المغرب مدعو إلى فتح ملف تصفية التراكم السلبي تجاهه في الاتحاد يتطلع المغرب إلى إحداث دينامية جديدة في الاتحاد الإفريقي من أجل إقناع الأغلبية بأن هناك تناقضا بين عضوية "الدولة الصحراوية" وبين مبدأ تقرير المصير وفق قرار الأمم المتحدة 1514 وفقرته السادسة، وأن الأفضل تجميد هذه الوضعية لفك هذا الإشكال القانوني والسياسي، وذلك بالارتكاز على حقيقة مفادها أن عدد المعترفين بالكيان الوهمي داخل المنتظم القاري قلة قليلة. ودعا الموساوي العجلاوي، أستاذ التاريخ المعاصر بمعهد الدراسات الإفريقي، إلى ضرورة فتح ملف تصفية التراكم السلبي تجاه المغرب في مؤسسات الاتحاد الإفريقي، خاصة ما تعلق بـ"إنتاج" مجلس الأمن والسلم، مع الدفع في اتجاه تغيير أو حذف منصب مبعوث الاتحاد الإفريقي لملف الصحراء، لأن المغرب أصبح عضوا، وطرح المسألة في لجنة غير منحازة تتولى تدبير نزاع الصحراء داخل الاتحاد الإفريقي. ونبه العجلاوي في تصريح لـ "الصباح" إلى أهمية الإسراع في تدبير كيفيات ونجاعة الحضور المغربي داخل الاتحاد الإفريقي، وذلك بالتركيز على ما جاء في إحدى الخطب الملكية أخيرا من ضرورة تبني القراءات الإستراتيجية للعمل المغربي في القارة الإفريقية، والمعارك المقبلة تتطلب النفس الطويل، بالإضافة إلى تفعيل دور المؤسسات المنتخبة محليا ووطنيا، وبذل جهد أكثر من لدن المنتخبين لفهم جغرافية وتاريخ إفريقيا ومعرفة التحولات السياسية ومكونات الأصدقاء والخصوم والطروحات، والنقاش الذي يجري في الساحة الوطنية، أظهر الحاجة إلى بناء "معرفة إفريقية" خاصة لدى المنتخبين والنخب السياسية والنقابية. واعتبر المتحدث أن عودة المغرب تتويج للدبلوماسية الملكية في القارة، إذ فاقت زيارات الملك لعواصمها الأربعين بمئات الاتفاقات ومذكرات التفاهم، والتي فتحت الآفاق أمام المقاولات المغربية في إطار نموذج جديد وهو التعاون جنوب - جنوب والربح المشترك. ومن خلال قراءة سريعة لمئات الاتفاقات المبرمة بين المغرب وبين دول إفريقية جنوب الصحراء، نجد أنها مست الاتصالات والبناء والأشغال العمومية والبنى التحتية والمصارف والتأمين والسياحة والخدمات، مقدما النموذح بإفريقيا الفرنكفونية، التي يستقر فيها الاقتصاد المغربي بشكل قوي، إذ سجل أن نسبة التطهير الصلب والسائل لا تتجاوز 20% ونسبة الكهربة لا تتعدى 35% و" البنكنة" لا تفوق 15% حيث إن 100 ألف مواطن يستفيدون فقط من ثلاثة مكاتب مصارف، وقد يكون هذا وراء سر الانتشار القوي للبنوك والمصارف في أكثر من 40 دولة إفريقية. وينتظــــر أن تواجه تمثيلية المغرب العائد إلى الاتحاد مهام تدبير تحديات ستطفو بين الثقل القاري للمغرب اقتصاديا وماليا وبين الحضور السياسي في الاتحاد الإفريقي، وذلك بإيجاد التوازن الضروري "كي لا يحصل ضـــرر سواء في الحضور المغربي في هذا البلد أو ذاك، أو حضوره في مؤسسات"، ومواكبـــة التحـــولات الطارئة في موازين القوى داخل القـــارة، وهي التي قــد تفسر لماذا برمج المغرب عودته في هذه الفترة، ذلك أن الســؤال الجوهــري في الفتـــرة المقبلة سيكون مرتبطا بقدرة المغرب على قيـادة إفـــريقيا في ظل تراجع جنوب إفريقيا والجزائر وانشغال مصر بمشـــاكلها الداخلية، ودخول جـــل دول شمـــال غرب إفريقيا منطقة اضطراب قوية. ياسين قُطيب إعادة طرح مشروع الحكم الذاتي تساءل العجلاوي عما إذا كان التحول المغربي من المجال الأنكلوفوني إلى الفرانكوفوني سيتيح إمكانية إدارة الأحداث انطلاقا من علاقات المغرب الكلاسيكية في إفريقيا الغربية والوسطى؟ أو من علاقاته الجديدة في إفريقيا الشرقية والجنوبية؟ أم من أفق قاري يتجاوز المجالات الجغرافية؟ هذا أمر يقلق حاليا ثلاث دول، وهو ما يفسر التصريحات المتناقضة أو العدوانية، ناهيك عن تصريحات لدول إقليمية توظف الورقة المغربية لفك اشتباكات داخلية، مشددا على ضرورة إعادة طرح مشروع الحكم الذاتي داخل الاتحاد الإفريقي، رغم أن الأمر يتطلب تطوير النظام السياسي بكل مكوناته، ليكون نظام الجهوية والحكامة والتعدد وتدبير الاختلافات الداخلية نموذجا يعتد به لدى الجيران خاصة، وفي إفريقيا عامة.