المغرب لا يستغل مؤهلاته

< أصبحت السياحة العلاجية من أهم فروع النشاط السياحي على المستوى العالمي، ما هي إمكانات وحدود المغرب في هذا المجال؟ < بالفعل أصبحت السياحة العلاجية تحظى بأهمية كبرى تعكسها الاستثمارات المخصصة لهذا النشاط ضمن القطاع السياحي بشكل عام. ويتوفر المغرب على جميع الإمكانات المطلوبة ليتحول إلى محور في المجال على مستوى إفريقيا الشمالية. فالمغرب يتميز بقربه الجغرافي من أوربا، وهناك، على سبيل المثال، خمس رحلات جوية في اليوم ما بين لندن ومراكش، ولا تتجاوز فترة الرحلة 3 ساعات بتذكرة سفر لا يتجاوز سعرها 50 أورو. كما أن الخطوط الملكية المغربية تؤمن النقل الجوي لأهم البلدان الإفريقية، ولا يفرض المغرب على عدد منها تأشيرة الدخول. ويمتاز المغرب، أيضا، بمناخ معتدل. وعرف القطاع الصحي بالمغرب استثمارات هامة، إذ رأت النور، خلال السنتين الأخيرتين، بنية تحتية من المستشفيات ومراكز الخدمات الطبية تتوفر على تجهيزات متطورة. ويمثل حضور مستثمرين جدد بالقطاع أهمية خاصة، إذ من شأنه أن يخلق منافسة قوية في القطاع، الأمر الذي سيساهم في تطوير جودة الخدمات المقدمة، التي تظل أسعارها أقل من التكاليف المطلوبة بأوربا. لكن، بالموازاة مع ذلك، هناك بعض نقط الضعف التي يتعين تجاوزها، إذ أن التعبئة التي همت القطاع الصحي شملت الخدمات الأساسية، ما يفرض تنويع العرض للاستجابة إلى متطلبات السياحة العلاجية. إضافة إلى ذلك، فإن هناك بلدان، مثل تونس وتركيا، تتوفر على خبرة كبيرة في الميدانا وتعرض الخدمات العلاجية بأسعار تنافسية جدا, إذ عبأت تركيا كل الطاقات الوطنية من أجل إنجاح إستراتيجية إنعاش السياحة العلاجية، و تم إشراك كل الأطراف المعنية، إذ خصصت الخطوط التركية تخفيضات للباحثين عن الخدمات العلاجية بتركيا، كما سهلت وزارة الداخلية التركية مساطر الحصول على تأشيرات دخول الأراضي التركية. وتتبع مصر، حاليا، الخطوات ذاتها، التي سلكتها تركيا، من أجل السيطرة على سوق السياحة العلاجية بإفريقيا والشرق الأوسط. وتعتبر هذه الرهانات فرصا بالنسبة إلى المغرب من أجل الاقتداء بتجارب الغير وتحسين المقاربة المعتمدة للظفر بحصص من سوق العلاجات السياحية. < ما العمل، بالضبط، من أجل الاستفادة بشكل أمثل، من تدفقات السياحة العلاجية؟ < كما أشرت سابقا، نحن بحاجة إلى تعبئة وطنية تشمل المهنيين، والمستثمرين، والحكومة والإعلام. وقد تمكن جلالة الملك من إعطاء دفعة قوية للعلاقات بين المغرب وبلدان إفريقيا، مكنت من نسج تعاون اقتصادي وإنجاز استثمارات ضخمة، ما يعطي مكانة خاصة للمغرب بالقارة الإفريقية. ويتعين الاقتداء بالتجربة التركية في ما يتعلق بتعبئة الطاقات بشأن إنعاش السياحة العلاجية. كما يتعين تحسين شروط الجودة والسلامة في ما يتعلق بالخدمات العلاجية. وتجدر الإشارة، في هذا الباب، إلى أن بعض الوحدات العلاجية، مثل مستشفى الشيخ خليفة ابن زايد بالبيضاء، أصبح يتوفر على مصلحة للجودة، وتم اعتماد مسطرة من أجل التصديق على الجودة، وذلك منذ تدشين المستشفى، إذ تم اعتماد لائحة لمراقبة شروط سلامة الخدمات الصحية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، بالنسبة إلى الذين يخضعون لعمليات جراحية، إذ أصبحت هذه اللائحة مطلبا إلزاميا، لدى منظمة الصحة العالمية، منذ 2010، فلا يمكن القبول بوحدات صحية سواء عمومية أو خاصة بالمغرب لا تطبق هذه الشروط في تقديم خدماتها للمترددين عليها. ويتعين، أيضا، أن تدخل المستشفيات والوحدات العلاجية بالمغرب في شراكات مع نظيراتها بالبلدان الناطقة بالفرنسية والإنجليزية، وذلك للحصول على علامة جودة وعلى السمعة المطلوبة في مثل هذه الخدمات. أعرف عددا من الأشخاص الذين يتوجهون من إفريقيا إلى لندن من أجل تلقي العلاجات، فلم لا نعمل على جعلهم يغيرون الوجهة إلى مراكش أو الدار البيضاء؟ إن الأمر يتعلق بآلاف الباحثين عن العلاجات، ما يمكن أن يجلب ملايين الدولارات إلى المغرب ويوفر مناصب شغل إضافية. < ستنظمون بمراكش ورشة حول جودة وسلامة الخدمات العلاجية، كيف يمكن لهذه المتطلبات أن تحسن من جاذبية المغرب في مجال السياحة العلاجية؟ < بداية، فإن الجودة والسلامة مسألتان أساسيتان بالنسبة إلى أي منظومة صحية، فالجودة، لا تعني فقط التوفر على بنيات فارهة وتكنولوجيا متطورة، بل يتعين توفير أنظمة ومساطر تضمن جودة وسلامة العلاجات. وللأسف، فإن لائحة شروط سلامة وجودة العلاجات لا تمثل القاعدة بالمغرب، علما أن الأمر لا يتطلب تجهيزات أو برامج معلوماتية، بل يتعين فقط تغيير العقليات. وستناقش الورشة مواضيع أخرى ذات أهمية، مثل الموافقة الواعية (Consentement éclairé)، وحكامة المعلومة، كما سيتم التطرق، أيضا، إلى أنظمة معمول بها في بلدان أخرى، التي تضمن خدمات ذات جودة عالية، وسيناقش الموضوع من قبل متخصصين وخبراء. وأتمنى أن تسهم محاولاتنا لتطوير السلامة والجودة من أجل السياحة العلاجية في تحسين العلاجات للسكان المحليين. * دكتور مارس بلندن ومستشار في التدبير الصحي أجرى الحوار: ع . ك

المغرب لا يستغل مؤهلاته

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مصرع مرداس... الأبناء ضحايا العشق الممنوع

قتلت بدم بارد وبلغت عن اختفائه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات