الأسد الجريح

> كثرت إشارات وتصريحات عبد الإله بنكيران، إذ اختار أن ينهي صمت خلوة الإبعاد من الحكومة بإشعال جبهات خطابية تذكرنا بما قبل 7 أكتوبر، كيف تفسرون ذلك؟ > رغم دخوله نادي رجال الدولة ورغم تجربته السياسية، على اعتبار أنه قضى خمس سنوات في ثاني أهم منصب في هرم الدولة لم يكن عبد الإله بنكيران يضع في حسبانه أنه قد ينزل من قطار الحكومة الثانية للعدالة والتنمية، وفاتته فرضية تعيين شخص آخر من حزبه لتشكيلها، بعدما صدق وهم استحالة الاستغناء عنه لأنه زعيم سياسي قدم للدولة خدمة كبيرة وفي مرحلة دقيقة، فقد اجتهد كثيرا في اختيار مفردات قاموس خطابه تقربا من المؤسسة الملكية وسبقته دموعه إبان الحملة الانتخابية المتعلقة باستحقاقات 7 أكتوبر و هو يدافع بشراسة عن حظوظه في البقاء على رأس الحكومة، ولم يخف فرحه عندما عينه الملك رئيسا لها تنفيذا للدستور الجديد و تبعا للمنهجية الديمقراطية، لكنه تصرف في مسألة مشاورات تشكيلها بمنطق من له حصة الأسد - وكانت كذلك من الناحية العددية- ، لكنه أغفل أن الحزب صاحب الأغلبية النسبية يحتاج إلى أحزاب أخرى ولو كانت في ذيل الترتيب من حيث عدد المقاعد بالبرلمان. وظل بنكيران متشبثا بما أسميته، في محاضرة بفاس قبل تعيين العثماني خلفا له، بالشطط في استعمال المقاربة العددية، دون أن ينتبه إلى المستجدات المتسارعة في المحيط الإقليمي والعالم ولم يستوعب كيف أن أحزاب الحكومات الإسلامية دخلت إلى المستودعات السياسية، وهو ما لم يتقبله فأثار الغبار والحصى كما تفعل السباع الجريحة. > لماذا كانت رسائله غير ودية تجاه الجميع، مع الخصوم والحلفاء إبان إشرافه على تشكيل الحكومة والآن مع أعضاء حزبه. > كل ما يقوم به بنكيران هو للفت الانتباه وكأن لسان حاله يقول للجميع (أنا مازلت موجودا ويجب أن تأخذوني بعين الاعتبار)، فاعلا سياسيا، ومتحكما في زمام العدالة والتنمية، ليس فقط في القطاع الشبابي بل في جزء مهم من القيادة، وفي رسائل أخرى يريد أن يبين لمن يهمهم الأمر بأنه مازال صالحا للاستعمال لإيجاد الحلول للقضايا العالقة التي ترهن البلاد، وأنه مازال في خدمة الدولة (إذا أرادتني فأنا موجود) ولا شك أن الأسد عندما يطرد من عرينه تكون له ردود أفعال غير محسوبة، كما هو الحال بالنسبة إلى تصريحات بنكيران الموجهة للجميع، خاصة تجاه من يعتبر أنهم نصبوا له الفخاخ القاتلة، في مقدمتهم الاتحاد الاشتراكي، إذ لم يتردد في وصف انتخاب حبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب بالمؤامرة. > هناك من يعتبر أن في تصرفات بنكيران أعراض النهاية السياسية لشخصه، هل تتفقون مع هذا الطرح؟ > قد يكون ذلك استنتاجا صائبا، لكن هناك الوجه الثاني للعملة الذي يرتكز قاعدة مفادها أن كل رجل سياسة كيفما كانت طبيعته ومهما وصلت حنكته ومنجزاته لابد أن يقاوم السقوط، خاصة في المغرب والعالم العربي عموما، حيث تنعدم ثقافة الابتعاد عن السلطة من أجل تجديد الرؤى ونقد الذات ويتشبثون بتلك النظرة الأحادية التي يعتبرونها الحقيقة المطلقة. (*) أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد بنعبد الله (فاس) أجرى الحوار : ياسين قُطيب

الأسد الجريح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

للعشق جنون على إم بي سي بوليوود

مجهولون يطلقون الرصاص على ركاب سيارة

مقالات ذات صلة