محلات الرهان…البحث عن “ضربة حظ”

تعرف إقبالا ويتردد عليها الباحثون عن الثراء تتسع يوما بعد يوم قاعدة المغاربة الذين يبحثون عن «ضربة حظ» لتحقيق متمنياتهم وتغيير مستواهم المعيشي، بعدما يظفرون بمبلغ محترم من المراهنة وألعاب الحظ. يقابل هذا الإقبال انتشار لمحلات الرهان بمختلف أصنافها ما بين المراكز المرخص لها والعشوائية التي تنتشر في مختلف المناطق وتمارس نشاطها بنوع من السرية. تفتح شبابيك ومحلات صغيرة في بعض الأزقة المتوارية عن الأنظار، لكنها توجد أيضا في عدد من الشوارع المعروفة التي يكثر الإقبال عليها. بالموازاة مع هذه المحلات هناك أيضا بعض المقاهي والحانات التي تنظم ألعاب الحظ، خاصة المراهنة على سباق الخيول بفرنسا، إذ تشرع في استقبال الزبناء منذ التاسعة صباحا وإلى غاية الرابعة من بعد الزوال، بعدما تقفل حلبات السباق. انتشرت بالعاصمة الاقتصادية، إلى جانب المقاهي التي تقدم هذا النوع من الخدمات بطريقة قانونية وتتوفر على رخص لهذا الغرض، مقاه يزاول فيها الرهان على الخيول دون أن يكون لها أي ترخيص بذلك، وغالبا ما يقوم أشخاص ذاتيون، مقابل عمولة يؤدونها لأصحاب هذه المقاهي، بتنظيم وتدبير الرهانات. وينتشر هذا النوع من المقاهي في مختلف مناطق البيضاء، إذ يوجد بحي «بورغون» لوحده ثلاثة مقاه يمارس فيها هذا النوع من الرهان خارج أي مراقبة من قبل السلطات المعنية، وفي بعض الأحيان يكون برعاية منها، وهناك مقهى بالحي الحسني ووسط المدينة وفي مختلف الأنحاء، إذ تعد بالعشرات. فمن خلال شاشة التلفزيون التي تبث القنوات المتخصصة التي تقدم سباقات الخيول بالحلبات الفرنسية، تتم المراهنة على الخيول وتنشر النتائج في الوقت الحي عبر هذه القنوات. وإذا كانت شركة الرهان المتبادل الحضري المغربي (PMUM)، هي التي تتكلف بتعويض الفائزين في رهانات الخيول الرسمية، فإن في المقاهي التي تمارس فيها هذه النشاطات خارج الإطار القانوني، يتكلف بهذه المهمة بعض الأشخاص الذين تربطهم مع أصحاب هذه المقاهي علاقات ويؤدون لهم عمولات للسماح لهم بممارسة هذه المهمة. ففي كل صباح يأتي هؤلاء الأشخاص مصحوبين بمبالغ مالية، لذا يسميهم البعض بأصحاب الشكارة، ويتكلفون بتسلم مبالغ الرهانات من زبائن هذه المقاهي، وفي حال فوز هؤلاء، فإنهم، أيضا، هم من يتكلف بتعويض الفائزين. وهكذا يعوض هؤلاء الأشخاص الشركات المرخص لها بتنظيم الرهانات، مثل شركات الرهان المتبادل الحضري المغربي، والمغربية للألعاب والرياضات، واليانصيب الوطني... في مقاه أخرى يتم تنظيم أصناف أخرى من الرهانات من ابتكار أصحاب هذه المقاهي شبيهة بلعبة «لوطو»، إذ يختار المراهنون سلسلة من الأرقام ويبدأ منظم الرهان في إطلاق كرات صغيرة مرقمة بشكل عشوائي للحصول على سلسلة من ثمانية الأرقام، وهكذا يمكن للمراهن أن يربح الرهان إذا تمكن من الحصول على الأرقام التي خلصت إليها اللعبة، ويحدد قيمة الجائزة حسب عدد الأرقام المحصل عليها. ومن اللافت للانتباه أن هذا المجال لم يعد يقتصر على الجنس الذكوري، بعد أن اقتحمه الجنس