الهينـي: قضـاة الشـارع نتـاج الجهـل المعرفـي

الخبير الدولي قال إنه لا يجوز تطبيق قانون الصحافة على المتورطين وإنما القانون الجنائي لخطورة الأفعال المقترفة اعتبر محمد الهيني، الخبير الدولي في قضايا العدالة وحقوق الإنسان، أن كتائب البودكاست أو قضاة الشوارع انتشروا بكيفية ملفتة في العالم الرقمي خلال الحكومة السابقة وكانوا محسوبين على حزب العدالة والتنمية "كتائب فرسان الإصلاح"، وأضاف الهيني في حوار مع "الصباح" أنه لا مجال لتطبيق قانون الصحافة والنشر على البودكاست، لأنهم ليسوا صحافيين ويجب أن يحاكموا طبقا للقانون الجنائي لأن السماح بتطبيق قانون الصحافة على غير الصحافيين سيميع الصحافة وسيجعلها بدون ضابط ولا معيار، وسيجعل من كل شخص أراد أن يهاجم جهة أو مؤسسة يتخفى وراء جبة الصحافي لتمرير جريمته. < طغت في الآونة الأخيرة على المشهد العام ظاهرة البودكاست، أو ما يعرف بقضاة الشارع، كيف تفسرون ذلك؟ < إننا نعيش ثورة رقمية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بحيث أصبحت وسائل الاتصال والوسائط الالكترونية وفضاءات التواصل الاجتماعي، فضاءات للنقاش العمومي وتبادل المعارف والمعلومات والأفكار والأخبار، وباتت تشكل آلية للتعبئة والتأثير على الأفراد والمجموعات من خلال إفراز جماعات أو قوى ضغط سياسي أو مجتمعي أو ديني تحاول صناعة رأي عام وتوجيهه لخدمة مصالحها. وطبيعي أن يكون لانتشار ظاهرة البودكاست في هذه الفضاءات جوانب سلبية لأن بعضا من أصحابها أو ممتهنيها لا يتقيدون بواجب احترام القانون والأخلاق لأنهم جعلوا منها منصة لإطلاق أحكام قيمية على المجتمع أو الدولة أو المؤسسات، إما بالتشكيك والاتهام أو التخوين أو بالافتراء وفبركة ملفات وإطلاق الإشاعات على الحياة الخاصة أو العامة للأفراد والشخصيات دون دليل أو تمحيص للآثار السلبية الناجمة عن ذلك رغم اندراجها ضمن الجريمة المعاقب عليها . < ماهي في نظرك أسباب الظاهرة؟ < ترجع أسباب الظاهرة إلى عدم التمكن المعرفي والقانوني بمخاطر النشر والجرائم المترتبة عن ذلك، وسوء فهم حرية التعبير، والتوسع والتمطيط في مفهوم مناهضة الفساد، واتهام الدولة والمؤسسات والإدارات والمسؤولين بالقصور والعجز عن الوفاء بواجباتهم والتزاماتهم الوظيفية، وقصور أجهزة الرقابة والقضاء عن ملاحقة الفساد والمفسدين وانتشار ظاهرة الإفلات من العقاب، وظاهرة المنافسة بين البودكاست في نيل إعجاب المشاهدين وتحقيق أكبر قدر من رضا الجمهور والرغبة في الشهرة أمام سهولة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي والولوج إليها، ومواجهة "عنف الدولة "وفق تصورهم بعنف آخر، والرغبة في رد الاعتبار للقانون من خلال الانتقاد والتقريع. < يحمل البعض للحكومة السابقة مسؤولية وجود ذلك من خلال استغلالها في الحروب السياسة؟ < فعلا، يسجل المراقبون أن كتائب البودكاست أو قضاة الشوارع انتشروا بكيفية ملفتة في العالم الرقمي خلال الحكومة السابقة وكانوا محسوبين على حزب العدالة والتنمية "كتائب فرسان الإصلاح" وهم شباب مجندون لتصريف مواقف ضد الأحزاب الأخرى التي يصفونها بالمعادية لإصلاحهم ويتهمون مسؤوليها أو أعضاءها أو غيرهم من المثقفين بالكفر وعدم الصلاح والرشوة، من خلال فبركة فيديوهات أو صور أو نشر مواقف أو أفكار مغلوطة أو زائفة، لتحطيم الخصوم وإضعاف الثقة فيهم مقابل رفع تعبئة جمهورهم باعتبار حزبهم حزب الصلاح الذي يحارب من قبل الدولة العميقة وخصوم الإصلاح . والأخطر من هذا أن هذه الكتائب كانت تنشر الفتنة والتفرقة بين أبناء الوطن بمواقفها المتطرفة وغير المتسامحة والتي تنبذ التسامح والحوار والحق في الاختلاف . وكلنا نتذكر التدوينات الحاضة على القتل والإرهاب وتمجيد قتل السفير الروسي بتركيا. < من منظوركم القانوني كيف يمكن علاج الظاهرة؟ < يمكن علاج الظاهرة من خلال التوعية الصحيحة لمخاطرها والعقوبات الجنائية المترتبة عنها، وعدم التساهل قانونا مع تجاوزاتها، ونذكر هنا أن اعتقال المشيدين بقتل السفير الروسي بتركيا ساهم بشكل كبير في التنبيه لخطورة هذا الفكر المتطرف إلى جانب الدور الوقائي والاستباقي والزجري في محاربته و من ثم محاصرته، ويقع على الأسرة والمدرسة والجامعة والإعلام دور كبير في تثبيت أسس التربية على احترام القانون والأخلاق والمجادلة بالحسنى ودعم حرية التعبير في إطار الحق في الاختلاف والتسامح واحترام الرأي الآخر وصيانة مبادئ العيش المشترك. وهنا يجب التـأكيد كدروس للتوعية الصحيحة على أنه لا يجوز للشخص أن ينتزع حقه بنفسه لأن عهد العدالة الخاصة وشريعة الغاب قد ولى وأن بإمكان أي متضرر من فعل عمومي أو خاص أن يلجأ للقضاء باعتباره الحامي للحقوق والحريات، لأن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون طبقا للفصل 118 من الدستور. كما أنه يجب على جميع المواطنين والمواطنات احترام الدستور والتقيد بالقانون، ويتعين عليهم ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات طبقا للفصل 37 من الدستور . فالقانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. جبة الصحافي < من وجهة نظري شخصيا أنتصر للمجال الشخصي وليس الموضوعي فلا مجال لتطبيق قانون الصحافة والنشر على البودكاست لأنهم ليسوا صحافيين ويجب أن يحاكموا طبقا للقانون الجنائي، لأن السماح بتطبيق قانون الصحافة على غير الصحافيين سيميع الصحافة وسيجعلها بدون ضابط ولا معيار، وسيجعل من كل شخص أراد أن يهاجم جهة أو مؤسسة يتخفى وراء جبة الصحافي لتمرير جريمته، فضلا عن أنه يتعين تحديد نطاق الجرائم الصحافية من الناحية الموضوعية بإخراج بعض الجرائم من مشمولاتها كالجريمة الإرهابية، وأخيرا يتعين أيضا قصر الجريمة الصحافية على جريمة الرأي وفق أصول الراي والكتابة الصحافية وليس أي منتوج كيفما كان يمكن إدخاله في هذا المفهوم . أجرت الحوار: كريمة مصلي

الهينـي: قضـاة الشـارع نتـاج الجهـل المعرفـي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فرنسا ودول غرب إفريقيا تعلن تشكيل قوة عسكرية

الظاهرة "الميلودية"... "البوز" على حساب السمعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات