الأكل خارج البيت… تمرد على العادات

تحول نوعي في سلوكات الأسر التي لم يعد يعنيها اجتماع أفرادها على مائدة الطعام لم يعد إقبال المغاربة على الأكل خارج البيت، مرتبطا فقط بإكراهات مهنية، تضطر الفرد إلى تناول وجباته اليومية بالمطاعم ومحلات الأكلات السريعة، بل سلوكا يتم بشكل اختياري بعيدا عن الإكراه المهني، ليستحيل إلى موضة تكشف تحولا نوعيا في سلوكات العديد من الأسر المغربية التي لم يعد يعنيها اجتماع الأسرة على مائدة الطعام خلال الوجبات الرئيسية الثلاث. ما السر خلف الاندفاع الكبير نحو المطاعم وتناول الوجبات خارج البيت؟، هل ذلك يعكس وجود ثقافة جديدة في المجتمع لتناول الطعام تتفق مع نظام السرعة الذي أصبح سمة العصر؟ أم أنّ ذلك الهوس يكشف حقيقة زعزعة الروابط الأسرية فلم تعد الأسرة تهتم كثيراً بوجباتها الرئيسة التي تحفز لتنمية الروابط انطلاقاً من فكرة التجمع على مائدة واحدة؟ وما هي المخاطر الصحية التي تنجم عن هذا التحول السلوكي، وما آثاره النفسية والاجتماعية على الأفراد؟ في هذا الخاص تحاول "الصباح" مقاربة الموضوع من زوايا مختلفة، من خلال ربورتاجات وأرقام وشهادات وآراء مختصين. "الشاورما" الأكثر طلبا الأطفال يحفزون الإقبال على محلات الوجبات السريعة والأطعمة الآسيوية أصبح تناول الطعام خارج البيت معضلة لا حل لها بالنسبة إلى بعض الأسر، خصوصا العاملة منها، التي ما فتئت تقاوم نمطا جديدا من الاستهلاك، رجح كفة الأكل في الخارج، الأمر الذي يظهر من خلال ارتفاع حجم الإنفاق على المواد الغذائية والطعامة بشكل عام، إذ بلغ ألفا و651 درهما شهريا، وفق إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، يتعلق الأمر بتوجه نحو إلغاء المطابخ المنزلية والاعتماد بشكل شبه كامل على "أكل الشارع"، على غرار بعض المجتمعات الشرقية، مثل مصر وسوريا ولبنان وغيرها، التي يعتمد أفرادها على المطاعم الخاصة في تغذيتهم اليومية، سواء تعلق الأمر بالإفطار أو وجبتي الغداء والعشاء. "قرار الشراء بيد زوجتي وطفلي دائما"، يوضح سعيد، موظف، مشددا على أن الأكل خارج البيت أصبح مبرمجا مرتين في الأسبوع، نزولا عند رغبتهما، رغم ارتفاع التكاليف المرتبطة بهذا القرار، ذلك أن تناول وجبة جماعية في مطعم "ماكدونالدز" مثلا، يمكن أن يكلف 250 درهما. هذا التوجه أصبح شبه عام لدى الأسر، خصوصا الصغيرة منها، الأمر الذي أنعش خدمات الطعامة وحولها إلى مجال استثمار مربح، مدفوعا بالطلب المتنامي على هذا النوع من الخدمات، إذ عاينت "الصباح" في هذا الشأن، إقبالا كبيرا بحلول مساء كل يوم، على المطاعم ومحلات الوجبات السريعة في حي المعاريف وسط البيضاء، وكذا الفضاءات المماثلة، الملحقة بمحطات الوقود عند مداخل المدينة ومخارجها بنهاية كل أسبوع. الهوس البحث عن المذاق وجديد الوجبات والمطابخ العالمية، تحول إلى هوس لدى بعض المغاربة، مع انتشار فضاءات طعامة خاصة، تعرض أطباقا آسيوية وأوربية، ما عزز التوجه نحو الأكل خارج البيت، إذ دأبت سارة، محاسبة لدى شركة خاصة في البيضاء، على تناول طبق "سوشي" المفضل لديها يوميا، موضحة أن هذه الوجبة لا تستطيع تحضيرها في المنزل، لافتقادها إلى المهارة الكافية، وكذا نوعية المواد المستخدمة في إعدادها، مشددة على أن المطعم الياباني يظل صحيا، مقارنة مع باقي المطاعم، إذ ترفض حسب تعبيرها، "ابتلاع الأمراض"، في إشارة إلى بعض المأكولات التي حققت انتشارا واسعا أخيرا، من قبيل "الشاورما"، التي لا يتجاوز سعرها 20 درهما لـ"السندويش". وتتحدث الموظفة الشابة عن إنفاقها حوالي ثلاثة آلاف درهم شهريا على وجباتها الآسيوية المفضلة، مشيرة إلى أنها تتناول وجبة الغداء في مطعم فيتنامي بشارع مولاي إدريس، وتضطر إلى اصطحاب وجبة "سوشي" بقيمة 60 درهما معها إلى المنزل كل مساء. تختزل يوميات سارة مع المطاعم نمطا استهلاكيا غير سوي، اجتاح الأسر وحملها تكاليف مالية مهمة، يوضح مصطفى ربيحي، خبير في التنمية الذاتية و"كوتش" أسري، مشددا على أن الأطفال صغار السن أصبحوا يتحكمون بشكل كبير في قرار الشراء في الأسر، موازاة مع تراجع حضور دور الأم، إذ يمارسون ضغطا قويا من أجل تناول الطعام خارج المنزل، مدفوعين بإدمان المذاق والسكريات، في الوقت الذي يمكن أن يتم تجنيبهم هذه الأطعمة المضرة بصحتهم، من خلال تحويل اهتمامهم تدريجيا نحو الأطعمة المنزلية. 48.7 % أفاد بحث أجراه المرصد الوطني للتنمية البشرية، هم عينة تمثيلية تضم 8 آلاف أسرة، ارتفاع متوسط إنفاق الأسر، خلال عشر سنوات الأخيرة، من أربعة آلاف و111 درهما إلى ستة آلاف و166 درهما، فيما تنفق حوالي نصف ميزانيتها (48.7 %) على التغذية. بدر الدين عتيقي

الأكل خارج البيت… تمرد على العادات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجامعة الدولية لأكادير وجهة الطلبة الأفارقة

منتدى الطالب... البحث عن جواز الشغل

مقالات ذات صلة