دومينيك ستروس يرتب عودته إلى الساحة السياسية

خرجته الإعلامية أكدت أن فضائحه الجنسية لم تنه طموحاته ظهر دومينيك ستروس كان، المدير السابق لصندوق النقد الدولي لأول مرة في حوار تلفزيوني على القناة الأولى الفرنسية، بعد انفجار قضية نفيستو ديالو التي هدت مستقبلة المهني والسياسي، في صورة إنسان عاد يسعى أن يثير تعاطف الفرنسيين معه من خلال تقديم نفسه كضحية جراء خطأ قاتل في مساره السياسي وصفه «بالأخلاقي». أكد وزير الاقتصاد السابق على عهد الحكومة الاشتراكية لجوسبان في حوار عزمه على الابتعاد عن المسؤوليات وعلى رأسها المسؤولية السياسية، مستوعبا بذلك الرسالة التي مررها له الفرنسيون من خلال استطلاعات رأي أبرزت تعاطيهم السلبي مع أي عودة محتملة له إلى الحياة السياسية.وجلوسه أمام الفرنسيين لم يكن الغرض منه العودة المستعجلة للعمل السياسي، فهو يحاول أن يجدد التواصل مع مواطنيه حتى يكون بدماء جديدة، يأمل من خلالها طي صفحة ماضيه، وإن كان يتألم لذلك كثيرا كما حاول أن يعكس من وراء الكلمات التي وظفها في تدخلاته، على أن يعود للحياة السياسية في وقت لاحق لربما بعد رئاسيات 2012.يعرف ستروس كان «بالدابة السياسية»، أي أنه من الكائنات السياسية التي تتمتع برغبة جامحة في أن تلعب أدوارا طلائعية في تسيير الشأن العام الفرنسي، فلأول مرة يعترف بعظمة لسانه أنه كان ينوي التقدم لرئاسيات 2012، ما يعني أنه ضيع فرصة العمر بالنسبة لأي سياسي من طينته، خصوصا لما نعلم أنه كان الأوفر حظا للفوز بها، وبفارق كبير عن منافسيه وفي مقدمتهم ساركوزي.والكل يذكر الطريقة التي عاد بها إلى فرنسا، إذ كانت مرتبة بشكل يعيد لذاكرة الفرنسيين أنه لم يغتل سياسيا، وأن شهيته تظل مفتوحة للانخراط في تدبير شؤون بلاده، وهو ما عبره عنه في حواره المتلفز مع الصحافية كلير شازال، حيث لم يخف تطلعه في «خدمة الفرنسيين»، وأن يكون لشخصه جدوى في المستقبل. ستروس كان ما بعد قضية نفيستوالسؤال المطروح اليوم، ما هو الدور الذي يريد أن يلعبه ستروس كان في المستقبل؟، تحدث عن دخوله في عطلة في انتظار ما تحمله الأيام، إلا أن مؤهلاته الاقتصادية مطلوبة في الظرف الحالي، سيما في بحر أزمة اقتصادية تعيشها ليس فرنسا لوحدها وإنما القارة العجوز جمعاء، وهو ما قد يجبر مرشح الاشتراكيين للرئاسيات القادمة على الاستعانة به في أي لحظة.صحيح أن مرشحي التمهيديات الاشتراكية الأولى من نوعها في فرنسا، فضلوا أن يضعوا أنفسهم على مسافة من وزير الاقتصاد السابق، لأن تأييده لأي مرشح معين يمكن أن يسبب له الأذى جماهيريا، بالنظر إلى شعبيته المتدهورة في أوساط الفرنسيين.ولم يبد هؤلاء المرشحون استعدادهم لدمج المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي في صفوف فرقهم، درءا للمخاطر التي قد تهدد ترشيحاتهم، رغم أن الجميع يعترف بكفاءاته في الملفات الاقتصادية، زد على ذلك تجربته السياسية.لكن الاشتراكيين قد يعولون عليه في الملف الاقتصادي، ولو في الظل، لأجل طرح بدائل سياسية اقتصادية حقيقية، علما أنه انتقد بطريقة خاصة الحكومة الفرنسية على المنهجية التي تدار بها الملفات الاقتصادية، متمنيا فوز اليسار في الرئاسيات المقبلة.ويعي ستروس كان نفسه ومعه دائرته الضيقة جيدا أن الظرف لا تسمح بعودة قوية بالصورة التي يمكن أن تعيد له بريقه في الساحة السياسية الفرنسية، وبالتالي يعملون على ترتيب عودة يمكن من خلالها استعادة قوته السياسية تدريجيا كرقم مهم في المعادلات الكبرى التي تهم مستقبل فرنسا انسجاما مع طموحاته السياسية.ستروس كان والحزب الاشتراكياستأنس الاشتراكيون بغياب ستروس كان، وتلمسوا الطريق نحو منافسة ساركوزي في الرئاسيات المقبلة بدونه، وبرز اليوم اسم فرانسوا هولاند،لو صدقنا استطلاعات الرأي،كمرشح أول للفوز في سباق الإليزي القادم، ويتجنبون في كل المناسبات الحديث في موضوعه حتى لا يشغلهم منافسوهم السياسيون عن الأسئلة الحقيقية للمجتمع الفرنسي والتي ينتظر إجابات سياسية عنهاوحتى رجالات ستروس كان لم يكن بإمكانهم البقاء على هامش قطار حزبهم في انتظار غودو. غالبيتهم اختارت مساندة فرانسوا هولاند، كما هو الحال بالنسبة إلى أحد أبرز مناصري وزيره، بيير موسكوفيسي، الذي كان مسؤولا على حقيبة الشؤون الأوربية في حكومة جوسبان، وفوضه هولاند اليوم مهمة إدارة حملته.ونظرا للاتفاق الذي كان حاصلا بين أوبري وستروس كان، قبل أن تنفجر قضية فندق سوفيتل، والذي كان يسير في اتجاه دعم الأمينة العامة للحزب الاشتراكي للمدير السابق لصندوق النقد الدولي في تمهيديات الحزب، فإن أي عودة سياسية للأخير ستصب في منحى أوبري، إلا أن أقرب معاونيها يخشون من أن تلعب هذه العودة ضدها.وعبر ستروس كان عن امتنانه لتعاطف أوبري معه دون أن يكشف بوضوح عن دعمه للأمينة العامة للحزب الاشتراكي في هذا اللقاء التلفزي، ربما للاعتبارات المذكورة نفسها أو للحفاظ على علاقاته مع باقي المرشحين بشكل يضمن له التمسك بشعرة معاوية في استئناف العمل السياسي في حالة فوز مرشح آخر غير زعيمة الاشتراكيين في الانتخابات الداخلية للحزب.ستروس كان...الزوج الخائنتابع الفرنسيون كيف ساندت الصحافية آن سانكلير زوجها ستروسكان في محنته، رغم أن العلاقة التي تورط فيها الثاني، وإن كانت بتوافق مع نفيستو ديالو، كما ظل يردد طيلة انفجار هذه القضية، تمس في عمق مشاعرها، إن لم تكن إهانة لها في كرامتها كامرأة.ستروس كان تحدث عنها في هذا اللقاء التلفزيوني بالكثير من الإعجاب لما قدمته له من دعم للخروج من هذه الورطة التي أسقط نفسه فيها، إذ كان يشعر أنه موجود بين فكي آلة قضائية أمريكية، لم يكن يعرف المصير الذي سيؤول إليه. لقد شعر «بخوف كبير» بحسب تعبيره.مساندة آن سان كلير لزوجها كانت بشكل «مجنون» على حد قول زوجها، ولم يكن يعلم مصيره بدون هذا الدعم،حتى أن تحركاته في الولايات المتحدة في خضم متابعته القضائية كانت بتمويل من زوجته التي يعرف عنها أن تتحدر من عائلة ثرية، وتملك ثروة مهمة.ما الذي جعل هذه الصحافية، التي حاورت الراحل الحسن الثاني في مقابلة شهيرة،أن تشد على يد زوج خائن؟، هل هو الحب الذي سما بارتباطها به للقفز عن علاقة جنسية عابرة؟، أم الأمر فيه تكتيك من النوع المتعارف عليه لعدم التحطيم النهائي للمستقبل السياسي للأخير، بناء على اتفاق مسبق، على أن يأخذ كل منهما طريقه الخاص به في وقت لاحق؟. بوعلام غبشي (باريس)

دومينيك ستروس يرتب عودته إلى الساحة السياسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النظام الفدرالي مخرج سياسي لقضية الصحراء

عدوى الربيع العربي تنتقل إلى مناطق العالم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات