بانوراما الصيف: القذافي… نيرون ليبيا (الحلقة السابعة)

القذافي... زعيم الفكاهة خطاباته تثير الجدل والضحك وعبارته "زنكة زنكة" ملأت الدنيا وشغلت الناس هو حاكم لا يشبه غيره من الحكام العرب، رغم أن القاسم المشترك بينهم يكاد يكون واحدا، هو كثير من تسلط وجبروت، وتاريخ مليء بالدم وفترة حكم طويلة عنوانها الظلم، وشعارها، الطغيان أولا وأخيرا. وإذا كان قدر الشعوب العربية أن يحكمها الجبابرة، فإن قدر الشعب الليبي كان أشد قسوة، لأنه ظل، ولمدة حوالي 42 سنة، يحاول العيش تحت سطوة حاكم طاغية جبار، ومجنون مريض، اسمه القذافي.لا يعتبر القذافي نفسه حاكما عاديا. إنه ليس رئيس دولة، ولا هو بملك. إنه "القائد"، "ملك ملوك إفريقيا"، صاحب أطول فترة حكم عرفتها ليبيا منذ أن أصبحت ولاية عثمانية سنة1551، وأقدم حاكم على وجه الأرض.وحتى في عز "الربيع العربي"، ظل القذافي يشكل الاستثناء. صحيح أنه تمسك بالكرسي بشكل غريب مثلما تمسك به، إلى آخر قطرة دم، جميع من سبقه من الرؤساء العرب المخلوعين والهاربين، إلا أن "صموده" أمام ثورة الشعب كان له شكل خاص جدا.تمسك القذافي بكرسي الحكم كان مسرحية من نوع الكوميديا السوداء، أضحكت العالم حد البكاء. وفي عز الحرب التي شنها على أبناء شعبه، "زنكة زنكة"، لم يكن الرئيس الليبي يتوانى عن إلقاء خطاباته المثيرة للدهشة والسخرية حد الغثيان، التي كان العالم العربي يتابعها بكثير من الشغف، وينتظرها بغير قليل من اللهفة، حتى يستمتع بآخر "قفشات" صاحب الكتاب الأخضر، الذي فاق حسه الكوميدي العفوي، موهبة أكبر زعماء الإضحاك في العالم كله.اليوم، يختبئ القذافي في مكان ما من "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى"، هاربا من قصف قوات "الناتو"، متوعدا الغرب بهزيمة نكراء، في وقت يتنبأ فيه الكثير من المراقبين والمحللين الدوليين بسقوطه خلال مدة وجيزة. من خلال هذه الحلقات، نستعرض محطات مهمة من حياة العقيد وبعض أفراد أسرته، ونقدم للقراء "بورتريها" مطولا عن حاكم غير عاد، اسمه معمر القذافي... "نيرون" ليبيا. اشتهر القذافي بخطاباته المثيرة للجدل وللكثير من الضحك، والتي تنم عن تذبذب شخصية صاحبها. ومهما كان الطابع جديا للقمم والمؤتمرات التي يحضرها العقيد، إلا أنه يجد دائما طريقة ما لتمييعها بكلامه المثير، والخارج عن البروتوكولات المتعارف عليها بين الزعماء السياسيين، لذلك فلا عجب أن تسجل خطاباته على مواقع "يوتوب" و"ديلي موشن" نسبة إقبال كبيرة من بين رواد الأنترنت.في خطابه الذي ألقاه في 2009 خلال اجتماعات الجمعية العامة، مزق القذافي ميثاق الأمم المتحدة، ورماه من فوق المنصة التي كان يتحدث منها أمام أنظار العالم كله، وقال إنه لا حاجة له تماما، لأن المجتمع العالمي لا يحترمه، وإنه لم يعد صالحا لأن عهده ولى مع نهاية الحرب العالمية الثانية على حد تعبيره، لينفجر جميع من في القاعة في موجة من الضحك. وخلال السنة نفسها، ألقى القذافي خطابا آخر خلال القمة العربية بالدوحة، منح فيه نفسه عدة ألقاب مثل عميد الحكام العرب وملك ملوك إفريقيا وإمام المسلمين، ولم يجد حرجا في القول إن الرئيس الأمريكي أوباما عربي واسمه الحقيقي أبو عمامة، وهو الكلام نفسه الذي قاله في حوار تلفزيوني مع قناة «فرانس 24». عرف القذافي أيضا بتنظيراته العجيبة للعديد من القضايا العربية. في إحدى القمم، اقترح حلا للقضية الفلسطينية إنشاء دولة فيدرالية تضم الفلسطينيين والإسرائيليين ويطلق عليها اسم «إسراطين»... وفي قمة أخرى، عرف الديمقراطية بأنها «ديمومة الكراسي». كما طالب في قمة الدول الإفريقية التي أقيمت في 2009، بإنشاء دولة «الولايات المتحدة الإفريقية»، وعاصمتها أديس أبابا، مقترحا أن يكون هو رئيسها. ومرة، وجه في كلمة له تحذيرا إلى الزعماء العرب من أن يلقوا المصير نفسه الذي لقيه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وقال لهم إن لا شيء يجمعهم سوى قاعة الاجتماعات التي يجلسون فيها، لينفجر الرؤساء العرب ضحكا. ويرتدي القذافي، أثناء كل خطاب يلقيه، لباسا يناسب "الحدث". وملابسه لا تكاد تختلف عن تصريحاته من حيث الغرابة. أما السمة الغالبة على خطاباته فهي الطول. فالقذافي لا يتعب من الحديث حتى ولو دامت الكلمة التي يلقيها ساعة وأربعين دقيقة، وهي المدة التي استغرقها خطابه من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وجعلت عددا غير قليل من الحضور يستغرق في نوم عميق. أما في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة الذكرى 34 لإقامة الجماهيرية في ليبيا، فتجاوزت مدته ساعتين، اضطرت معها جل القنوات التلفزيونية العربية التي كانت تبثه مباشرة، إلى قطع التغطية. ولعل أشهر خطابات القذافي، وأكثرها إثارة للضحك، الخطاب الشهير المعروف بخطاب «زنكة زنكة»، والذي ألقاه حين بدأت الاضطرابات في ليبيا، وخاطب من خلاله الثوار بقوله «تظاهروا كما تشاؤون، ولكن لا تخرجوا إلى الشوارع والميادين»، وجاء فيه أيضا «سأظل في ليبيا إلى أن أموت أو يوافيني الأجل»، وأيضا «إن الذين ماتوا في المظاهرات سوف يندمون أشد الندم».وتبقى أشهر عباراته في الخطاب نفسه، قوله إن الملايين من الشعب الليبي سيزحفون لتطهير ليبيا "بيت بيت، شبر شبر، زنكة زنكة..."، وهي العبارة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، وأصبحت تلحن وتغنى في العديد من الملاهي الليلية، وأنشئت صفحات خاصة بها على الأنترنت والمنتديات. نورا الفواري

بانوراما الصيف: القذافي… نيرون ليبيا (الحلقة السابعة)

القذافي… زعيم الفكاهة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

القذافي… زعيم الفكاهة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بانوراما الصيف: رائد الأغنية الأمازيغية 5

بانوراما الصيف: معاني شيوخ الكلام (الحلقة الحادي عشرة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات