مدونة الأسرة… سوء الفهم الكبير

أحكام متضاربة عمقت تفكك الأسر وبيروقراطية أفرزت اختلالات "ومن بين القضايا الإدارية، الأكثر انتشارا، تلك التي تتعلق بتطبيق مدونة الأسرة، وما ينتج عن ذلك من مشاكل عائلية واجتماعية. فبعد مرور أكثر من 12 سنة، على إطلاق هذا الإصلاح المجتمعي، هناك من لا يعرف لحد الآن، مضمون هذا القانون، وما له من حقوق وما عليه من واجبات، وخاصة في أوساط المغاربة بالخارج. لذا، ندعو الحكومة وكافة المؤسسات المعنية، الإدارية والقضائية، لحسن تفعيله، ومواصلة التوعية بمضامينه، ومواكبته بالإصلاح والتحيين، لتجاوز المشاكل التي أبانت عنها التجربة والممارسة". كانت هذه الجمل التي تضمنها الخطاب الملكي الأخير لمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، ملخصا لما تعانيه شرائح من المجتمع بسبب سوء التطبيق لمدونة الأسرة والفهم الخاطئ لمضامين نصوصها، خاصة تلك التي وجدت بعض العراقيل في التطبيق ويأتي في مقدمتها ثبوت الزوجية ومساطر الطلاق للشقاق والأخطاء الكارثية التي تتضمنها بعض الأحكام والتي يصعب علاجها لأنها تصدر بشكل نهائي. فبعد أن عقد المغاربة الكثير من الأمل على مدونة الأسرة، بشأن تعديل أوضاع عاشتها الأسر المغربية خاصة مع الهالة التي أعطيت لها في البداية، بالنظر إلى أنها كانت نتاج عمل مشترك لهيأة مشكلة من العلماء ورجال القانون وجمعيات المجتمع المدني كلفها الملك محمد السادس بذلك، واعتبرت نتاجا متكاملا ساهم فيه جميع الفرقاء، ووضع عليها أمالا كبيرة في تحقيق نوع من الاستقرار الأسري، إلا أنه بمجرد دخولها حيز التطبيق بدأت تظهر عيوب ونقائص أغفلها واضعو المدونة، وبعيدا عن النصوص النظرية وقوتها، اصطدم الجميع بالتطبيق الفعلي على أرض الواقع، الذي أبان جميع النقائص التي تعتري المدونة، ولم تعد كما صورها البعض مثل مصباح علي بابا السحري. فالواقع اليومي أبان أن مدونة الأسرة مجرد أضغاث أحلام، لم يكتب لها أن تطبق على أرض الواقع التطبيق السليم، وما صاحب فصولها من الفهم الخاطئ الذي نجمت عنه اجتهادات، تستحق أن تكون موضوع متابعة في حالات معينة، فمثلا اعتبرت المدونة الطلاق إجراء استثنائيا لا ينبغي التوسع فيه، إذ نصت المادة 70 على أنه "لا يمكن اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية بالطلاق أو التطليق إلا استثناء وفي حدود الأخذ بأخف الضررين لما في ذلك من تفكيك الأسرة والإضرار بالأطفال"، فالقاعدة القانونية واضحة هنا وتؤكد أنه لا يمكن اللجوء إلى الطلاق بجميع أنواعه إلا تخفيفا للضرر، نجد أن الواقع غير ذلك وأن التفسيرات سارت في اتجاهات عدة، وضربت القاعدة القانونية. وأمام هذا الوضع أضحت هناك ضرورة ملحة تتمثل في مراجعة حقيقية لبعض نصوص المدونة وتعديلها بشكل يضمن استقرار الأسرة بشكل أوسع، يتم من خلال مزج ماهو قانوني بالجانب الأخلاقي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي. ك . م

مدونة الأسرة… سوء الفهم الكبير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأحمر... موضة الخريف والشتاء

التطبيق يخالف فلسفة المشرع

مقالات ذات صلة