أريري: استقالة الوسائط الاجتماعية

< بداية، ماهو انطباعك عن فيديو "اغتصاب" شباب منحرفين لفتاة داخل حافلة للنقل الحضري تحت مرأى ومسمع السائق والمارة؟ < الفيديو جعلني أشعر بالتقزز لثلاثة اعتبارات، أولها مرتبط بالفعل في حد ذاته، إذ كان شنيعا ولم يرتكب في غفلة من الناس، بل ارتكب بوقاحة في فضاء عام وبداخل حافلة للنقل الحضري، والاعتبار الثاني يتمحور حول المعضلة التي تعانيها المرأة بالمغرب، بالنظر إلى أن الواقعة تأتي لتعزز القناعة الراسخة لدى العديد من المراقبين من أن المغرب لم يعد بلدا آمنا لتعيش فيه النساء، بحكم أنهن الفئة الأكثر هشاشة والأقل حماية من طرف المجتمع والدولة على حد سواء. أما الاعتبار الثالث فيحيل على التيه الذي يعيشه قسط واسع من الشباب المغربي عامة، والبيضاوي خاصة، علما أن الإحصاء الأخير لمندوبية التخطيط أظهر أن خمس الشباب المغربي يقطن بالبيضاء، والشباب، بدل أن يكون شعلة تتوهج بالأمل وبالغد المشرق أصبح الجزء الأوسع منهم قنبلة موقوتة تهدد السلم والأمن العام للمدينة. وما حالة فيديو الحافلة إلا نموذج مصغر. < يأتي الحادث في سياق استفحال عام للتسيب والعنف في المدن الكبيرة، هل الأمر وراءه انفلات أمني؟ < ينبغي أن نستحضر أن المتهمين في قضية الحافلة هم مراهقون، والخطير في الأمر أن هذه الواقعة تأتي في سياق واقعة حمارة سيدي قاسم التي كان بطلها أيضا مراهقون، وهو ما يطرح مسؤولية التأطير والتربية لدينا أسرا وجمعيات في الأحياء، واستقالة دور الشباب عن القيام بمهامها التعبوية والتأطيرية. كما أن الخطير هو مسؤولية سائق الحافلة في عدم التبليغ واقتياد الحافلة نحو أقرب مركز للشرطة أو التوقف عند شرطي المرور لطلب النجدة على الأقل، إذ تغافل السائق عن دوره المدني مما يشكل جريمة عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر. لكن رب نقمة في طياتها نعمة، إذ عرت واقعة محاولة الاغتصاب داخل الحافلة عن مفارقة يحلو لي دائما أن أقارنها بحالة الأب العنصري. فأنا أشبه السلطات بالمغرب بالأب الذي يتعامل مع أبنائه بالتمييز العنصري ولا يراعي المساواة والعدل بين أبنائه، إذ تراه يدلل هذا الابن على حساب ابن آخر، ويغدق الامتيازات عليه مقابل حرمان الثاني، وهذا المثال ينطبق بالتحديد على الدولة المغربية بكل مستوياتها الحكومية والترابية والجماعية. ومثالا عندما تم إطلاق العمل بالخط الأول من "الترامواي" بالبيضاء، تمت إحاطته بفيلق من رجال الأمن سواء الذين يركبون في الرحلات أو أولئك المسخرين لتسهيل مروره بالملتقيات، فضلا عن السرعة في التجاوب مع المشاكل الذي تعترض عرباته في الطريق، وهو السخاء الذي لم تحرص السلطة على تمتيع "الطوبيسات" البيضاوية به، علما أن حافلات النقل الحضري البيضاوية تنقل يوميا حوالي 600 ألف نسمة (أي تقريبا عدد سكان الرباط). < يوجد من يقول إن مشكلة التسبب ليست أمنية فقط بل ترتبط بأزمات أخرى؟ < نعم، إن المسألة لا تهم السلطات المنتخبة والترابية والأمنية، فقط، بدليل أن المتهمين يكونون في الغالب الأعم مراهقون تحللوا من كل القيود نتيجة الاستقالة الجماعية للوسائط الاجتماعية من أسرة وجمعيات وأحزاب وزوايا ودور الشباب. وبخصوص واقعة الحافلة، وللمفارقة، فالمتهمون بارتكاب محاولة الاغتصاب في الحافلة، ينتمون لدرب المعاكيز بسيدي البرنوصي، وهو الدرب المجاور لدار الشباب البرنوصي، التي كانت إلى عهد قريب، منبتا أنتج فرقا مسرحية وازنة ومجموعات غنائية جادة ومواهب جمعوية نشيطة طعمت الإدارة والمرافق المحلية بالأطر. أجرى الحوار: امحمد خيي * صحافي متخصص في شؤون الدار البيضاء

أريري: استقالة الوسائط الاجتماعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شذى حسون تتعرض للسرقة

اعتقال "فراقشية " بصفرو

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات