“ياسمين دمشقي” يذبل في إشارات المرور

فتيات في مقتبل العمر يجبن شوارع البيضاء وشبهات في توظيفهن من قبل شبكات تسول محترفة أصبحت السوريات وأطفالهن بالقرب من علامات إشارات المرور الضوئية منظرا معتادا لدى أصحاب السيارات كما تصادفهن في أبواب المساجد يستجدين عطف المارة لحصول على دريهمات لتغطية احتياجات عائلاتهن. البعض من العائلات السورية التي لجأت من المغرب تمكنت من تسوية وضعيتها والحصول على وثائق الإقامة، في حين أن أغلبها ما زالوا ينتظرون الحصول عليها أو التمكن من العبور إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط للحصول على صفة اللاجئ. صرح عبد الكريم بن عتيق، الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أن ما لا يقل عن 5 آلاف سوري تمت تسوية وضعيتهم، ما يمثل 23 %، ما يعني أن هناك حوالي 21 ألف مهاجر سوري يتوزعون على مختلف المدن المغربية. التقت "الصباح" ببعض العائلات السورية المستقرة بالبيضاء لتسليط الضوء على ظروف عيشها، وكيفية تدبير احتياجاتها. "عائلة سورية محتاجة إلى مساعدة" من الصيغ التي ترفعها العائلات السورية الموجودة بالمغرب بالتقاطعات الطرقية وإشارات المرور الضوئية للحصول على مساعدات مالية من أصحاب السيارات خلال توقفهم بأحد الممرات الطرقية. نادرا ما يتحدثن، إذ يكتفين بالمرور بين السيارات المتوقفة وينتظرن ما سيجود به أصحابها. من اللافت للانتباه أن النساء هن اللائي يجبن الشوارع بحثا عن دريهمات لسد رمق عائلاتهن، ونادرا ما تصادف رجلا سوريا بتقاطعات الطرق يطلب الصدقات، إذ في حالات نادرة تجد سوريا رفقة زوجته وأبنائه بباب المسجد يستجدي المصلين للتصدق عليه ببعض المال لتغطية احتياجات أسرته. لا يحبذون الحديث كثيرا عن مواجعهم وظروف عيشهم بالمغرب، إذ يكتفون بتوجيه الشكر للمغاربة على تعاطفهم معهم والمساعدات التي يقدمونها للعائلات السورية. ياسر أحد السويين الذي اضطر إلى مغادرة سوريا تحت القصف، الذي أودى بحياة عدد من أقربائه، وتوجه إلى لبنان ليمكث بها أشهرا قبل أن ينتقل إلى الجزائر وينتهي به المقام بالمغرب، بعدما تسلل من الحدود المغربية الجزائرية واستقر بوجدة بعض الأسابيع، قبل أن ينتقل إلى البيضاء مع أسرته، حيث عانى كثيرا، قبل أن يجد مأوى لأسرته بعدما تدبر أمره، فاكترى شقة يقتسمها مع ثلاث عائلات سورية. لم يخف ياسر، في حديث مع "الصباح"، تذمره من الوضع الذي آلت إليه أسرته بعد الأحداث التي شهدتها سوريا وما تزال تعانيها، "كان وضعنا المالي جيد ولله الحمد"، يقول ياسر، "كنت أشتغل إطارا بإدارة الجبايات بحلب، لكن القصف المتواصل على المنطقة التي أقطن فيها من قبل الجيش السوري وسقوط العشرات من الضحايا كل يوم دفعني إلى التفكير في الهجرة حماية لنفسي ولأهلي، فانتهى بي المطاف في المغرب". حاولت إيجاد شغل قار يضمن لي الموارد اللازمة لإعالة أسرتي، لكن لم أتوفق في الحصول على منصب شغل، ما يجعلني مضطرا إلى التسول من أجل تدبر الحد الأدنى من الموارد المالية لتغطية واجبات الكراء وإعالة الأسرة". لا يختلف حال ياسر عن وضع العديد من الأسر السورية، بل ربما يكون محظوظا لأنه ظل، على الأقل، بصحبة عائلته، إذ هناك نساء رزئن في أزواجهن وتمكن من الفرار من جحيم الاقتتال بسوريا، قبل أن يصلن إلى المغرب ليجدن أنفسهن وحيدات في مواجهة مصاعب الحياة والتكفل بأسرهن. شبكات توظيف أثارت مجموعة من الفتيات انتباه "الصباح"، إذ اعتدن التجمع بالإشارة الضوئية بسيدي معروف على الطريق المؤدية إلى مطار محمد الخامس، أعمارهن متقاربة يتوزعن على السيارات المتوقفة لاستعطاف السائقين علهم يجودون عليهن ببعض الدراهم. اقتربت "الصباح" من إحداهن للتحدث معها حول الصلة التي تجمع بين هذه المجموعة، ففضلت الانصراف بسرعة متوجهة إلى سيارة أخرى. ابتعدت لكن السؤال ظل معلقا إلى أن كشف الأمر أحد حراس السيارات بالقرب من منطقة تجمع هؤلاء الفتيات السوريات. أكد لحسن لـ"الصباح" أن هناك سيارة تأتي كل صباح ويترجلن منها، لتنطلق بعد ذلك، مضيفا أنهن يغادرن المنطقة مترجلات، ولم يستبعد أن تكون السيارة ركنت في مكان بعيد حتى لا تثير الانتباه لأن العملية تتكرر كل مرة، إذ تتكفل السيارة ذات لون أسود من الحجم المتوسط بإيصالهن كل صباح لكنها لا تعاود المجيء في المساء. هناك العديد من القصص التي تنسج حول بعض السوريات، التي لم تتمكن الصباح من التأكد من صحتها، إذ تجمع العديد من الروايات على وجود شبكات توظف العديد من السوريات للتسول في مختلف الشوارع لفائدتها. لكن المؤكد أن هناك سوريات لا تربطهن علاقات قرابة وأعمارهن متقاربة يمتهن التسول ولا تعرف عنهن أي معطيات. ويتساءل العديد عن السر وراء تعاطي النساء وحدهن التسول بالشوارع، في حين أن الرجال لا أثر لهم، اللهم القلة القليلة التي تقصد المساجد. الجواب عند أمينة، المرأة العجوز، التي لا تبارح مكانها، منزوية طيلة ساعات النهار تحت شجرة، تتكفل برعاية رضيع صغير، وتحرس بحزم وهمة حوائج حفيداتها، اللائي يتنقلن بين السيارات جيئة وذهابا طوال اليوم، إذ أكدت لـ"الصباح"، أن "التسول واستدرار عطف الناس لا يصلح للرجال، الذين أجبرهم الوضع على ملازمة البيت، وفسح المجال أمامي وابنتي وحفيداتي الصغيرات لجلب الرزق من الشارع"، مشددة على أن البحث عن المال أصبح صعبا بتزايد عدد المهاجرين الأفارقة، الذين يتحولوا إلى عدائيين في حال اختراق مناطق "نفوذهم". عبد الواحد كنفاوي

“ياسمين دمشقي” يذبل في إشارات المرور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الإعدام ... 90 محكوما في السجون

المغرب يحذر من تنامي "النزعة الانفصالية" بالعالم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات