كهوف الزليليك… مواخير الجريمة والتطرف

العثور على ملابس داخلية وحقائب نسائية ومحفظتي تلميذتين وكهف مجهز بسرير شاهد على قصص اغتصاب مجهولة إعداد: حميد الأبيض (فاس) تحولت كهوف في بقايا آثار مقالع الرمال والأحجار بمنطقة الزليليك بمولاي يعقوب، من معسكر لتدريب أعضاء خلية الفرنسي روبير ريتشارد الإرهابية، إلى ماخور آمن لذوي السوابق وعتاة المجرمين، شاهد على صور مقززة لفتكهم بأجساد فتيات أوقعتهن الأقدار بين أيدي مجرمين منزوعة من قلوبهم الرحمة. اعتقال مجرم خطير اختطف عاملة بشركة، من داخلها، أحيى جرحا يؤلم سكانا غاضبين مما يقع بكهوف تشم منها نتانة مختلف أنواع الجريمة، بعيدا عن أعين السلطات وقريبة من أفئدة ناس بدو بسطاء أضناهم انتظار اجتثاث مظاهر تدمي عيونهم الباكية على مصير فتيات أغلبهن كتمن أسرارهن في أحشائهن. بعد تحرير العاملة بمجهود أمني مميز، تقدمت رئيسة جمعية شبابا باسلا غزوا كهوفا بمسارات وأحجام مختلفة، داخلها مفقود والخارج منها مولود. بعضهم تسلح بعصي وآخرون تاهوا تحت الأرض بحثا عن وجود آدمي. والحصيلة كمية هائلة من الملابس الداخلية وقرائن جرائم غامضة مجهول ضحاياها. ساعات في الجحيم لن تنسى تلك الفتاة العشرينية اليافعة المختطفة من أمام معمل بالحي الصناعي بنسودة، 5 ساعات قضتها محتجزة في تلك الكهوف، غارقة في جحيم الخوف في قبضة مجرم خطير لا يعرف للرحمة والشفقة معنى. في نفسيتها جرح لم يندمل، وعيناها متطلعتان إلى عقوبة زجرية تعيد الاعتبار لشرفها وكرامتها. تفنن «المطرب» كما يلقبه معارفه، ليس في تشنيف سمعها بعذب الألحان والصوت وأرق الكلمات، بل في تعذيبها نفسيا قبل استباحة جسدها، بعدما وجدت نفسها وجها لوجه مع موت وشيك، دون أن تقتنع بأي حل محتمل لنجاتها من تحت أنقاض وأطلال مقالع اقتلعت من فؤاد محتجزها، بذرة الرأفة لحالها. خيرها بين طرق نحرها، واضعا حد السيف على عنقها في حركات يدرك مغزاها، دون أن يرحم ضعفها في لحظة أبدع فيها وسائل ترهيبها، أمام عيني رفيقه المشارك في اختطافها من أمام المعمل بعد رفضها وزميلتها، الانصياع لتحرشاتهما بعدما راوداهما عن نفسيهما، قبل أن يختار العنف وسيلة للفوز بجسدها. فشل «المطرب» في كسب ودها بلغة الغزل، فاختار السيف لتركيعها وإجبارها على الركوب بينه ورفيقه على دراجة نارية فائقة السرعة، قادتهم إلى كهوف شاهدة على حلقات مسلسل تعذيب نفسي وجسدي وجنسي لن تنساه، رسمت فصوله أخاديد ونتوءات بجهازها العصبي المهتز باهتزاز صمودها وصبرها. «لو ابتسمت في وجهنا، ما كنت لتصلي هذا المكان المقفر». هكذا خاطبها متوعدا بقتلها كما مات أخوه في الموقع ذاته في ظروف وحده الداري بها. لكنه لم يدر أن «القيامة قامت باختطافها» وتاج حريته زائل بعد هنيهة وجد فيها نفسه محاصرا من قبل عشرات أفراد الأمن اهتدوا للمكان، بعد تعقب الدراجة. غزو جمعوي رغم تعبهم فالفرحة لوحة بهية رسموها على وجوههم، بنجاحهم في عملية مميزة، لتحرير تلك الفتاة. ذاك حال الكومندو الأمني منجز المهمة في مدة قياسية، في كهوف مفتوحة على جميع المخاطر، وحاضنة لقصص مماثلة كتمها ضحاياه مجهولة هويتهم ومصيرهم، إلا ما توفر من ألبسة وقرائن جرائم غامضة. فرحة النجاة غمرت الفتاة وأهلها وجيرانها ومعارفها، لكنها حركت رغبة جمعوية فريدة لغزو «غيران» تناساها الجميع منذ تفكيك خلية «الأمير ريتشارد» فرنسي اختارها وأتباعه من تيار السلفية الجهادية، معسكرا ومسرحا آمنا لإجراء حصص بدنية والتدريب على تقنيات الدفاع الذاتي، دون إثارة أي شبهة. فاعلات بجمعية مناهضة العنف والتشرد بفاس، بينهن رئيستها أسماء قبة، قدن رحلة الاكتشاف في موقع أدركن خطورة المغامرة بدخوله. زادهن عزيمة لا يذيبها الخوف وسلاحهن إرادة اجتثاث ينابيع جرائم استفحلت، والشجاعة تاجهن ونساء ورجال وشباب آزروهن مشكلين ذراعا صلبا آمن الاعتماد عليه. نظرة بانورامية من أعلى المقلع، تكشف صورة شبيهة بمعسكرات أفغانستان الجهادية، وتبرر اختيارها من قبل الفرنسي ريتشارد لتدريب أعضاء خليته في الصباح الباكر بعيدا عن أعين السكان المجاورين. لا