اللطيف. تقول هند، التي كانت تملأ أرقام الخيول التي تراهن عليها في أحد المقاهي «العشوائية» لألعاب الرهان بالبيضاء، «إن إقبال الإناث على ألعاب الرهان على الخيول ضعيف جدا إذا ما قورن بإقبال الذكور «، مضيفة أنها وجدت نفسها بالصدفة في هذا العالم، موضحة أن زميلا لها في الدراسة طلب منها أن تقترح عليه ثلاثة أرقام، وكانت مفاجأتها كبيرة عندما أخبرها زميلها أن اقتراحاتها كانت صائبة، وأنه ربح مبلغ 4 آلاف درهم، فقرر أن يمنحها ألف درهم. وشكل ذلك بدايتها في هذا العالم، إذ منذ ذلك اليوم لم تعد هند تتردد في اللعب كلما سمحت لها الفرصة، غير أنها تؤكد أنها ليست من المواظبين على ذلك. عكس هند، التي تجعل من الرهانات على الخيول هواية تمارسها من وقت لآخر، فإن العديد من الأشخاص احترف هذا الميدان، وأصبح لا يفارق مقاهي المراهنة سوى عندما تنتهي آخر مسابقة للخيول المبرمجة في اليوم. هناك بعض الممارسين من أدى بهم الإدمان على الرهان إلى فقدان مناصب شغلهم وتشتيت عائلاتهم، إذ غالبا ما يؤدي هذا الإدمان إلى إهمال الممارسين لواجباتهم تجاه عملهم وأسرتهم. ويصبح هؤلاء، بعد فقدان كل شيء، بمثابة خبراء ومستشارين للممارسين الجدد، إذ يقترحون عليهم أرقام بعض الخيول مقابل بعض الدريهمات، على غرار «با العربي» الذي لا يبخل بنصائحه على المترددين على إحدى الحانات بشارع الحسن الثاني، ويحظى باحترام كل المراهنين. وأكد عبد الجليل أنه يقصد «با العربي» دائما، وفي أحيان كثيرة يتمكن على الأقل من استرجاع المبلغ المراهن به، مضيفا انه تمكن من ربح مبلغ 30 ألف درهم في ثلاث مناسبات كان نصيب «با العربي» منها 3 آلاف درهم. لكن أغلب هؤلاء المراهنين تتراوح المبالغ التي يكتسبونها ما بين 3 آلاف درهم و 5 آلاف درهم، التي غالبا ما يعاودون المراهنة بها حتى يخسرون أكثر منها، ما يجعلهم دائمي البحث عن «الضربة» الكبرى، التي ستمكنهم من الخروج من الحاجة والاستمتاع بحياة الرفاهية، في رحلة، غالبا ما تنتهي بهم إلى المجهول. 10 % يتعاطون الرهانات تشير المعطيات المتوفرة المستقاة من دراسات حول ألعاب الرهان إلىأن هناك حوالي 3 ملايين مغربي، أي ما يناهز 10 في المائة من المغاربة، يتعاطون ألعاب الحظ والرهان، وأن مليونا منهم يصنف على أنه لاعب منتظم يلعب مرتين على الأقل في الشهر، فيما يعتبر مليونان منهم لاعبين مؤقتين يتعاطون لتلك الألعاب ما بين 3 إلى 4 مرات على الأقل في السنة. لكن هذه الأرقام تهم فقط القنوات الرسمية المرخص لها تنظيم هذا النوع من النشاط، في حين أن هناك العدد الحقيقي للذين يزاولون الرهان يتجاوز هذا الرقم بالكثير. ويكفي القيام بجولة في عدد من مناطق وأزقة البيضاء للاطلاع على حجم الظاهرة، التي تجتاح كل المدن المغربية. عبد الواحد كنفاوي

محلات الرهان…البحث عن “ضربة حظ”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صور حصرية لحادث انقلاب سيارة الشرطة وبها سجناء بعكاشة قبل ساعات

تأخر فتح داخلية يؤرق تلاميذ بالحسيمة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات