستقلال، فكانت حصته من البرلمانيين الذين أسقطتهم المحكمة أربعة، هم عبد الله بوفارس بسطات، ومحمد كريمن بابن سليمان، وعلي الجغاوي من كرسيف، وزين العابدين حواص من برشيد. ولم يسلم العدالة والتنمية الذي تصدر نتائج الانتخابات من الطعون، إذ أسقطت المحكمة ثلاثة نواب هم محمد إد اعمار من تطوان، والذي نجح في استرجاع مقعده في الانتخابات الجزئية، في غياب مرشحين أقوياء في السباق، باستثناء فاطمة لومغاري، مرشحة فدرالية اليسار الديمقراطي، ومحمد ادريسي من بولمان، والذي آل مقعده، بعد تصحيح النتائج إلى رشيد حموني، مرشح التقدم والاشتراكية ، وعمر بومريس من سيدي إيفني. وفقد الحركة الشعبية ثلاثة مقاعد، ويتعلق الأمر بحميد الإبراهيمي من بني ملال، ولحسن أيت إشو من خنيفرة، وسعيد الرحموني من الناظور. وفقد الاتحاد الاشتراكي مقعده بسيدي إيفني، ممثلا في البرلماني محمد بلفقيه، وهو المقعد الذي أثار فقدانه جدلا سياسيا ودستوريا، حول أثره على وضعية الفريق البرلماني للاتحاد الاشتراكي، والذي لم يعد يتوفر سوى على 11 عضوا، قبل أن يحسم الأمر، اعتمادا على مضمون القانون الداخلي لمجلس النواب، والذي لا يربط بين وضعية الفرق ونتائج الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية التي تصدر في وقت لاحق عن تشكيل الفرق البرلمانية. وفقد التجمع الوطني للأحرار مقعدا واحدا، يهم حميد البهجة بتارودانت، في حين كان حظ التقدم والاشتراكية من "المكردعين" من قبل المحكمة الدستورية، مقعد واحد هم علي امنيول، برلماني الفنيدق. وفقد الاتحاد الدستوري مقعد رضوان مهدب بالجديدة، بسبب سوابقه الجنائية، إذ سبق أن أدين في 2008 على خلفية تورطه في الاتجار في المخدرات والسكر العلني البين. وبرأي المتتبعين، يظل العدد الذي أعلنت عنه المحكمة لحد الساعة، مرتفعا بالمقارنة مع الولاية التشريعية السابقة، ما يطرح العديد من الأسئلة حول مدى سلامة العملية الانتخابية، ومدى جدية الفاعلين السياسيين في القيام بأدوارهم الدستورية، في التأطير السياسي للمواطنين، واحترام القوانين الانتخابية التي سبق أن صادقوا عليها. في الحاجة إلى دور دستوري أرقى يرى الباحث محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالمحمدية أن المحكمة الدستورية أضحى لها دور أكبر اليوم، وأكثر من السابق، بعد توسيع اختصاصاتها، ما يطرح عليها مهمات تتجاوز النظر فقط في الطعون الانتخابية والنظر في مدى دستورية القوانين، لأن المغرب يعيش مرحلة جديدة برهانات أكبر تهدف إلى تعميق الانتقال إلى دولة الحق والقانون، والحرص على التطبيق الصارم لمقتضياته. وأوضح أستاذ القانون الدستوري في حديث مع "الصباح" أن هناك تقدما نوعيا في أداء المحكمة الدستورية، من حيث أدوارها والمهام التي تضطلع بها اليوم في الحسم في مدى دستورية القوانين المحالة عليها من قبل البرلمان، لكنه سجل ضعف روح الإبداع والاجتهاد في عملها، من خلال قراءة الأحكام التي تصدرها بخصوص النزاعات الانتخابية.وأكد زين الدين أن المرحلة الجديدة تتطلب اجتهادا أكبر في صياغة القرارات والأحكام، لترقى إلى مستوى الأحكام الدستورية التي تتجاوب مع متطلبات المرحلة، عوض أن تظل عبارة عن أحكام تقنية في مضامينها وأدوارها. ورغم طابع التجرد الموضوعي لتعاطي المحكمة الدستورية مع عرائض الطعن التي تتوصل بها من قبل المرشحين، والتي شملت ثمانية أحزاب، إلا أن بعض الأحكام لا تخلو من آثار سياسية قد تؤثر على أداء البرلمان، من قبيل تقليص عدد نواب بعض الفرق، مثلما حصل مع الاتحاد الاشتراكي. وقال أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بالمحمدية إن إسقاط عضوية برلمانيين شملت أغلب الأحزاب، لأسباب متعددة تطرح في الأغلب مسؤولية الأحزاب ودورها في تأطير المرشحين والمساهمين في الحملات الانتخابية، لأن التنافس في بعض الأحيان ينسي الفاعلين في القوانين المؤطرة للعملية الانتخابية، ليسقط عدد المرشحين في المحظور، سواء باستغلال الرموز الوطنية، أو القيام بحملات في المساجد، أو استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، في حملات دون اعتبار للقانون. جهل بالقانون الانتخابي الأكثر من ذلك أن بعض الحالات التي أسقطتها المحكمة الدستورية، كانت بسبب منشورات انتخابية تم في الغالب طبعها محليا، تحمل صورة وكيل اللائحة دون باقي المرشحين، وهو ما اعتبرته المحكمة تدليسا، بالإضافة إلى لجوء البعض إلى توزيع أقراص مدمجة تتضمن أشرطة فيديو ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم الوعود واستغلال مشاريع اجتماعية في الدعاية الانتخابية، ما اعتبرته المحكمة مناورة تدليس أثرت على إرادة الناخبين وأفسدت العملية الانتخابية. ولا يخفي الباحث في القانون الدستوري إشكالية تسييس الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية، وهو التخوف الذي بات يطرحه قضاة المحكمة الدستورية بفرنسا، رغم أن القرارات وحسب القانون، تتخذ بالأغلبية. وفي قراءة للقرارات الصادرة عن المحكمة، يرى زين الدين أنها لا تتضمن عمقا دستوريا، ويطغى عليها الطابع التقني، من خلال البت قي عرائض الطعن، والاستماع إلى رأي المطعون في انتخابه، وإجراء بعض التحريات عند الضرورية، وإصدار الأحكام، والتي تأتي متشابهة في التعليل. ويرى أستاذ القانون الدستوري أن الوضع الجديد للمحكمة واختصاصاتها، يفرض عليها الارتقاء بالعمل القضائي إلى مستوى أرقى يؤسس لتراكم حقيقي في القضاء الدستوري، على غرار ما هو موجود في المحكمة الدستورية الفرنسية أو في الولايات المتحدة، التي باتت تتوفر على رصيد غني من الاجتهادات القضائية، والتي تشكل مادة معرفية يستند إليها في ممارسة المحكمة لدورها الدستوري. مسؤولية الأحزاب قائمة تبقى مسؤولية الأحزاب السياسية أيضا قائمة في تأطير المرشحين للانتخابات، والمؤطرين للحملات الانتخابية، لتجاوز الممارسات غير القانونية، والتي سرعان ما تتحول إلى مادة للطعون الانتخابية، وهي ملاحظة تشمل جميع الأحزاب، وفي جميع المستويات، وتؤثر على العمل البرلماني، وتسيء إلى العملية الانتخابية التي توفر لها جميع الضمانات القانونية واللوجيستية من أجل إنجاحها. واجب التحفظ تتألف المحكمة الدستورية من اثني عشر عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين عال في مجال القانون، وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية، والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق خمس عشرة سنة، والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة. ويتوزع الأعضاء بين ستة يعينون بظهير من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وثلاثة أعضاء ينتخبون من قبل مجلس النواب، وثلاثة أعضاء ينتخبون من قبل مجلس المستشارين. وعين الملك رئيس المحكمة الدستورية بظهير من بين الأعضاء الذين تتألف منهم. ويلتزم أعضاء المحكمة الدستورية بواجب التحفظ، وعموما بالامتناع عن كل ما من شأنه أن يمس باستقلالهم، ومن كرامة المنصب الذي يتقلدونه. كما لا يجوز لهم، بوجه خاص، خلال مدة عضويتهم، اتخاذ أي موقف علني أو الإدلاء بأي فتوى في القضايا التي سبق للمحكمة الدستورية أن قضت فيها، أو يحتمل أن يصدر عنها قرار في شأنها. إعداد: برحو بوزياني

المحكمـة الدستوريـة تسقـط برلمانييـن متسلليـن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العمـاري ينجـو مـن مخالـب المنصـوري

إسبانيا تجند "السبتاويين"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات