تنظيم الدولة بلغ مرحلة الانحراف

" وكانوا شيعا" يبحر بك الدكتور إدريس الكنبوري، في عالم الحركات الدينية المتطرفة، ويفكك البنيات الذهنية والسلوكية التي اعتمدت عليها في مقاربتها السياسية المبنية على القتل، من خلال ما خطه من تحليل دقيق في كتابه" وكانوا شيعا"، الصادر عن دار طوب بريس بالرباط نهاية 2016 . الحلقة الأخيرة خرافة نهاية الكون بالشام شكلت الثورة السورية بالنسبة للتيارات "القتالية الجهادية" أهمية كبرى في مشروعها، لأن ما يطلق عليه منطقة الشام لها موقع واسع في الأحاديث المتعلقة بالفتن والملاحم وأشراط الساعة، ونهاية الكون، والتي يعتمد عليها المقاتلون الجهاديون اعتمادا قويا، مع العلم بأن كتب الفتن والملاحم لا تتفق حول المحيط الجغرافي الذي يشمله مسمى الشام، إذ البعض يعتبر مصر جزءا منها، بينما يرى آخرون أن الشام تقف في رفح بفلسطين. ومن هذا المنطلق اهتم الكثير من فقهاء ومنظري القتال بالحالة السورية، فوق ما أولوه للمواقع الأخرى من اهتمام، وكان أبو قتادة الفلسطيني واحدا من هؤلاء. ففي 2012 نشر كتابا تحت عنوان"المقاربة لنازلة العصر"، تعرض فيه للربيع العربي ووصول بعض الحركات الإسلامية الإصلاحية إلى السلطة، إذ وجه إليها انتقادات لاذعة، ثم عرج على الثورة السورية وقال:"حيث يقوم ظن كاتب هذه الأوراق أن ما يقع في سوريا الشام هو مقدمة لإزالة دولة إسرائيل اليوم في فلسطين، وهو عنده العلو الأول المذكور في سورة الإسراء". ويرى أن المعركة في سوريا هي المعركة الفاصلة، قائلا:"إن هذه الساحة لها قيمتها ومعناها في التغيير، ولذلك كل الدلائل تنبئ أنها معركة مفتوحة ضد قوى متنوعة". وفي يونيو من 2014 ثار الخلاف بين تنظيم الدولة" داعش" وتنظيم القاعدة، على خلفية إعلان الأول إدماج تنظيم النصرة التابع للقاعدة في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، إذ رفض أيمن الظواهري ذلك القرار الصادر عن البغدادي ودعا إلى أن تبقى الجبهة في سوريا وأن تحافظ الجماعة على موقعها في العراق، وقد لقي ذلك الموقف تأييدا من رموز الفكر القتالي الجهادي العالمي، وعلى رأسهم أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني. وفي خضم ذلك الخلاف وخروج البغدادي بفكرة الدولة، وجه أبو قتادة رسالة مطولة إلى هذا الأخير في يوليوز 2014، أوضح فيها أن تنظيم الدولة دخل فيه الانحراف من جهتين: الأولى أن من سماهم"أفراخ جماعة الخلافة وهي جماعةٌ قَدَمَتْ في الجهل" وأطلق عليهم تسمية الخوارج "زعموا أن الخلافة (الإمامة العظمى) حقيقتها تكون بأن يبايع واحد من المسلمين واحدا من آل البيت لتكون الحقيقة الشرعية لهذا المسمى العظيم". أما مصدر الانحراف الثاني فهو أن تنظيم الدولة يتشكل من بقايا جماعات التوقف والتبين، وبقايا جماعات التكفير "وقد نفر بعض هؤلاء إلى الجهاد في بداية أمره، وأعلم بعض أسمائهم، وقد أحدث هؤلاء من الشر في رؤوس البعض، كما أنه صار لكلامهم أثر كبير في رؤوس الشباب الجدد الذين نفروا من مناطق صحت فجأة من هوة الجهل العميق إلى حالة التدين، ومثل هؤلاء كالعجمي إن أسلم".

تنظيم الدولة بلغ مرحلة الانحراف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النقيب بنعمرو: حراكات عديدة والسبب واحد

التنسيقية النقابية تندد بقرارات "دار البريهي"

مقالات ذات صلة