حيلة الباشا لكلاوي للظفر بـ “الشيخة”

العيوط... رحلة مع أشهر الشيخات «الشيخة» ليست فنانة مبتذلة، كما يخيل إلى البعض، وفن العيطة تراث مغربي أصيل، وصورة لهوية مغربية أبدعت قصائد وألحانا وأداء.. العيطة إرث تاريخي وثقافي، مثلها مثل باقي الألوان الموسيقية الأخرى، لكنها فن ووعاء لكل قضايا الأرض ووجدان الإنسان المغربي. حاول الاستعمار ابتذالها، فسلط «القياد» عليها، لكنها لم تستسلم، إذ ظلت الحناجر في القبائل تصدح بالأغاني. تجاهلتها الحركة الوطنية وسهت عن دورها، فأنجبت شيوخا وشيخات وقصصا إنسانية نادرة. في الحلقات التالية ينقب عبد السلام غيور، موسيقي، باحث في التراث الموسيقي، عن درر فن العيطة، ويكشف أهم شخصياتها وقصصها الإنسانية، ويرسم خارطة انتشارها بدءا من جبال الريف إلى تخوم أفيلال.. رحلة ممتعة في عالم يستحق أكثر من دراسة. الحلقة الخامسة ابن الصدر الأعظم المقري احتجزها مدة طويلة في إحدى دوره بالرباط احتلت «الكارم» مكانة هامة في المجتمع، وانطلق صوتها وعزفها في أداء أروع القصائد لعمالقة الطرب، مثل محمد عبد الوهاب، وقصيدة أراك عصي الدمع شيمتك الصبر لأم كلثوم، وفريد الأطرش وغيرهم، لكن كان للفنانة أسمهان مكانة في قلبها حيث كانت تتأسى بها على مستوى التأنق في الشكل والملبس ولهذا كان الاهتمام المفرط بالهندام. وكانت حريصة دائما أن يكون مظهرها يعكس حضورها الفني الراقي، وهي تتزين بالحلي. كان العيش في كنف الباشا لحريزي عاملا ساهم في فتح فضاءات أوسع كي تتعرف على العديد من الشخصيات الهامة، ومنهم الحاج عبد الرحمان الدكالي الذي ظل يكن لها حبا جنونيا، ولا يستطيع أن يتزوجها لأنها «شيخة»، ومن شأن ذلك أن يشكل فضيحة في أوساط رباطية يعتبر فيها الزواج مشروعا استثماريا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. دفع الوعي الشقي تجاهها عبد الرحمان المقري، ابن الصدر الأعظم المقري إلى احتجازها لمدة طويلة في إحدى دوره بالرباط، ولو لم تلجأ أمها إلى أحد العاملين بالقصر الملكي لما أفرج عنها، وعند عودتها إلى بني ملال ظل الحاج عبد الرحمان مواظبا على زيارتها في بيتها بشارع تامكنونة، مما سبب له عدة مشاكل مهنية، وإثرها تم تعيينه قاضيا بمنطقة ب»حد كورت»، وذلك باعتباره خروجا عن التقاليد والأعراف، كما كان له الفضل في قيامها بمناسك الحج. ستغادر إلى بني ملال، وهي محترفة الغناء والعزف، وشاءت الأقدار أن تعود المبدعة إلى مدينتها، وهي محملة بكل هذا الرصيد الغنائي الكلاسيكي، بعد مجالسة كبار الأعيان حيث كان سائدا في تلك الفترة حيازة «الشيخات» هو نوع من الانتصار الرمزي بين الخصوم، فالباشا لكلاوي بعد إخباره عن وجود مغنية رائعة عند الباشا لحريزي دفعه فضوله ليبتكر حيلة من أجل حضورها إلى مراكش، فوجه الدعوة إلى الباشا لحريزي لزيارة مراكش، والاستمتاع بجمالها وهكذا وصلت الفنانة عائشة الكارم إلى مراكش، واستقرت بأحد القصور، وقضت سبعة أيام وهي تعزف وتغني إلى جوار أجواق موسيقية أخرى وفرق غنائية تقليدية متعددة من أنحاء المغرب أعذب الألحان، وعاشت خلال هذه المدة أجمل أيامها، وحكت أنها كانت تستحم في ماء العطر، وتتناول الأطباق على اختلاف أنواعها وأشكالها. كما تعرفت على القايد العيادي بمنطقة قلعة السراغنة، وكانت تكن له الاحترام والتقدير، والباشا حسن بمنطقة خنيفرة الذي دعاها لتكون من بين المستقبلين للمغفور له محمد الخامس أثناء زيارته لمنطقة خنيفرة، وباشا خريبكة. وعادت إلى مدينتها التي تعبر عن جذورها وأصلها وهويتها، فتفننت في أداء أهم العيوط الملالية، خصوصا أن فترة اعتلائها قمة الغناء بالمنطقة صادفت وجود أمهر عازفي الكمان، خصوصا الفنان الشيخ خليفة ولد شطو الذي كون معها ثنائيا يجمع جودة العزف وقوة في الأداء الغنائي بصوتها الجميل الصافي. و بذلك صدح صوتها وتألق نجمها وشكلت الاستمرار لأختها دامية التي ظلت مغمورة عند عامة الملاليين، فغنت رائعتها:»القبائل جتها من اللورا...مزينها يك بصورة... والت في هذه الدورة...العيشة حارة محرورة... خسروا زينت الصورة... هز النكش المنكورة». خالد العطاوي

حيلة الباشا لكلاوي للظفر بـ “الشيخة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إعادة التحقيق في قتل حامل وتمزيق جنينها

مـــواقع سياحـــية

مقالات ذات صلة