الشعباني: انهيار منظومة الأخلاق

< ما هي قراءتكم لظاهرة النصب على المسؤولين الكبار؟ < عملية النصب والاحتيال أصبحت ظاهرة منتشرة في مجتمعنا، لكن يجب أن نعرف أن النصاب لا يختار من سينصب عليه، وفي هذه الحالة قد يكون من المسؤولين والشخصيات العامة أو من الأشخاص العاديين. ويظل استهداف المسؤولين الكبار ذا مردودية كبيرة لأن الشخص الذي ينصب يتمكن من تحقيق غاية مادية واعتبارية. فالغاية الأولى تتجلى في أن النصب على الكبار يتعلق بمضمون مادي ومنفعي والغاية الثانية تتمثل أنه يعتبر نجاحه في النصب على ذلك المسؤول الذي يتمتع بمنصب كبير في المجتمع انتصارا رغم علو شأنه، وهو ما يجعل المتهم ينتشي بعمليته التي يعتبرها أنها تندرج ضمن تفوق ذكائه على الضحية الذي ليس مواطنا عاديا. < هل النصب على الكبار دليل على أنهم جاهلون بالقانون الذي من المفترض أن يتميزوا فيه عن غيرهم؟ < القضية لا تتعلق بمدى وعي الضحية بالقانون أو جهله به، لأن النصاب يتوفر على حيل وخطط تتميز بالخدعة التي يمكن بواسطتها الإيقاع بضحاياه. إذ كان الضحية الذي يشغل منصب المسؤولية على دراية كبيرة بالقانون فإن النصاب يستعمل وسائله الخاصة أثناء استهداف ضحاياه وهو ما يتمكن منه في الأخير، لذلك يجب توضيح مسألة مهمة وهي أن الضحية سواء كان يعرف القانون جيدا أو كان يتمتع بمستوى دراسي عال فإن النصاب له من الوسائل ما يجعله يوقع بضحاياه في شركه. < هل يمكن القول إن انتشار النصب دليل على أن المنظومة القانونية لم تنفع في تحصين المجتمع المغربي من هذه الظاهرة؟ < الخلل لا يكمن في المنظومة القانونية بل يتمثل في المنظومة الأخلاقية، لأن ضحية النصابين والمحتالين هو قبل كل شيء ضحية الثقة الزائدة في الآخرين. ومن خلال الثقافة الشعبية أو من خلال الأغاني المغربية ومن بينها أغنية "حضي راسك ليفوزوا بيك القومان" للراحل السلاوي، هي دعوة لعدم الوقوع ضحية للثقة الزائدة في الناس. والمجتمع المغربي تربى على ميزة تتمثل في ضرورة وضع الثقة في الناس، وترجمة ما تربينا عليه بالشكل الزائد عن حده أدى إلى الوقوع ضحية للنصب المبني على الثقة العمياء في الآخرين. "صاحب النية الحسنة وسيئها لا يلتقيان" ومعناها أن علاقتهما لا يمكن أن تستمر طويلا لأن النصاب لابد أن يخدع الذي يثق فيه، وهذا ما نلاحظه أيضا حتى في المجتمع المغربي، ففي فرنسا على سبيل المثال لا الحصر، هناك العديد من الفرنسيين من يتعاملون مع المهاجرين بحسن نية، فيما أولئك الأجانب يستغلون ثقة مواطني البلد في النصب عليهم، إلى درجة جعلت الفرنسيين يطلقون عبارة "هذا عمل العرب" عندما يكون هناك عمل سيئ الجودة أو تحايل في أداء المهام أو نصب على الآخرين. أجرى الحوار : محمد بها * أستاذ باحث في علم الاجتماع

الشعباني: انهيار منظومة الأخلاق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لمنور ولمجرد مرشحان لـ "أفريما"

ملف الصباح... النـصـب عـلى الكـبـار

مقالات ذات صلة