أثر للحياة خارج تلك «الغيران»/ الكهوف، ولا أحد يعلم ما بداخلها غير العقارب والأفاعي والحشرات. ولوجها صعب على من لم يجرب حياة البادية ووعورة جبالها ومنحدراتها. لكن الرغبة في اكتشاف ما خفي عن الأعين، شجع الكل على قبول مغامرة محفوفة بالمخاطر، انتهت بكشف قرائن قد تكون خيطا رفيعا يقود لاكتشاف جرائم خطيرة، إن أخضعت الملابس النسائية المعثور عليها، إلى الخبرات اللازمة. ملابس داخلية الانحناء لشجاعة فريق «غزو» تلك الكهوف، لم ترض مبادرتها جهات معينة، لازم كما تلك المسارب الضيقة المتقابلة في ما بينها والمفتوحة على جميع الاتجاهات بشكل يتيح الفرار بالسرعة اللازمة، التي يستحيل دخولها من دون الاستعانة بوسيلة إنارة يدوية، خوفا من كل ما يؤذي من كائنات تحت أرضية. لكن أذى الكائنات البشرية المتخذة من المكان قاعدة خلفية لكل الممارسات المنبوذة واقعا وقانونا، أفظع بعدما حولته إلى ماخور حاضن لقصص مجهولة للاغتصاب وربما القتل وإخفاء معالم جرائم مجهولة طبيعتها وضحاياها، ومطلوب الاستعانة بما توفر من أدلة لفك لغز ملابس وجدت مجموعة أو متناثرة. أحذية وعدة حقائب نسائية يدوية وظهرية وكمية وافرة من الملابس الداخلية وأقمصة وعبايات ووزرة يرجح أن تكون لنادلة، بعض مما عثر عليه في مواقع مختلفة من الكهف، بينها بذلة عليها اسم «مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء»، يرجح أن تكون لمستفيد من مبادرات دعم السجناء المفرج عنهم. حقيبتان مدرسيتان صغيرتان بلون «نسائي»، عثر عليهما في الموقع، ما يطرح علامات استفهام حول سر وظروف وصولهما إليه، وما إذا كانتا سرقتا كما الحقائب النسائية الأولى، أو أن حاملاتها قد يكن تعرضن إلى مكروه، ما يفرض التحقيق والبحث في سجلات المختفيات ومصائرهن كشفا للحقيقة. والأخطر أن ركنا بهذا الكهف، مجهز بأوان مطبخية وأدوات ووسائل إعداد الكيف، وب»سرير» وضيع عليها ملابس داخلية بألوان مختلفة، وقد يكون شاهدا على عمليات اغتصاب توفرت بعض أدوات تنفيذها من قفازات بلاستيكية وجوارب وحبل طويل عثر عليها، كما أشياء مفروض إخضاعها إلى الخبرة. قبة: "اللي كيدخل تماك كيتذبح" يؤكد سكان بمنطقة الزليليك التابعة إلى نفوذ الدرك الملكي، استغلال بعض الكهوف و»الغيران» الأخرى غير المقتحمة من قبل الجمعويين ومرافقيهم، في تجارة المخدرات والخمور تقليدية الصنع سيما ماء الحياة، مشيرين إلى تحول بعضها إلى معامل سرية للمادتين، بعيدا عن أعين الجهات المعنية. واستحضرت أسماء قبة رئيسة الجمعية لمناهضة العنف والتشرد، استقبالها من قبل من أسمته في تدوينة فيسبوكية لها ب»أحد العناصر المحسوبة على أمن المنطقة»، «استقبالا يدعو للغرابة»، بعد الزيارة «المشؤومة لبؤرة الجريمة المنظمة بامتياز وجناح التخطيط والتنفيذ الإجرامي للمنطقة» بتعبيرها. «أللا باز ما عندكش الكبدة اللي دخلتي لدوك الكيفان». عبارة خاطبها بها ووصفتها ب»الغريبة جدا»، ولم تجد غير «فعلا لم تعد لدي كبدة بفعل السلوكات الخطيرة التي تعيشها فاس»، ردا على ذلك، بعدما نقلت طيلة دقائق عملية اقتحام تلك الكهوف المخيفة في صفحتها الفيسبوكية بشكل مباشر عبر تقنية «لايف». وطالبت أسماء قبة بإخضاع جميع الملابس الداخلية والخارجية التي ليست من تلك المستعملة (الخردة) المعثور عليها في الكهف، لتحليلات الحمض النووي للتثبت من مصدرها وأصحابها ومعرفة مصيرهم وما إذا كانوا أحياء أو قتلوا ودفنوا، لأن «للي دخل لتماك يتذبح ويتدفن وما كاين اللي يسوق ليه الخبار». وتضيف «الأمر فظيع. دخلنا وخرجنا بصعوبة. ووجدنا ملابس داخلية وبذلا نسائية مختلفة وحبلا وأشياء أخرى»، و»لقينا سباط. هذي اللي دخلات بسباطها، فين هي؟» تتساءل متمنية أن يؤخذ الموضوع بالجدية اللازمة وأن تفتح تحقيقات جدية دقيقة في مصدر وصاحبات وأصحاب تلك الملابس ومصيرهم.

كهوف الزليليك… مواخير الجريمة والتطرف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ممنوع اللمس والاقتراب

الداخلية تحاصر مدبري مطرح مديونة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات