حراك الريف: حقوقيون يطالبون بالحوار وحل معضلة البطالة

النشناش لم يخف إمكانية تفادي التصعيد في الشهور المقبلة دعت شخصيات حقوقية، الحكومة، إلى محاورة معتقلي الحراك الشعبي في الحسيمة، لبحث حلول توقيف الاحتجاجات، من جهة، والاتفاق على رزنامة قرارات تهدف إلى الالتزام بتنفيذ المشاريع الإنمائية التي تأخرت وكانت سببا في اندلاع شرارة الأحداث. وقال محمد النشناش، رئيس المبادرة المدنية من أجل الريف، إنهم زاروا الحسيمة لأجل الاستماع إلى السكان والناشطين بالحراك، وكذا إلى رأي المنتخبين والنقابيين والفاعلين الجمعويين، كما اتصلوا بالسلطات العمومية قصد الاطلاع على رأيها في الموضوع لجمع المعطيات الضرورية وصياغة تقرير متكامل وموضوعي. وحذر النشناش من خطورة ترك حراك الريف بدون قيادات، بعد حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت المحتجين، وتسببت في اندلاع وقفات ومسيرات في مدن كثيرة، معتبرا في ندوة نظمتها المبادرة أخيرا بالرباط، بعد زيارتها الميدانية إلى الحسيمة، أن الانزلاقات التي عرفتها الاحتجاجات السلمية حالات معزولة لبعض المتظاهرين يعمدون إلى المس بكرامة بعض الشخصيات والمسؤولين والرموز الدستورية، ما أدى إلى حدوث عنف وعنف مضاد، أسقط جرحى وضحايا من المتظاهرين ورجال السلطة. لكن النشناش لم يخف إمكانية تفادي التصعيد في الشهور المقبلة، عبر إعمال الحوار الذي يمكن أن يجري مع قادة الحراك الموجودين داخل السجون، إذ يستحيل محاورة غيرهم، مؤكدا أن فعاليات المبادرة المدنية من أجل الحسيمة، خلصت أيضا في مهمتها الاستطلاعية، إلى أن الحل يبدأ أيضا من إطلاق سراح المعتقلين، الذي أصبح أولوية تسبق تحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي وضعت جانبا، وصار الشعار والمطلب الوحيد هو إطلاق سراح المعتقلين من قبل مظاهرات سلمية لا تشكل أي خطر على الدولة، وأغلبية المشاركين فيها شباب تقل أعمارهم عن 20 سنة. الحكومة مسؤولة ولم يتردد النشناش، في تحميل الحكومة مسؤولية ضياع الوقت لتجاوز فعلي للأزمة الحالية، حاثا إياها على الإسراع في إغلاق هذا القوس قبل عودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي تساند الحراك ميدانيا ومعنويا، حتى لا ترتفع درجة حرارة الإصطدامات، وتتأثر السياحة وتتعرض التجارة إلى الكساد. وكشف النشناش، أن الزيارات الميدانية للمبادرة الحقوقية، أظهرت أن مركز طب الأنكولوجيا المثير للجدل، يعمل ويقدم خدماته، كما تتواصل الأشغال بأوراش مشروع الحسيمة منارة المتوسط. لكن أخطر مسبب فعلي للاحتجاج، حسب النشناش، هو ارتفاع نسبة البطالة في المدينة بشكل مهول، كما ضربت الأزمة قطاع الصيد البحري والميناء، في ظل غياب معامل ومصانع، وبعض الجامعات والكليات مما يضطر الطلبة إلى السفر إلى وجدة وتطوان، في وقت تراجعت فيه قيمة تحويلات الجالية المقيمة بالخارج. وينضاف إلى ذلك وعي جمعي وذاكرة حية بشأن التعامل الاستثنائي الذي استهدفت به الدولة المنطقة خلال فترة 1959/1999، وأمام محدودية نتائج جبر الضرر والمصالحة، وحوادث، من قبيل حقيقة سبب احتراق خمسة شباب في وكالة بنكية خلال 2011، والمس بنزاهة الانتخابات لتفرز نخبا لا مشروعية لديها، ما أدى إلى تراكم إحساس "بالحكرة"، فتفجرت الأوضاع بمقتل السماك فكري، ودون أن تصل التطورات، في الواقع، إلى وجود ميولات انفصالية. فرضية الانفصال غير حقيقية ومن جهته، كشف صلاح الوديع، عضو المبادرة الوطنية، الأسباب التي أججت الحراك وأشعلته وكادت تجعله يزيغ عن سكة الحراك السلمي، والتي اعتبر أنها تتجلى في تعثر تشكيل الحكومة لمدة سبعة أشهر، ما أدى إلى تأخر في حل المشاكل القائمة التي تراكمت بعد وفاة محسن فكري، وزادتها تصريحات الأغلبية الحكومية حدة حينما اتهمت قادة الحراك بالنزعة الانفصالية، فأدى ذلك إلى ارتفاع حدة الاحتجاجات. وعوض أن تنكب الحكومة على بحث الحلول وبدء حوار جاد ومسؤول، أخذت على عاتقها تطبيق المقاربة الأمنية حتى لحظة استمرار سلمية الحراك، وشنت حملات اعتقال عشوائية فتحول مسار المطالب والشعارات المرفوعة خلال المسيرات الاحتجاجية من مطالب اقتصادية واجتماعية وثقافية، إلى مطالب من نوع آخر وضعت ضمن أولوياتها إطلاق سراح المعتقلين. وقال الوديع إن التقرير الذي أعده فريق عمل المبادرة، استنادا إلى لقاءات بمختلف مكونات الحراك ومسؤولين من مختلف القطاعات، فضلا عن عائلات المعتقلين، وحضور إحدى المسيرات بالريف، خلص إلى أن الانزياحات اللفظية التي عرفتها بعض المسيرات، لم تؤثر بنيويا على الحراك، بل جاءت رد فعل على بطء التجاوب مع المطالب والحراك بصفة عامة، الذي رفض أعضاؤه السماح، لأي جهة كانت بالركوب على مطالبه، ما يفند بالتالي فرضيات وإشاعات الانفصال وخدمة الأجندات الخارجية. ونفى تقرير المبادرة الوطنية من أجل الريف، وجود تيار انفصالي ضمن الحركة الاحتجاجية المطلبية، مشيرا إلى أن نشطاء صرحوا بأن الشعارات الانفصالية غير مركزية في الحراك، "وإذا حدث فهي ردة فعل غاضبة"، كما نفى وجود تدخل خارجي. ونبه صلاح الوديع، عضو المبادرة المدنية، في ندوة صحافية لتقديم تقرير المبادرة، إلى خطورة عدم الاستجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، التي ينادي بها شباب حراك الريف. أحمد الأرقامة تحفيز المستثمرين المبادرة، التي أعدت تقريرا دقيقا حول مجريات الأحداث، التي يعرفها الريف، بعد زيارة ميدانية قامت بها إلى المنطقة، أفادت أن الحراك، الذي تعرفه الحسيمة، وإيمزورن، ونواحيهما، سجل الكثير من حالات تعريض النساء المشاركات في الاحتجاج إلى عنف لفظي وجسدي، والقبض على النشطاء، واعتقالهم في الصباح الباكر خارج الأوقات القانونية. ووقفت المبادرة على عدة حالات كسرت فيها الأجهزة الأمنية أبواب البيوت، وداهمتها بعنف، واستعملت القوة بشكل مفرط تجاه المتظاهرين، لاسيما في إيمزورن والحسيمة. وأوصت المبادرة المدنية بإنشاء منطقة صناعية حرة في الإقليم، وتخصيص "كوطا" من الصيد البحري ليباع داخل الحسيمة، بعدما أصبح السكان يشترون السردين مثلا بسعر لا يقل عن 25 درهما للكيلوغرام، وهم يتوفرون على ميناء نشيط من حيث الثروة السمكية. ودعا التقرير نفسه إلى وضع تحفيزات للمستثمرين، والمقاولات الصغرى بالخصوص، لتنشيط الدورة الاقتصادية، وفتح التكوينات للشباب بمنح محفزة، وإعادة تأهيل الصيد البحري التقليدي، والتفكير في ربط إقليم الحسيمة بالسكك الحديدية والطريق السيار، والإفراج عن المعتقلين والمسجونين كافة، وإحداث طريق بمواصفات جيدة، وترميم المستشفيات، وتجهيزها، وإحداث نواة جامعية بالإقليم، يعتبر من المطالب المستعجلة، والملحة. وانتقد عبد الله بوصوف، الأمين العام للجالية المغربية المقيمة بالخارج، توصيف بعض الجهات لنشطاء حراك الريف بالانفصاليين، قائلا في المناظرة الوطنية حول الوضع بالحسيمة التي احتضنتها طنجة: "الريف لم يكن أبدا انفصاليا عبر تاريخه الطويل، ولن يكون أبدا انفصاليا". واعتبر المتحدث أن المدخل إلى الوصول إلى حل لما يعيشه الريف يمر بالضرورة عبر الحوار المفضي إلى توافقات، وقال في هذا الإطار: "لا يمكن لأي أزمة أن تحل إلا بالحوار والتوافقات. لا يمكن للحراك أن يستمر وأن تظل الدولة تنتظر إلى ما لا نهاية، كل طرف لا بد أن يتنازل عن قسط من حقوقه، ربما قد تكون شرعية، للالتقاء بالآخر في منتصف الطريق".

حراك الريف: حقوقيون يطالبون بالحوار وحل معضلة البطالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

20 مليارا لإنقاذ "دوزيم"

مـرحـاض لـ 120 محتـجزا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات