استقالة العماري… الزلزال

حصاد الحراك ينذر بإعادة رسم الخارطة السياسية فتحت استقالة إلياس العماري من الأمانة العامة للأصالة والمعاصرة ارتدادات خطاب العرش على كل الاحتمالات، إذ بغض النظر عما إذا كان نزوله من قيادة «الحرار» قرارا مفروضا أم خيارا شخصيا، فإن المبادرة غير المسبوقة في التاريخ السياسي للمغرب حملت إشارات إلى أن الأيام القليلة المقبلة تحمل في طياتها أخبارا غير سارة لباقي الأحزاب. ولا يبدو أن خطاب ذكرى ثورة الملك الشعب سيقطع مع خطاب العرش الذي أعطى الكلمة للأصوات الغاضبة من الأحزاب وفتح المجال أمام عموم المواطنين لمحاسبة كبار المسؤولين، الذين تقاعسوا في القيام بعملهم أو ارتكبوا أخطاء أو دخلوا في دوامة التلاعب بالصفقات العمومية أو خانوا الأمانة الملقاة على عاتقهم. زعماء تنتظرهم "ثورة الملك والشعب" تقاعست أحزابهم وتورط منتخبوهم في خيانة الأمانة والاسترزاق من الصفقات العمومية كلما اقترب موعد خطاب ملكي بمناسبة عيد وطني يتحسس كبار مسؤولي الدولة من ولاة وعمال وسفراء، ومديري مؤسسات عمومية، وزعماء أحزاب ونقابات ومجالس وطنية أعلى، رؤوسهم من أن تطولها ارتدادات خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب ليلة الـ 20 من الشهر الجاري. وفتح الملك بخطاباته النارية، التي كان آخرها خطاب عيد العرش، المجال للمواطنين لفضح كبار المسؤولين، الذين تقاعسوا في القيام بعملهم، أو ارتكبوا أخطاء، أو دخلوا في دوامة الكسل والتلاعب بالصفقات العمومية، أو اختلسوا أموالا، أو خانوا الأمانة الملقاة على عاتقهم، إذ وبخ الملك في أكثر من مناسبة هؤلاء المسؤولين، في خطاباته، بل مارس صلاحياته بإعفاء عدد منهم الذين سبق له أن عينهم حينما توصل بشكايات من المواطنين، وهو الذي يتجول في شوارع وأزقة المدن والمداشر والقرى. ووبخ الملك في مجلس وزاري، وبشكل حاد في سابقة أولى من نوعها أعضاء الحكومة، لأنهم تسببوا في تأخر أشغال برنامج الحسيمة منارة المتوسط، ومنع الوزراء من الاستفادة من عطلتهم الصيفية، كي يواصلوا عملهم الميداني لتسريع وتيرة الأشغال التنموية، وتفادي الإكراهات المتعلقة بنزع الملكية وتضارب المصالح، وإلقاء اللوم على الآخرين بتبرير الفشل الواضح في القيام بالمهام، إذ اتضح أن هناك سوء تدبير إداري بالتأكيد في التقارير أنه حصل تقدم في الأشغال أو أنها في طور الانتهاء، وهو ما يخالف الواقع الميداني الذي يؤكد وجود تأخر كبير أو غياب مطلق لمشروع تنموي ما، ما يدفع المواطنين إلى الاحتجاج. واتضح غياب تنسيق مع كافة مؤسسات الدولة، من الوزير وإدارته المركزية بالرباط، إلى الوالي والعامل، مرورا بالمصالح الخارجية للوزارة الإقليمية والجهوية، وكذا رؤساء ومنتخبي المجالس الجهوية، ومجالس الأقاليم والعمالات، ومجالس الغرف المهنية، ومديري المراكز الجهوية للاستثمارات، ومسؤولي برنامج التنمية البشرية، ومسؤولي جمعيات المجتمع المدني، ما يجعل العمل المنجز من قبل كل مؤسسة على حدة، عشوائيا في كافة القطاعات الإنتاجية والخدماتية، غير منتج للقيمة المضافة اقتصاديا واجتماعيا. ويعيش رؤساء الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية الذين تجاوز أغلبهم سن التقاعد، ولا يحق لهم بالتالي رئاسة وتمثيل الطبقة العاملة، على أعصابهم، خوفا من تقريع جديد في خطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت المقبل، إذ أن أغلب زعماء الأحزاب والنقابات وقادتها، عملوا على تقوية مركزهم من خلال إنشاء شبكة من الزبناء عبر منحهم بطاقة الانتماء ، يقدمون لهم خدمات بتوفير فرص عمل في الإدارة على الخصوص، وتعيين في المناصب العليا في المؤسسات العمومية، أو منحهم صفقات عمومية وبذلك يتحلق هؤلاء حول القادة يدافعون عنهم ليس باعتبارهم قدموا خدمات للبلاد، ولكن لأنهم ساعدوهم على تحقيق رقي اجتماعي. وهذا التحول البنيوي في وظيفة الأحزاب والنقابات نحو تبادل المنافع الذاتية، هو ما أدى إلى تقلص الثقة، ونشر الشك في العمل السياسي من قبل المواطنين، وزاده الأمر استفحالا تواطؤ السلطات المحلية لمؤسسة الوالي والعامل، بدعوى وجود تعليمات صادرة من الرباط. إن انتشار سلوك الفردانية في تحقق المنافع، هو ما تسبب في تحويل المشاريع التنموية للمواطنين، إلى مشاريع تستفيد منها قلة قليلة من الذين يحصلون على معلومات لولوج صفقات عمومية، بطرق ملتوية، ودخول عالم “ لهموز” عبر اقتناء أراض فلاحية بأثمان بخسة، حينما يعرفون جيدا أنها ستدخل المدار الحضري لتصبح عمارات تباع شققا ومحلات تجارية وسمسرات، وبيوعات بالمزاد العلني، وتباع القيم والمبادئ بشعارات فارغة من قبل قادة وزعماء الأحزاب والنقابات، وجمعيات المجتمع المدني، ورجال سلطة ومنتخبين برلمانيين، ومحليين جهويين . "مولا نوبة" ينتظر الشعب المغربي أن يغادر حميد شباط، الأمين العام الحالي للاستقلال، خلال العام الجاري، جراء خوضه معارك وهمية باسم الآخرين، وبمراكمة الأخطاء السياسية القاتلة، وكذا عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، الذي أكمل ولايتين، وطلبه الثالثة يعد خرقا قانونيا، لأن فن الخطابة الذي يمتلكه لا يحل مشاكل المواطنين في القرى والمداشر والجبال، ومحمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام الحالي للتقدم والاشتراكية في المؤتمر المقبل 2018، والقيدوم امحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية الذي تحكم في الحزب مدة 31 سنة، وذلك في مؤتمر 2018، وقبله غادر صلاح الدين مزوار رئاسة التجمع الوطني للأحرار، وغادر إلياس العماري، أمين عام الأصالة والمعاصرة. أحمد الأرقام

استقالة العماري… الزلزال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وزراء متهمون بتزوير دبلومات

الليمون يحد مشاكل الهضم

مقالات ذات صلة