مستوى نمو الأضعف منذ الخمسينات

برادة أستاذ المالية العمومية قال إن الحكومة السابقة قلصت تكاليف الدعم اعتبر عبد القادر برادة، أستاذ الاقتصاد المالي والمالية العمومية، أن الحكومة السابقة توفرت لها مجموعة من العوامل الإيجابية، مثل تحقيق موسمين فلاحيين استثنائيين وآخرين متوسطين، إضافة إلى 5 ملايير دولار من الإعانات الخليجية، كما أن أسعار المحروقات تراجعت بشكل ملحوظ، خلال الخمسية الأخيرة، لكن رغم ذلك، فإن متوسط معدل النمو لم يتجاوز 3.2 %، ما يعتبر الأضعف منذ نهاية الخمسينات، باستثناء سنوات التقويم الهيكلي. < ما تقييمكم للتجربة الحكومية الأولى بعد الإصلاح الدستوري؟ < لا بد من الإشارة، بداية، إلى أن الفترة الممتدة بين 2012 و 2016، تميزت بتضافر عدد من العوامل الإيجابية، منها توالي محصولين فلاحيين استثنائيين، خلال 2013 و 2015، ومتوسطين في موسمي 2012 و 2014. كما خصصت دول مجلس التعاون الخليجي، خلال الفترة ذاتها، هبات بالعملة الصعبة لم يسبق لها مثيل، إذ وصلت إلى 5 ملايير دولار، إضافة إلى ذلك عرفت أسعار النفط انخفاضا ملحوظا، خلال خمس سنوات الأخيرة. لكن رغم كل هذه العوامل الإيجابية، فإن متوسط معدل النمو السنوي لم يتجاوز 3.2 %، وهو المستوى الأضعف منذ نهاية سنوات الخمسينات، إذا استثنينا العشرية التي عرفت إصلاحات التقويم الهيكلي (1983-1992). ويعتبر أقل بكثير من المستوى المسجل، خلال خمس سنوات التي سبقت ولاية الحكومة السابقة، التي سجل خلالها متوسط معدل نمو وصل إلى 4.3 %. وكان من الممكن الوصول إلى متوسط نمو، بالنظر إلى اجتماع عدد من العوامل الإيجابية، في حدود 4.7 %، ما يعني أن المغرب أهدر إنتاج 70 مليار درهم من الثروات. وعرف استهلاك الأسر ومعدل التكوين الخام للرأسمال، الذين يعتبران من بين محركات النمو الأساسية، تراجعا. < ماهي الأسباب، في نظركم، التي تعيق النمو بالمغرب، رغم العوامل الإيجابية التي أشرتم إليها سابقا؟ < من بين الأسباب التي يمكن سردها في هذا الباب، وجود شريحة من القطاع الخاص المهيمن، التي تعيش على الريع وعلى الامتيازات وتفتقر إلى روح المبادرة والابتكار والمخاطرة، وهي العناصر الأساسية تميز المقاول المنتج للثروات والتي تفتقر إليها هذه الشريحة، كما أن السياسة المالية المتبعة لا تأخذ بعين الاعتبار حاجيات التمويل لدى المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تعاني صعوبات عديدة في الولوج إلى مصادر التمويل. كما أن السياسة المتسرعة المعتمدة في تقليص عجز الميزانية، التي تأخذ مرجعها من النظريات النيوليبرالية تساهم أيضا في النتائج المتواضعة المسجلة على مستوى النمو. والتي، غالبا، ما يوصى بها من قبل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو الاتحاد الأوربي. < لكن هذه السياسة مكنت من تقليص عجز الميزانية واستعادة التوازنات، ألا يعد ذلك إنجازا؟ < بالفعل تم تقليص عجز الميزانية من 7.5 %، خلال 2012، إلى 4.3 % مع متم 2016، علما أن الأرقام الرسمية تشير إلى 3.5 %. لكن التقليص الملحوظ لعجز الميزانية، في غياب إرادة حقيقية لعقلنة القرار العمومي وتعزيز القدرات المؤسساتية، سيؤدي في نهاية المطاف، إلى إلغاء الدور الذي يلعبه الإنفاق العمومي في إعادة توزيع الثروات. بالموازاة مع ذلك، فإننا نلاحظ أن تقليص عجز الميزانية يوازيه ارتفاع ملحوظ في أداء خدمة الدين وشبه استقرار، إن لم نقل تراجعا، في نفقات الاستثمار. فإذا تتبعنا تطور نفقات الميزانية العامة للدولة، فإننا نلاحظ أنها ترتفع وتنخفض، حسب السنوات، لكن بقياسها بالناتج الداخلي الإجمالي، نلاحظ أن نسبتها ظلت، خلال 2011 و 2015، شبه مستقرة، إذ وصلت نسبها، خلال 2015، 30.8 % من الناتج الداخلي الإجمالي، مسجلة ارتفاعا طفيفا مقارنة بمستواها خلال 2011 (30.5)، بالمقابل عرفت نفقات التسيير، التي تمثل المكون الأساسي لنفقات الميزانية العامة، انخفاضا ملحوظا، إذ انخفضت نسبتها، خلال الفترة ذاتها، من 69 %، خلال 2012، و70 %، في 2013، إلى 59.7 %، مع متم 2015، أي انخفاض بعشر نقط مائوية. لكن هذا التراجع تحقق، بالدرجة الأولى، بتقليص نفقات دعم المنتوجات البترولية، في حين سجل ارتفاع ملحوظ في نفقات المعدات ومنتوجات مختلفة، أي النفقات المرتبطة بـ»مستوى عيش» إدارات الدولة. وهكذا لم تعد نفقات الدعم تمثل سوى 6.7 من إجمالي نفقات الميزانية العامة للدولة، مقابل 19.5 %، خلال 2012. كما تراجعت نسبتها أيضا في نفقات التسيير، إذ تراجعت إلى 11.6 %، خلال 2015، في حين كانت تمثل 28.1 %، خلال 2012. وأصبحت تمثل 2.1 % من الناتج الداخلي الإجمالي، مع متم 2015، بعد أن كانت نسبتها تصل إلى 6.5 %. وانعكس تقليص نفقات الدعم بشكل مباشر على أسعار المواد المدعمة، إذ ارتفعت، خلال 2013، بنسبة 2.3 %، خلال 2013، و2.4 % في السنة الموالية. وكان للزيادة في أسعار المحروقات انعكاس على أسعار المواد الأخرى، إذ ارتفع المؤشر العام لتطور أسعارها من 0.1 %، خلال 2011، إلى 2.9 %، خلال 2015، وارتفعت نسبة مساهمتها في التضخم بنصف نقطة مائوية، خلال 2015، في حين لم تكن تتجاوز 0.3 نقطة. وساهم هذا الارتفاع في تدهور القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المجتمع. أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي مستوى "عيش" الإدارة مرتفع < أشرتم إلى ارتفاع ملحوظ في النفقات المرتبطة بمستوى «عيش الإدارات العمومية»، ما هي تجليات هذه الزيادة؟ < من ضمن المظاهر التي تعكس أن الإدارات العمومية تعيش فوق مستوى إمكانيات الدولة، نجد النفقات المخصصة لسيارات الخدمة، التي عرفت ارتفاعا ملحوظا، خلال خمس سنوات الأخيرة، في أن التوجه الذي أعلن عنه هو تقليص هذه النفقات وعقلنة استعمال حظيرة سيارات الدولة، إذ سبق لرئيس الحكومة السابق أن ترأس، في 30 يناير 2013، لجنة وزارية، أنشئت خصيصا لهذا الغرض، لكن اللوبي الإداري المستفيد نجح في عرقلة هذا التوجه، ولم يعد الحديث عن هذه اللجنة حتى الآن. وهكذا، وبدل أن يتقلص عدد السيارات التي في حوزة الدولة وتتراجع تكاليفها، ارتفع عدد السيارات المستعملة من قبل مختلف الإدارات من 155 ألفا و 417 مركبة إلى 184 ألفا و 458، بزيادة بنسبة 18.7 %، إذ اقتنت الحكومة، خلال السنتين الأوليين من توليها المسؤولية 29 ألفا و 41 وحدة. وساهم ارتفاع حظيرة سيارات الدولة في الزيادة في تكاليف اقتناء الوقود، خاصة مع إلغاء الدعم، لكن يتم التستر على هذه النفقات، إذ لا يتم إدراجها بشكل واضح ضمن بنود ميزانية الدولة، على غرار نفقات الماء والكهرباء. وتظل ضمن أسرار الدولة التي يتم الاحتفاظ بها. وتمثل هذه النفقات، بناء على تقديراتي، حوالي 1.2 % من الناتج الداخلي الإجمالي. ويرجع الارتفاع في هذا الصنف من التكاليف إلى النفقات المخصصة للمحروقات والصيانة.

مستوى نمو الأضعف منذ الخمسينات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مشروع "هاكا" لمكافحة التمييز

محنة التأهل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات