مشردو “بويا عمر” يجترون معاناتهم بالجديدة

نزلاء قسم الأمراض النفسية يشتكون ضعف التغذية وغياب وسائل الترفيه لا يخلو أي حي من أحياء الجديدة من مريض أو متشرد، دفعته ظروفه، قسرا، أو كرها إلى الخروج من بيت العائلة، بحثا عن آفاق تتيح له التصرف والعيش على سجيته. منذ زمان، عرفت شوارع وأزقة الجديدة نماذج من هؤلاء المرضى، إلى درجة أن سكانها ألفوهم واستأنسوا بهم وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من ثوابت المدينة، لكنهم لم يكونوا شرسين أو مندفعين حد العنف، منهم "أتا بلاص" و"التيباري الفضيحة". لم يكتف المسؤولون عن القطاع الصحي بذلك، بل رحلوا مجموعة من نزلاء ضريح "بويا عمر"، وحولوهم على قسم الأمراض النفسية والعقلية بالمستشفى الإقليمي القديم، ووضعوا تحت مراقبة طبيبة وأربعة ممرضين، موزعين على قاعتين كبيرتين، يعيشون في ظروف مزرية، في غياب النظافة والعناية والتغذية اللازمة. وفي زيارة لـ"الصباح"، استمعت للعديد منهم حول معاناتهم اليومية. وقال عبد المغيث الناهي، المتحدر من الدار البيضاء، الذي يبدو في كامل قواه العقلية، "تابعت دراستي إلى السنة الخامسة ثانوي وأصبت بمرض عرضي ووجدت نفسي مرميا دون إرادتي ببويا عمر. ونقلت رفقة بعض زملائي وزج بنا هنا بهذا المستشفى، داخل قاعة كبيرة باردة لا نغادرها أبدا، بل نمنع في الليل من التردد على المراحيض ونقضي حاجاتنا في سطل، نعاني قلة وضعف الأكل، الذي يقتصر فيه المسؤولون على "السباكيتي". ونقضي 24 ساعة على 24 بهذه القاعة، محرومين من مشاهدة حتى التلفاز". وتدخل ياسين ميثاقي وأشار إلى أنه قضى 20 سنة بإيطاليا ووضعه أهله ببويا عمر وحول بعد ذلك إلى آسفي ومنه إلى الجديدة. واتهم المسؤولين بعدم إيلاء اهتمامهم لمرضى المستشفيات. وأضاف أنه وبقية المرضى يقضون أيامهم فوق السرير ممنوعين من الخروج، مؤكدا "ما كاين والو في هذا السبيطار، كاين غير كول ونعس". واستغلت "الصباح" خروج المسؤولة عن القسم، حين كان النزلاء يطلون عبر نافذة القاعة الكبيرة المطلة على بهو المستشفى الإقليمي، واستمعت لمحمد فنيدي المتحدر من البرنوصي، الذي أكد أنه كان نزيلا بالقسم 36 ببرشيد ونقل بعد ذلك من قبل أهله إلى "بويا عمر" وكانوا يخصصون مبلغ ألف درهم لأحد أحفاده. وقضى به مدة قبل أن يجد نفسه بالجديدة. وتبين من خلال حديثه أنه يتمتع بكامل قواه العقلية، إذ سرد مسار حياته بتفصيل، مشيرا إلى أن والدته توفيت سنة 2004 ووالده سنة 2009، وأنه استغل الفرصة وفر من المستشفى وعاد إلى بيت والده لكنه فوجئ بتغيير القفل واضطر إلى المبيت بالشارع. ورفض أهله استقباله حين طالب بحقه في الإرث، وأعيد من جديد إلى المستشفى. وكان لـ"الصباح" حديث مع جميلة التونسي، الطبيبة المشرفة على القسم نفسه، التي أكدت أن عدد المحالين على المستشفى الإقليمي من "بويا عمر"، لا يتجاوز عددهم 21 نزيلا وأنها تتابع حالتهم النفسية والصحية عن كثب وتحرص على متابعة علاجهم بانتظام. وصرحت أن قسم الأمراض العقلية والنفسية يستقبل المرضى من إقليمي الجديدة وسيدي بنور، وأن عدد الوافدين ازداد تزامنا مع وقوع كارثة دوار القدامرة بزاوية سايس، إذ بادر القياد إلى إرسال كل من ظهرت عليه بوادر المرض إلى المستشفى نفسه اتقاء وتجنبا لما قد يصدر منهم وعنهم من عنف. وطالبت الطبيبة نفسها من جمعيات المجتمع المدني بضرورة الانفتاح على هذا القسم وزيارة مرضاه النفسانيين لإخراجهم من وضعيتهم المرضية التي يعيشونها، بتنظيم حفلات وأنشطة ترفيهية واجتماعية لفائدتهم. وناشدت أهالي المرضى باستعادتهم عندما يسترجعون عافيتهم لاحتضانهم وإدماجهم في المجتمع من جديد. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

مشردو “بويا عمر” يجترون معاناتهم بالجديدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فيديو ... فوز الوداد على شباب أطلس خنيفرة

إدارات رخص البناء في مرمى المنعشين

مقالات ذات صلة