نشـوة العيـد فـي “الـدار الكبيـرة”

أسر تختار ممارسة طقوسه في حضن العائلة تلبية لرغبة الآباء والأبناء بات الاحتفال بعيد الأضحى لدى المغاربة يأخذ أشكالا مختلفة بين أداء هذه السنة باقتناء الأضحية، واختيار قضاء عطلة العيد مع الأسرة لصلة الرحم، أو اختيار قضاء يوم العيد في أحد الفنادق التي تخصص عروضا خاصة في هذا الصدد. وتختار العديد من العائلات خاصة في المدن، الاحتفاء بهذه المناسبة الدينية، لكن دون اقتناء الأضحية، وتحمل العناء الذي تستلزمه طقوسها، خاصة لدى النساء، حيث باتت أسر كثيرة تفضل قضاء أيام العيد في أحضان العائلة الكبيرة، من خلال تجمع الأخوة والأبناء في بيت الوالدين في الغالب، أو في ضيافة الأخ الأكبر، للاحتفال الجماعي، وصلة الرحم واقتصاد الأعباء المالية التي يطرحها اقتناء الأضحية، وما يرافقها من مصاريف تثقل كاهل الأسر. يقول ( ح.ب) رجل تعليم متقاعد بمكناس، وعضو أسرة تتكون من ثماني أخوات متزوجات، أن أفراد أسرته الكبيرة اعتادوا في كل عيد، اللقاء في بيت الوالدين المتوفيين، من أجل الاحتفال الجماعي بالعيد، من خلال الاكتفاء بكبش واحد والمشاركة في اقتناء عجل، بالنظر إلى تفضيل العديد من الأسر استهلاك لحم البقر، عوض الغنم، لتجاوز المشاكل التي تطرحها الدهون، وتتسبب في ارتفاع نسبة الكوليسترول. كما تلجأ العديد من الأسر إلى إحضار أضحيتها إلى بيت الوالدين، لمشاركتهما فرحة العيد من جهة، في إطار قيم التضامن العائلي، والإعداد الجماعي للأطباق الخاصة بالعيد، ضمن طقوس وتقاليد تحافظ الأسر على استمراريتها خلال مثل هذه المناسبات. إن اختيار قضاء العيد مع الأسرة، يقول المواطن المكناسي، يسمح بالحفاظ على الطقوس التي ترافق العيد، من خلال التجمع العائلي بين أفرادها وأبنائهم في "الدار الكبيرة"، وهو تقليد بات يعرف المزيد من الانتشار، خاصة مع تزامن العيد مع عطلة الصيف، والدخول المدرسي الذي يتطلب مصاريف إضافية وجب على الأسر تدبيرها بمختلف الطرق، من بينها اقتصاد المبلغ المالي المخصص لاقتناء الأضحية واستغلاله في شراء مستلزمات الدخول المدرسي. ويرى لحسن أمزيان، أستاذ علم الاجتماع أن الاحتفال بطقس عيد الأضحى يختلف من منطقة إلى أخرى، وحسب المستوى التعليمي والثقافي للأسر، مؤكدا أن الفئات ذات مستوى تعليمي عال تحررت أكثر من ضغط العيد واقتناء الأضحية، وهذا لا يعني أنها لا تحترم الجانب المتعلق بالدين، بل تختار أشكالا أخرى للاحتفال، سواء عبر الاستفادة من العروض التي توفرها الفنادق لهذا الغرض، لتلبية حاجيات الأبناء بالدرجة الأولى، أو اختيار قضاء أيام العيد مع الأسرة، تحقيقا لرغبة الآباء والأبناء معا، الذين يرون في العيد أفضل مناسبة للقاء والتعارف بين الأبناء والأحفاد. وأوضح أمزيان أن الجانب الديني في العيد لم يعد هو المهيمن في ممارسات الأسر، بل هناك محددات أخرى باتت تتحكم في طقوس العيد، اجتماعية وثقافية تزداد أكثر وضوحا مع المستوى التعليمي للأسر الحديثة التي يتراجع لديها هاجس العيد بطقوسه المعروفة. ويرى الأستاذ الجامعي بالرباط أن قراءة التحولات المرافقة لممارسة المغاربة لكل ما هو ديني، شعائر وممارسات، تفرض على علماء الأنثربولوجيا والمختصين في رصد التحولات المجتمعية في علاقتها بالموروث الديني، تعميق البحوث والدراسات في هذه الظواهر، من مختلف الجوانب، حتى يمكن ضبط توجه المجتمع وتحوله، من خلال مثل هذه التمظهرات الخاصة بعيد الأضحى. برحو بوزياني

نشـوة العيـد فـي “الـدار الكبيـرة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحولي "يخاصم" المغاربة مع الحسن الثاني

تأجيل محاكمة معتقلي إمزورن

مقالات ذات صلة