مواد مليلية في عاصمة الصناعة الغذائية!

محلات "عاين باين" في درب غلف وتمويه بالمنتجات التركية في درب عمر الأسبوع الأول من مارس 2017، في بوابة قيسارية للأثواب في درب عمر، أشهر منطقة للتجارة بالجملة في المغرب وعاصمته الاقتصادية البيضاء، استوطن تاجر شاب مساحة كبيرة، يعرض فيها منتوجات متنوعة، تضم "البسكويت" وأنواعا من المعلبات والمصبرات والأجبان للبيع بالتقسيط. وسط المنتوجات الكثيرة، يبرز نوع شهير من الجبن، مكتوب على علبه بالإسبانية، وعندما يسأله مرتاد للمكان: "هل فيه تاريخ انتهاء الصلاحية؟"، يجيب البائع الشاب: "نعم، راه كاين واحد التيكيت تما"، في إشارة إلى وريقة لاصقة، تحمل تاريخا جديدا، لكن من المؤكد أنها مزورة، إذ أنه بالمقارنة مع النوع نفسه من الجبن الموجود في المتاجر القانونية، يتبين أنه تاريخ انتهاء الصلاحية يطبع على العلبة مباشرة وليس باعتماد أوراق لاصقة، فما بالك بالبلدان الأوربية. لماذا يعرض البائع منتوجات إسبانية على طاولة توجد عليها أيضا منتوجات مغربية وأخرى تركية؟ هو السؤال الذي طرحته "الصباح" على عارف ضليع في خبايا "درب عمر"، بالنظر إلى مهمته حارسا يبيع السجائر بالتقسيط، فقال "إن الطريقة التي يعرض بها المنتوجات، غرضها التمويه، فهو يبدو كأي بائع متجول وليس صاحب محل تجاري، تفاديا لعقوبات قاسية إذا ما ضبطته المراقبة، كما يتعمد خلط عينات المواد المهربة مع أخرى مغربية وتركية. وفي الحقيقة هو ليس إلا مرشدا يصطاد الزبائن الباحثين عن صفقات كبيرة ببعض العينات، لتوجيههم إلى مخازن سرية أكبر". وتتأكد المعطيات التي كشفها الحارس، بالقيام بجولة طويلة في "درب عمر"، بحثا عن محلات لمنتوجات غذائية مهربة، إذ بعد جهد مضن، تبرز خلاصة واحدة: "توجد منتوجات قادمة من إسبانيا، لكن ليس بكميات وافرة، إذ تنزوي على شكل عينات وسط منتوجات قانونية، ما يعني أن الأمر مجرد حيلة يعتمدها بعض التجار، بوصفها إعلانا غير صريح للزبناء مفاده "ها أنت تعاين، لدينا منتوجات أجنبية مهربة، ولكن للتعامل معك وإرشادك إلى المحلات الخلفية، لابد من حصول الثقة بيننا". وإذا كانت شبكات توزيع المواد الغذائية المهربة، تتفادى عرضها بوفرة، بالنظر، لأن هذه السوق، في الأصل، مخصصة للتجارة بالجملة، وبالتالي تعد أكثر عرضة لأعين المراقبة ومخبريها، بالنظر إلى العمليات المالية الضخمة التي تتم فيها، فإن العكس هو الحاصل في درب غلف، ثاني أشهر سوق في وسط البيضاء بعد درب عمر، وأحصت فيه "الصباح"، وجود أربعة محلاتتجارية على الأقل، تتاجر في المواد الغذائية المهربة بالتقسيط، "عاين باين"، دون أن يصلها حسيب أو رقيب. أما الأكثرإثارة، فهو أن الأسعار، ليست بخسة أو رخيصة، بل تضاهي أسعار أغلب منتوجاتها، الثمن القانوني الخاص بنظيرتها القانونية في المغرب، وذلك ما يفسر، ربما، أن فئة من زبناء تلك المحلات، هم من الطبقة المتوسطة، غرضهم الوحيد من القدوم إليها، هو البحث عن منتوجات أجنبية معينة يحتاجونها، وليس بحثا عن الادخار. هل يجري كل هذا بدون علم مصالح وزارة الداخلية، التي توجد تحت إمرة أقسامها للشؤون الاقتصادية والاجتماعية لجان المراقبة والجودة؟ وبماذا يفسر انتعاش تجارة المواد المهربة وسط البيضاء، المدينة التي تتركز بها أغلب مصانع الأغذية بالمغرب؟ لا وجود لجواب، باستثناء حقيقة معايشة في الواقع: المراقبة موسمية وبوضوح أكبر: رمضانية، والعاصمة الاقتصادية للمغرب ليست منطقة استهلاك للمواد المهربة فقط، إنما منصة تمر منها المواد المهربة وتخزن في مستودعات ضواحيها، وتخضع فيها لتزوير وتقليد تواريخ انتهاء الصلاحية لتكمل طريقها إلى مناطق أخرى في البلاد، فلا شيء أفضل من مدينة مليونية توجد بها أكبر معامل الصناعات الغذائية لمزاولة أنشطة محرمة يسهل كشفها في المدن الصغيرة. امحمد خيي

مواد مليلية في عاصمة الصناعة الغذائية!

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"القوانين هاهي والمراقبة فين هيا"

الغش "إرهاب" يقتل في صمت

مقالات ذات صلة