قطارات تعيش على إيقاع شهر الصيام

مسافرون استبدلوا رنات الهاتف بأدعية وآخرون يقضون مدة الرحلة في تلاوة القرآن تعرف محطة الرباط المدينة، حركية كبيرة، فمنذ الساعات الأولى من الصباح يتوافد على شبابيك اقتناء التذاكر عدد كبير من المسافرين نحو كل الاتجاهات.ونظرا لتزامن حلول رمضان مع فصل الصيف، فإن كثيرا من الأسر تختار السفر عبر القطار لزيارة أفراد عائلتها أو لأغراض أخرى، ما يزيد الازدحام أمام شبابيك بيع التذاكر. يقول أحمد إنه اختار السفر رفقة زوجته وابنيه عبر القطار إلى مدينة الدار البيضاء ثم امتطاء قطار آخر إلى مدينة الجديدة حيث تقطن عائلة زوجته، رغم أنه يتوفر على سيارة، موضحا أن ذلك رغبة منه في الهروب من ازدحام الطرق والوصول بدون عناء، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وتفاديا لانزعاجه من عصبية بعض السائقين.حركة متواصلة ولا تعرف الهدوء، فالقطارات المتجهة إلى عدد من المدن المغربية تصل تباعا إلى محطة الرباط المدينة، فيتسابق المسافرون لركوبها وإلا في حال فشلهم في ذلك سيضطرون إلى انتظار القطار الموالي."هذي أول مرة نزور فيها كازا"، تقول امرأة في العقد الرابع من عمرها لأخرى تجلس بجانبها، والتي اختارت زيارة مدينة الدار البيضاء مع حلول شهر رمضان رفقة قريبتها وأبنائها.استغربت المرأة من جوابها خاصة أنه أول يوم في رمضان وينتظرها الكثير من الأشغال للقيام بها وفي مقدمتها تحضير الحريرة، مؤكدة لها أنه لن يكون لديها متسع من الوقت للتجول بها.كانت المقاعد ممتلئة عن آخرها في القطار بعد صعود الركاب من محطة الرباط أكدال، فلم يكن أمام من صعدوا من محطة تمارة سوى الوقوف أو الجلوس على الدرج أو المكان المخصص لوضع الأمتعة.عبر كثيرون عن استيائهم، خاصة أنهم ليسوا مسافرين عابرين وإنما يركبون القطار بشكل شبه يومي في اتجاه مقرات عملهم بالمحمدية أو الدار البيضاء."واش هذي محطة عين السبع؟"، سؤال كان يطرحه مسافر كلما توقف القطار بإحدى المحطات الموالية لتمارة، والذي يبدو أنه متجه إلى مطار محمد الخامس، للسفر إلى السعودية لقضاء مناسك العمرة، حسب قوله لأحد الركاب.كانت الرنات الهاتفية التي اكتست بدورها حلة رمضانية، بعد أن سارع كثيرون إلى تغييرها واستبدال أغاني شرقية وغربية ومغربية وغيرها بأغان دينية وأمداح نبوية أو أدعية، تكسر الصمت داخل القطار.لم يعد المسافرون يتجاذبون أطراف الحديث بالشكل الذي كانوا عليه قبل حلول رمضان، فعدد كبير منهم يفضل قراءة القرآن الكريم أو النوم طيلة مدة الرحلة، إلى حين الوصول إلى وجهته أو قدوم مراقب التذاكر ليوقظهم.سأل كثير من المسافرين مراقب التذاكر عن الوجهة التي ينبغي اتباعها بعد الوصول إلى محطة عين السبع وركوب قطار آخر في اتجاه مطار محمد الخامس. "واقيلا هادو ما صايمينش"، يقول أحد الركاب عن شخصين كانا يتحدثان بصوت مرتفع، إذ أبدى كثيرون انزعاجهم من ضحكاتهما المتواصلة في حديث أحدهما عن يومياته مع زبوناته في المحل التجاري الذي يبيع به "الأحذية" بمدينة القنيطرة.استطاع كثير من الركاب العثور على أماكن فارغة بعد نزول آخرين بمحطة المحمدية في اتجاه مقرات عملهم أو عودتهم من زيارة لأهلهم أو لقضاء أغراض أخرى.بدت علامات الاستغراب على الركاب حين توقف القطار بمحطة المحمدية، وصعد ثلاثة شباب يتحدثون بالإسبانية ويرتدي أحدهم ملابس تقليدية مغربية، فكان الجميع يطرحون في دواخلهم الأسئلة نفسها "هل هذا الإسباني مسلم؟ وهل هو صائم فعلا؟...". أسئلة وأخرى نزل الإسباني ورفاقه دون أن يجد لها ركاب كانوا يحيطونهم بنظرات استغراب أجوبة تشبع فضولهم.كان القطار المتوجه إلى مطار محمد الخامس متوقفا بمحطة عين السبع حيث كان بمحاذاته ركاب يفوق حجم الأمتعة الموضوعة بجانبهم على الأرض عددهم، فكثير منهم يقطنون خارج أرض الوطن ويعودون إلى وجهاتهم بعد قضاء عطلة الصيف رفقة أهلهم.وكان بين الأمتعة التي يحملها هؤلاء المسافرون معهم علب خاصة بوضع الحلويات، إذ لم يفتهم اقتناء "سلو" و"الشباكية" و"البريوات" لتناولها هناك خلال الشهر الفضيل.بمجرد انطلاق القطار في اتجاه وجهته الأخيرة المتمثلة في محطة الدار البيضاء الميناء، بدأ الركاب يسارعون إلى الوقوف بالقرب من بواباته استعدادا للنزول والذهاب نحو وجهاتهم المختلفة. أمينة كندي

قطارات تعيش على إيقاع شهر الصيام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مهنيو النقل الجوي الخاص يشتكون غياب التجهيزات

الموت يغيب المؤرخ خوان برنيت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات