المولودية الوجدية… ضريبة “البلوكاج”

الأزمة المالية والسياسة تحاصران الفريق والضغط يشتد على الرئيس واللاعبون متذمرون أضحى واقع المولودية الوجدية من المواضيع الأكثر حساسية بعاصمة الشرق، بالنظر إلى المشاكل التي بات يتخبط فيها. وأجمعت آراء المتدخلين الذين التقاهم ”الصباح الرياضي” على أن الحسابات السياسية والمكتب المسير، وتحديدا الرئيس الحالي خالد بنسارية، من أسباب الأزمة. معاناة اللاعبين صادفت زيارة «الصباح الرياضي» حصة إعدادية للفريق الوجدي، عصر أول أمس (الثلاثاء) بالملعب الشرفي لوجدة، ورغم أن الأجواء كانت ماطرة ودرجات الحرارة منخفضة، فإن المدرب فوزي جمال استهل الحصة بمحاولة رفع معنويات اللاعبين، لعله يخفف عنهم شيئا من المعاناة التي يواجهونها بسبب عدم تلقيهم مستحقاتهم منذ خمسة أشهر. ومن خلال معاينتنا للأجواء بالفريق، تبين أن الجميع متذمر وغير راض عن الوضع. وتبين بعد ذلك أن المشكل أعمق لدى اللاعبين، إذ أن بعضهم لا يملك حذاء يخوض به التداريب، إذ عاين «الصباح الرياضي» لاعبين يعدون فوق العشب الاصطناعي بأحذية لا تتناسب مع طبيعة أرضية المركب الشرفي، كما أنهم لم يدخلوا في مرحلة التركيز التي تسبق المباريات الرسمية منذ مدة. وما يزيد من معاناتهم، أن بعض اللاعبين طالبوا بأبسط الحاجيات اليومية، إذ عبر العديد منهم عن رغبتهم في تذوق طعام الفنادق، مثلهم مثل أي لاعبين يمارسون في منافسات البطولة الوطنية، كما أنهم يفتقدون وسائل نقل خاصة تقلهم إلى مكان التداريب. ولعل هذا الوضع ما دفع المدرب إلى تنظيم حصة إعدادية للاعبين بمنتجع السعيدية الأسبوع الماضي، من أجل إخراج اللاعبين من حالة «الاكتئاب» التي يعيشونها منذ دورات، كما أنه يسعى إلى إيجاد حلول بديلة من خلال اقتراح إجراء مباريات مع السجناء بالمركب السجني لوجدة، ويستعد لتنظيم حملة تبرع بالدم خلال الأسبوع المقبل. "البلوكاج" من أجل الرحيل اتفق أعيان وجدة والسلطات المحلية على قطع المساعدات المالية عن الرئيس الحالي للفريق خالد بنسارية، للضغط عليه من أجل تنحيه من منصبه في أقرب الآجال، وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه، فإنه لن ينال درهما واحدا من الدعم المالي، يقول أحد المتدخلين. ونتيجة لذلك، يواجه المولودية الوجدية الكثير من الصعوبات في تدبير شؤونه، إذ يعاني ديونا كثيرة، ولا يقوى على تحمل الأعباء المالية التي يتطلبها تنظيم المباريات. وانتقدت الفعاليات المحلية طريقة تدبير الرئيس لشؤون الفريق، بعد أن أشرك مقربيه في المسؤولية بالنادي، الشيء الذي لم يتقبله غالبية المسؤولين المحليين والمنتخبين، كما أن استفراده بالقرار ساهم في تفاقم الوضع. ويتعهد بعض الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين بالمدينة بحل المشكل المالي للفريق في وقت وجيز، شريطة عدم استمرار بنسارية، إذ رفض مجلس الجهة صرف المنحة السنوية، والشيء نفسه بالنسبة إلى بعض المجالس المنتخبة، وأصحاب الشركات الكبرى بالمنطقة. وحاول بعض الغيورين على الفريق البحث عن موارد مالية جديدة، من أجل تغطية بعض النفقات الضرورية، من خلال الاتصال ببعض المؤسسات الاقتصادية، غير أنهم تلقوا إجابات بالرفض، الشيء الذي يشكل عقبة أمام طموح اللاعبين والطاقم التقني في الصعود إلى القسم الوطني الأول. للسياسة نصيب أجمع المتدخلون الذين التقى بهم «الصباح الرياضي»، أن مشكل المولودية الوجدية ليس وليد اليوم، وإنما يمتد إلى سبعينات القرن الماضي، عندما ترأس الوزير الأول السابق أحمد عصمان الفريق، وتزامن ذلك مع إحداث التجمع الوطني للأحرار. وأكد المتدخلون أنه منذ تلك الفترة دخلت السياسة المولودية الوجدية، وأن ما يعيشه الفريق حاليا هو امتداد لتلك الفترة، وأن السياسة ضربت أطنابها به، عن طريق تعاقب مجموعة من السياسيين على رئاسته، وأن الأمور نحت منحا خطيرا في السنوات الأخيرة. واستدل المتدخلون على ذلك، بسيطرة العديد من النخب السياسية على مراكز القرار بالمدينة، وأنهم يرغبون في منح تسيير الفريق إلى شخصية ترضي ميولاتهم السياسية، على اعتبار أن الرئيس الحالي لا ينتمي إلى أي لون سياسي. وحاول والي جهة المنطقة الشرقية التدخل من أجل تحريك الملف، بالنظر إلى اهتماماته بالمجال الرياضي، غير أنه اصطدم برفض العديد من الفعاليات بالمدينة بقاء الرئيس الحالي. وأضحى المولودية الوجدية «ورقة سياسية» يتقاذفها المسؤولون المحليون لتحقيق بعض الأهداف، على رأسها إبعاد الرئيس، حتى وإن كان ذلك على حساب تاريخ الفريق، والأمجاد التي حققها منذ إحداثه، لدرجة أنه فقد العديد من المحبين والمنخرطين، مقارنة مما كان عليه الأمر في السنوات العشر الماضية. اختفاء الرئيس حاول «الصباح الرياضي» لقاء الرئيس الحالي خالد بنسارية، لمعرفة وجهة نظره في موضوع «البلوكاج» الذي يتخبط فيه الفريق منذ نزوله إلى القسم الثاني، غير أنه فشل في ذلك. واضطررنا إلى التنقل إلى بعض الأماكن التي يتردد عليها، غير أنه لم يتأت لنا ذلك، وبعد استفسارنا عن الأمر، علمنا أنه يتوارى عن الأنظار منذ مدة، لدرجة أنه لا يحضر مباريات الفريق، إلى جانب بعض المقربين منه، خوفا من الاصطدام بالجمهور، وأسئلة المحبين والغيورين، الذين يحملونه الجزء الأكبر من المسؤولية في الوضع المزري الذي يعيشه الفريق. كما أنه يرفض لقاء بعض المسؤولين للتشاور حول المشاكل التي يعانيها اللاعبون، وأنه يفضل الهروب إلى الأمام، خاصة أن نزول المولودية الوجدية إلى القسم الثاني، شكل انتكاسة لدى الجميع، ويسعى جاهدا لإعادته بمفرده، حتى إن تطلب الأمر إنفاق جميع ثروته على الفريق. ولم يعد الرئيس يتلقى الدعم حتى من الأشخاص الذين ساعدوه على قيادة سفينة المولودية، منذ آخر جمع عام عقده في يوليوز الماضي، والذي عرف انتقادات واتهامات خطيرة بينه وبين نائبه الأول سعيد الشاوي. وزاد ضغط الجمهور من اختفاء الرئيس، بعد أن أصبح أول من يقف ضده، بعدما كان سندا قويا له في السنين الأخيرة، لدرجة أنه يطالب برحيله في كل مباراة يخوضها الفريق، سواء داخل الميدان أم خارجه، وكيفما كانت النتائج. وذهب البعض إلى أن معارضي الرئيس يستعملون ورقة الجمهور من أجل الضغط عليه للرحيل، وأن بعض السياسيين وراء ذلك. كما ساهم غياب إستراتيجية واضحة بالفريق في جميع الفئات، بدوره في تأزيم وضعية الرئيس، إذ في الوقت الذي طالب العديد من الفاعلين الرياضيين باعتماد الفريق الأول على اللاعبين الشباب، الذين سبق لهم أن فازوا ببطولة المغرب، أمثال حسام الدين أمعنان وسعد الغرباوي ومحمد حلالي، عمد إلى تسريحهم دون أن يستفيد الفريق ماديا. وزاد غياب الشفافية في تدبير بعض الأمور من سخط المحبين والمنخرطين عليه، أبرزها عدم تقديمه حسابات دقيقة عن بيع التذاكر في بعض المباريات التي سجلت حضورا جماهيريا كبيرا، كما هو الشأن في مباراتي الوداد والرجاء. المجانية مقابل الصعود رغبة في تحقيق الصعود تلقت المديرية الإقليمية بوزارة الشباب والرياضة، تعليمات من السلطات المحلية، بالسماح للفريق بالاستفادة من جميع المرافق العمومية التابعة لها دون مقابل. ولا يؤدي الفريق أي درهم مقابل استفادته من التجهيزات الموجودة بالملعب الشرفي، كما أنه استفاد من مركز التكوين الحديث النشأة. وتواجه المصالح الجهوية لوزارة الشباب والرياضة تحديات كبرى، للمساهمة في صعود المولودية الوجدية، إذ أنها مطالبة بتبرئة ذمتها أمام مجالس المراقبة، سيما أن الملعب الشرفي يدخل في نظام مصلحة الدولة المدبرة بطريقة مستقلة، وعليها أن تعمل على توقيع اتفاقية مع المولودية لتجاوز أي صعوبات قانونية، وهو الشيء الذي دعت إليه المديرة الإقليمية للجهة الشرقية لوزارة الشباب والرياضة. أندية "الصينية" تعاني أندية وجدة الممارسة بأقسام الهواة والعصبة وضعا مزريا كبيرا، وهي مهددة بالتوقف في أي لحظة، بسبب غياب أي دعم مالي أو معنوي من قبل مسؤولي المنطقة الشرقية، وتقتات من الفتات الذي يقدم لها من قبل بعض الغيورين وبعض المجالس المحلية. وأضحى اسم بعض الأندية بوجدة مثل الاتحاد الإسلامي الوجدي وحسنية لازاري ونجم وجدة، مرتبطا ببعض الأشخاص الذين يضحون من أجل بقائها على قيد الحياة، وتفادي اندثارها من الخريطة الرياضية بالجهة. ولا تملك الأندية أي موارد بإمكانها أن تساهم في تحقيق طموحات المحبين والمسؤولين، علما أن الاتحاد الإسلامي الوجدي الذي يملك قاعدة جماهيرية بالمدينة ينافس من أجل الصعود إلى القسم الوطني الثاني. والشيء نفسه تعيشه أندية العصبة التي يبلغ عددها حوالي عشرة فرق، إذ أنها تنتظر بعض الدراهم، للاستمرار في المنافسات والحفاظ على ممارسة الشباب للرياضة، ودورها ينحصر في عدم اندثارها. وتنتظر الأندية المذكورة من الجهات المسؤولة بالمدينة أي التفاتة من جانبهم، خاصة أنها تشكل مشتلا للمولودية الوجدية على الخصوص في اكتشاف مواهب جديدة بإمكانها أن تحمل قميص الفريق الذي يشكل قاطرة كرة القدم بالمنطقة الشرقية، في الوقت الذي أضحى يفقد هذه الخاصية لفائدة نهضة بركان، بالنظر إلى الإنجازات التي بات يحققها في السنوات الأخيرة. إنجاز: صلاح الدين محسن تصوير: (عبد اللطيف مفيق)

المولودية الوجدية… ضريبة “البلوكاج”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مصر تهدد حياتو والعمراني بـ 50 مليارا

مقروف: تنظيم "الشان" قرار سياسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات